على مشارف العام الجديد.. حمام الدم مستمر

iman-moustafa-2015

موقع إنباء الإخباري ـ
إيمان مصطفى:
كان هذا العام حاراً في أمكنة عديدة من العالم, ففي منطقة الشرق الأوسط وحدها بلغت المواجهات الدامية في العراق وسوريا واليمن حدوداً أصبح معها تعداد الضحايا هو وحده ما يميز يوماً عن يوم, بشراسة العنف الممارس فيها.
وفي فلسطين يُكتب الكيان الفلسطيني المستقل بالدم كل يوم. وحتى ما جرى من أعمال ارهابية في باريس وروسيا فإنه كان كافيا ً ليكون هذا العام سنة الكوارث بامتياز.
هكذا يمكن وصف سنة 2015 المنصرمة, بما حفلت به من وقائع كارثية، أودت بحياة الكثيرين.
أبرز هذه الأحداث كانت حادثة مشعر منى. الكارثة الأكبر في تاريخ مواسم الحج، توثقها صور مأساوية للحجاج على مشعر منى وهم يتساقطون اختناقًا، ويتعرضون للتدافع في ظل عدم وجود منفذ للخروج، ووسط ضآلة عمليات الإنقاذ. خلفت الفاجعة وراءها جرحًا كبيرًا لمئات عائلات حجاج بيت الله الحرام، ورافقها افتتاح ملف خلافي جديد زاد التوتر القائم في العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران، التي نال حجاجها النصيب الأكبر من عدد الضحايا. ارتفع عدد ضحايا تدافع الحجاج في منى الذي وقع في الـ 24 من سبتمبر/أيلول ليبلغ 2236 حالة وفاة، استناداً إلى أرقام أعلنتها الدول التي فقدت حجاجاً في الكارثة. سبقها بإسبوعين حادثة مأساوية أخرى في المدينة المقدسة بداية موسم الحج، إثر سقوط إحدى الرافعات ـ المشغّلة في مشروع التوسعة ـ على المتواجدين داخل الحرم المكي، وأودت بحياة 111 شخصاً. وقد نفى التحقيق الرسمي وقتها المسؤولية الجنائية للحدث، عازيًا الأسباب إلى سوء الأحوال الجوية واشتداد الرياح.
وفي العراق أعلنت بعثة الأمم المتحدة إلى العراق (يونامي)، أن 29 ألف شخص سقطوا بين قتيل وجريح خلال العام 2015، غالبيتهم من المدنيين، فيما اعتبرت منظمات محلية عراقية مختصة أن العدد أكبر مما أُعلن عنه.
وذكر بيان صحفي للبعثة، أن “ما مجموعه 11 ألفاً و118 شخصاً قتلوا، وأصيب 18 ألفاً و419 آخرون في العراق، خلال عام 2015، من جرّاء تفجيرات وأعمال عنف مختلفة تبنّى داعش القسم الأكبر منها في العاصمة بغداد، والمحافظات الشماليّة والغربيّة”.
وأوضحت البعثة، أنّ “أشهر شباط وآذار وحزيران وتموز وآب، هي أكثر الأشهر دموية من حيث عدد القتلى والجرحى في العراق، سقط أغلبهم بتفجير سيارات مفخخة وعبوات ناسفة وهجمات انتحاريّة”.
من جهته، اعتبر المسؤول في قسم الطبابة العدلية في مدينة الطب ببغداد الدكتور إحسان محمود، أنّ “الرقم الذي أعلنت عنه الأمم المتحدة لا يمثل إلّا جزءا بسيطاً من ضحايا العنف في البلاد”.
وقال محمود، إنّ “قسم الطبابة العدليّة في مدينة الطب يتسلم في الأيّام الاعتياديّة، التي لا تعدّ من الأيّام الدمويّة عشرات الجثث، والتي تودع في البرّادات”، مبيناً أنّ “الرقم يزداد إلى أضعاف خلال الأيّام الدامية، وعلى مدى سنوات كاملة تتكوّن حصيلة قتلى كبيرة جدّا، تزيد أضعافاً عن حصيلة الأمم المتّحدة”.
على صعيد متصل، أكدت منظمة “حياة” العراقية لحقوق الإنسان، إن الرقم المعلن شمل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وأسماء الضحايا ضمن سجلات وزارتي الصحة والداخلية.
وقال رئيس المنظمة محمد خالد إن “الأمم المتحدة لم تحتسب ضحايا القصف الجوي، ولا العمليات العسكرية أو جرائم داعش بحق المدنيين، في شمال وغرب العراق، الخارج عن سيطرة الدولة”.
هذا وقد افاد مصدر في شرطة نينوى أن عناصر تنظيم داعش الإرهابي، ومنذ احتلالهم الموصل في العاشر من حزيران/ يونيو من العام الماضي, أعدموا نحو837  امراة بحسب إحصائيات مركز الطب العدلي الشرعي في الموصل الذي تسلم جثث تعود لهؤلاء النسوة منذ احتلال التنظيم للمدينة”، وأضاف أن التنظيم أقدم على إعدام غالبيتهن رمياً بالرصاص بعد موافقة المحكمة الشرعية لداعش على إعدامهن ومن ثم تسليم جثثهن للطب العدلي الشرعي بالموصل”.
أما في فلسطين فقد قالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الشهر الحالي أن 169 عملية فدائية بطولية وقعت منذ بداية انتفاضة القدس، بداية تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، أدت لمقتل 22 “إسرائيلياً”، وجرح 274 آخراً.
وأضافت، الصحيفة، أن 95 إصابة بالذعر جاءت نتيجة هذه العمليات البطولية.
ومنذ انتفاضة القدس، قضى أكثر من 120 شهيداً وجرح واعتقل المئات منذ بداية الانتفاضة، معظمهم جرى إعدامهم بشكل مباشر.
وقد أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، قتل خلال الشهرين الماضيين 19 طالباً، واعتقل 102 من الطلاب و9 معلمين.
وقالت الوزارة في تقرير لها نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن عدد الجرحى من الطلاب الفلسطينيين جراء اعتداءات الاحتلال الاسرائيلي بلغ 462 طالباً إضافة الى 33 معلماً… وبلغ عدد المعتقلين 102 طالب وطالبة و9 معلمين، كما تم احتجاز 17 معلما ومعلمة و21 طالبا وطالبة.
وكشف التقرير عن تعرض 27 مدرسة لـ 45 اعتداء من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي… مشيراً إلى أن الانتهاكات المتمثلة في إغلاق الحواجز، والاقتحامات، وتأخير المعلمين عند الحواجز وتعطيل المدارس، نتج عنها هدر 7479 حصة تعليمية.
في اليمن أكثر من 1800 قتيل وما يناهز 5 آلاف جريح من المدنيين سقطوا ضحايا غارات وقصف طائرات التحالف الذي تقوده السعودية منذ السادس والعشرين من آذار/ مارس الماضي. إحصاءات كشفها الائتلاف المدني لرصد جرائم العدوان.
وفي سوريا ما زال سقوط الضحايا مستمراً في ظل التطورات العسكرية، وما زال المدنيون يشكلون النسبة الأعظم من الضحايا بما فيهم الأطفال والنساء، وما زال القصف بمختلف الأسلحة يستهدف الأحياء المدنية. وقد بلغ عدد الضحايا منذ بدء الحرب عام 2011 حوالي 210060ضحية.
وفي نيجريا سقط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح بهجوم شنته القوات النيجيرية على منزل زعيم الحركة الإسلامية في البلاد الشيخ إبراهيم الزكزاكي بهدف اعتقاله. حيث شنت القوات الأمنية هجومها فجراً وأطلقت النار على الحاضرين في منزل الشيخ الزكزاكي، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا، بالإضافة إلى العشرات من ضحايا الانفجارات التي تشهدها المنطقة دائماً.
للغرب نصيب من الضحايا أيضاً، فقد عصفت بالعاصمة الفرنسية باريس في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، سلسلة هجمات دموية متزامنة في ستة مواقع مختلفة، أسفرت عن مقتل 129 شخصا على الأقل، وإصابة قرابة 352، أعلن على إثرها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حالة الطوارئ في البلاد ودعا الجيش للنزول إلى الشارع للمساهمة في حفظ الأمن.
وفي سجل الضحايا يمكن إيراد ما أسفرت عنه حادثة الطائرة الروسية المنكوبة في سيناء والتي راح ضحيتها 224 راكباً.
وتعددت الروايات حول تحطم الطائرة الروسية في مصر، فالبعض رأى أن الحادث سببه عطل تقني، ورجّح البعض أن يكون شخص مؤيد لتنظيم داعش، قد زرع قنبلة في الطائرة. وقد تصاعدت أرجحية أن يكون عملاً إرهابياً أدى إلى سقوط الطائرة بعد أن أكد متحدث باسم مجموعة “إيرباص”  أن التحقيقات خلصت إلى أن سقوط الطائرة التابعة لشركة متروجيت السياحية الروسية لم تكشف عن أي إجراء تقني لدى المجموعة، ما يشير إلى أن أنظمة الأمان لا عيب فيها. مسافة أيام تفصلنا عن العام الجديد، وما زال مسرح الدماء هو الطاغي والحدث الأبرز في العالم, فهل سيشهد مطلع العام الجديد انفراجات وحلولاً تحرر العالم من أنقاض الركام؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.