عودة الرئاسة إلى الواجهة

موقع العهد الإخباري-

د. زكريا حمودان:

تقع العديد من الأحداث الغريبة في لبنان في مجالات السياسة والمال والاقتصاد، ولكن الأمر المدهش هو أن كل شيء يتحول في هذا البلد من الاستثناء إلى القاعدة، وفي بعض الأحيان تتحول بعض القضايا الشاذة عن الطبيعة إلى أمور طبيعية.

الأمر الاستثنائي اليوم هو أننا نعيش في أزمة مالية – اقتصادية مع إصرار لدى البعض على البقاء في الفراغ الرئاسي دون الذهاب حتى إلى حوار أو بحث حقيقي عن الحل. في المقابل، كان من المفترض أن يكون السياق الطبيعي الغالب، هو وضع كل القضايا الجانبية بعيدًا عن حيز النقاش، والتكاتف والتكتل حول قضايا البلد، وعدم الخروج من محيط الحل السياسي قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

منذ دخول لبنان في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، مرورًا بفترة الفراغ الرئاسي، لم تتخذ سوى بعض الخطوات مؤخرًا والتي أدت الى تحريك عجلة الانتخابات الرئاسية.
قد يقرأ البعض قرار كتلة الوفاء للمقاومة بالاضافة الى موقف حركة أمل الواضح في تحديد مرشح الثنائي الذي يرغبب ايصاله الى رئاسة الجمهورية بالقرار المتسرع، لكن الأمر أن وضوح هذا الموقف أعاد ملف الرئاسة الى المقدمة، وحرر الملف القابع في آخر اولويات المؤثرين في بعض الكتل النيابية وأعاده الى المقدمة، بالتزامن مع تبدلات اقليمية متقدمة، وربما تبدلات دولية قريبًا كذلك الأمر.

الحاجة الدولية لانتخاب الرئيس

بعد فشل العديد من السفارات في لبنان في استهداف المقاومة عبر الداخل اللبناني، ظهرت الحاجة الدولية لانتخاب رئيس للجمهورية، فتلقفت فرنسا مؤخرًا الزخم الذي حظي به سليمان فرنجية داخليًا لتقوم بمقاربته اقليميًا ودوليًا، في المقابل عجزت باقي الكتل النيابية عن التوافق على اسم موحد يستطيع الذهاب الى البرلمان لمواجهة فرنجية.
ما حصل مؤخرًا أثبت الحاجة المُلحة لدى الدول المعنية بالملف اللبناني للتحرك نحو تفكيك العقد، خاصة أن الدول الاساسية هذه لديها مصالح جيو-اقتصادية بعيدة الأمد في لبنان.

عودة الحراك المسيحي تجاه الرئاسة

ربما لم يستطع البطريرك بشارة بطرس الراعي جمع النواب المسيحين أو من أمكن منهم للتشاور معهم في الملف الرئاسي، ولكن من المؤكد أنه لم يستسلم أبدًا وأرسل موفدًا جال بجدية عالية على الكتل النيابية، واختتم جولاته بتصور قد يساهم في تشكيل خرق في جدار الأزمة.
جولات المطران انطوان ابو النجم والدعوة يوم الأربعاء المقبل للنواب المسيحيين من قِبَل البطريرك بشارة الراعي قد تشكلان خطوة نحو تحقيق تقدم أو خرق على الساحة المسيحية في ملف الرئاسة، خاصة أن الاشارات الخارجية باتت أكثر وضوحًا بالنسبة للنواب فيما يخص الحاجة الدولية لانتخاب رئيس للبنان.

في الخلاصة، اليوم عادت انتخابات الرئاسة الى الواجهة بعد الحراك الفرنسي-السعودي والمواكب للتطورات الاقليمية برمتها، فهل يتلقف البعض هذه الايجابيات للاسراع في تقديم الحلول في ملف رئاسة الجمهورية؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.