في الهرمل وجوارها.. مع الناس والحياة المستمرة

qasrentrance-inbaa

موقع إنباء الإخباري ـ
ساجدة شاهين:
بعد جولة في طيات بعض المقالات، وقبيل جولة ميدانية مخطّطة، كانت الصورة مختلفة.
كانت الصورة التي تكوّنت في أذهان الناس. وفي ذهني أيضاً، أن الهرمل وبلدات الجوار الأقرب منها للجانب السوري، الذي كان على خطوط التماس الاقتصادي السياحي، أصبحت أشبه بصحراء قاحلة من أهلها ولا أمل من نهضتها مجدداً.
قمت برحلة تفقّديّة لتلك المنطقة التي وضعها الإعلام على خطّ النار، من خلال المقابلات والإطلالات المباشرة على شاشات التلفزة والترويج لوجود عناصر من حزب الله على الحدود اللبنانية السورية..

hermel-class

ما وجدته والتقطته عدستي يدلّ على كل ما ينبئ باستمرار الحياة، بعكس ما ذكرته الوسائل الإعلامية، لا بل وعلى العكس من ذلك، وجدت كل ما أعايشه في أحياء وزواريب مدينتي (ضجيج، حياة، عجقة، فن وألوان) ومنتزهات تعجّ بروّادها المعتادين وصفوف مأهولة بالطلاب وامتحانات تُجرى.
في الهرمل الجو طبيعي تماماً، وفي القرى القريبة من الحدود، لا شيء مختلف، وصولاً إلى القصر.. على الحدود تماماً، كان لا بد من نقل الصورة من هناك.
بعض الأسئلة تكشف عن الحقائق، خلافاً لما يتداوله البعض:

hermel-class1

في بلدة القصر نلتقي مواطناً من آل قطايا ـ هو عم الشهيد علي حسن قطايا الذي استشهد بصاروخ أصابه مباشرة أمام منزله في البلدة ـ ونسأله:

_كيف يمكن لكم أن تصفوا الوضع في هذه المنطقة؟
يجيب بلهجته المحببة، وببساطته التي تنطلق من حبه للأرض التي وُلد ونشأ وكبر عليها:
والله الوضع يا بنتي متل منّك شايفة، قاعدين عم نشرب قهوة وعم نحوّش بهالزرعات، وعايشين و الحمد الله. وفي عنّا هالشهيد استشهد، كان جاي من بيروت، من عند أهله، خطيبته ساكنة حدّنا، أخدنا لهم ياه وردة وشهيد الحمدالله.

qasr-martyr

واللافت في حديثه تكرار قوله: تفضّلي يا بنتي حوّشي وكلي، هودي الخيرات أبتاكليش منهم ببيروت.

أسأله:
تناقلت بعض الوسائل أن  هناك حالات من الخوف و الذعر يعيشها أبناء المنطقة، هل لهذا الكلام صحّة أم هناك مبالغات؟ كيف تصفون الساعات الاولى لحظة وقوع الصاروخين؟
يجيب بصدق، لا يعرف التكلّف ولا المبالغة:
ما فيني قول إنه ما صار حالات خوف عند الاولاد، لأن ما معوّدين على صوت القذايف، بس الله يسّر، وبعد ما وقع الصاروخ حد بيتي كنت مطلّعهم لبرا والحمد الله ما حداش سايل (أصابه شيء).

المنطقة التي تجاهلتها وسائل الاعلام انمائياً وحياتياً نرى اليوم أنها أصبحت محط أنظار، ماذا تقولون لهذه الوسائل؟

يردّ المواطن ابن المنطقة التي عانت الكثير من الإهمال.. وما تزال تعاني: لهيدي الوسائل بدي قول لما تجو تشوفو معاناتنا، لما أولادنا ينتقلو من منطقة لمنطقة ليتعلموا، ولما تشوفونا وقت الشتوية كيف منقطع طرقان لنعلّم الاولاد، ساعتها تعوا غطّوا الأحداث. بس هلّأ ما عنا شي، وما خايفين من حدا وأرضنا مش رح نتركها.

qasr-people

نختم جولتنا في القصر، بمشاهدات أقل ما يقال فيها إنها تدل على أن الحياة باقية هناك، كما كانت سابقاً.. بكل معاناة التجاهل من الدولة، وبكل ما فيها من قساوة.. ولكنها باقية.. بالرغم من محاولات قوى الشرّ اقتلاعها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.