في بلد الهيئة والدعوة والإرشاد! ملحدون في السعودية

saudi-nationalday

مركز قضايا الخليج للدراسات:
مذكرة أمريكية رسمية الملك فهد أبلغ الأميركيين بأنه ليس مقتنعاً بالإسلام لأنه دين الإهتياج, ويرفض النظام المَلَكِي؛ وأنه يتمنى أن يؤول هذا الدين والقيود التي يفرضها إلى زوال. الحجاج بن يوسف الثقفي (41 ـ 95هـ) كان والياً من قبل الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان على مكة ثم على العراق. واشتهر عن الحجاج إسرافه في الدماء، وقد ضرب مكّة بالمنجنيق في حربه مع عبد الله بن الزبير، وشكى الأهالي في مكة والمدينة من قسوة الحجاج. وفي قصة مشهورة وقعت في زمن الحجاج: بينما كان يستعد لتجيهز الجيش لخوض معركة سمع صوت طفل يقرأ القرآن، وقد استوقفه الصوت، وكان الحجاج معروفاً بحفظه القرآن وتلاوته، فاقترب الحجّاج من الطفل وقال له: اقرأ علي مما تحفظ من كتاب الله. فقرأ الطفل (إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجا) فقال الحجاج: حسبك يا غلام لقد أخطات في الآية (يدخلون في دين الله أفواجا) وليس يخرجون من دين الله أفواجا، فأجابه الغلام: كان هذا على زمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، لكن في زمن الحجاج فإنهم يخرجون من دين الله، فبهت الحجاج من بلاغة الطفل وشجاعته.

ذاك كان في القرن الهجري الأول، أما في القرن الخامس عشر الهجري فثمة رواية أخرى مماثلة تذكر بعض تفاصيلها المذكرة التي رفعتها لجنتان تابعتان للخارجية والكونغرس في بداية عهد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون (وصل الى البيت الأبيض العام 1992). جاء في المذكرة أن الملك فهد أخبر أحد أعضاء اللجنتين بأنه ليس مقتنعاً بالإسلام لأنه، بحسب رأيه، دين الثورة (الإهتياج) ويرفض الملكيّة كنظام سياسي. فالقرآن ينص على (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها) (سورة النمل ـ 34). ولهذا السبب، فإن الملك منع تلاوة سورة النمل وسورة الكهف، وكل السور التي تدعو للعدالة والمساواة. وبناء على المصدر نفسه، فإن فهد أبلغه: (أصدرت أوامر للمطاوعة بإنزال أقسى العقوبات بأفراد الشعب، بما قد يجعلهم يكرهون الدين كله، وإنزال عقوبة أيضاً بالمسيحيين، العاملين في السعودية، بتهمة التعرّض للدين). وينقل العضو عن الملك فهد قوله (أتمنى ان يؤول هذا الدين والقيود التي يفرضها إلى زوال).

إذاً، فإن ما تمناه الملك فهد أصبح واقعاً، وعلى أيدي (المطاوعة)، فظاهرة التمرّد على الدين والارتداد تتمدّد في المحيط الذي نشأت فيه الدعوة الوهابية، وكرد فعل على تشدّدها. ما نقرأه من قصص المتمرّدين ينبىء عن أن المطاوعة والمشايخ المتشدّدين يشكّلون عاملاً رئيسياً في انقلاب كثيرين على الدين بنسخته الوهابية، بسبب صرامة المعتقدات، وجفاف الروح الإنسانية التي جعلت من الدين مصدر شقاء وليس عنوان محبة وسلام وأمن.

فقد تحوّلت (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وبفعل الانتهاكات المتواصلة والمنظّمة لحقوق الآدميين وخصوصياتهم، الى أحد العوامل الرئيسية في خروج الناس عن الدين (بما يحقق أمنية الملك فهد ومن قبله وبعده). القصص التي تنقلها المواقع الحوارية على الشبكة تبعث على الإزدراء من سلوك المؤسسة الدينية برمتها، ومن يقف ورائها من أهل الحكم.

نشر موقع (ساحاتنا) على شبكة الإنترنت في 24 إبريل الماضي حادثة ذكرها أحد أعضاء المنتدى وكان شاهداً عليها وقعت له قبل إسبوعين من تاريخ النشر. يقول مانصه:( شباب صغار 18 و19 سنة (كانوا) خارجين من مطعم حوالي (الساعة) العاشرة، توقفت (الهيئه) بجانبهم وبدأ عضو (الهيئه) يستهزئ بلباسهما وردّا عليه فنزل من السياره، وبدأ العنف الجسدي، وحملوهما للمركز تاركينهما 8 ساعات في العراء، ووقتها كان مطراً ورجال الهيئه تحت المظله، أحدهما كان يريد الحمام ولديه مشكلة بالقولون ورجل الهيئه يقول له: جعل قولونك ينفجر!

أخذوا ـ أي رجال الهيئةـ جواليهما وقلّبوا كل الصور بهما بما فيها صور أهليهما! وأجبروهما على التوقيع على ما لافعلا!! ولم يسمح لهما بالإتصال بأهليهما حتى السابعة صباحاً وتمت إحالتهما للشرطه ومنها الادّعاء العام وبعدها أخرجا بكفالة، وقام الإدّعاء بحفظ القضيه!!) الخلاصة كما يقول المصدر وهنا بيت القصيد: (والله إن أحدهما كان لايترك الفروض الخمسة بالمسجد ومن يومها لم يقرب المسجد! الاثنين كرها البلد والنظام الذي يحمي هذه الممارسات ومصرّين على مواصلة الدراسة بالخارج وعدم البقاء).

وصورة أخرى نقلها موقع (الوئام) على الإنترنت في 22 إبريل عمّا جرى في مركز الهرم (النسيم) التجاري في الرياض. وجاء في خبر الموقع بعنوان (مضاربة وفوضى بطلها رجل هيئة)، لم يدر في خلد المواطن (ح . الحربي) وهو يرافق والدته وشقيقته الكبرى بسوق (الهرم بحي النسيم بالرياض) بأنه سيقضي ليلته في سجن مركز المنار بالرياض بلا ذنب يستحق أو جريمة إرتكبها بحق وطنه أو الآخرين.

وفي التفاصيل، بحسب الموقع، حضر شاب تظهر عليه ملامح الإلتزام في مقتبل العمر بدأ بجولة على السيارات المتوقفة أمام مركز التسوق مع انتهاء صلاة العشاء ويطالب الجميع بمغادرة الموقع للصلاة وكان الشاب (ح الحربي) قد ركب سيارته ولحقت به والدته وشقيقته لركوب السيارة بانتظار فتح المحل لإعادة إحدى القطع التي تم شرائها ولكن المفاجئة كان ذلك الأسلوب القاسي الذي انتهجه الشاب الملتزم والذي عرّف بنفسه بأنه من رجال الهيئة وحدث تلاسن قاس فيما بينهما لتنتهي المشكلة بعد تدخل الحضور.

ومع افتتاح المركز التجاري، وأثناء حديث مراسل موقع (الوئام)، مع الشاب ح. الحربي حول الحادثة وقعت مداهمة أخرى قام بها رجل الهيئة نفسه وهو في حالة عصبية شيدة ليهاجم الشاب ويتهمه بأنه أسقط شعيرة من شعائر الإسلام، ويجب أن يعاقب ويتم اقتياده إلى مقر الهئية فوراً (لتأديبه) وحاول الحضور فك الخلاف إلا أن رجل الهيئة بدا متعنتاً ومترصداً للشاب وعائلته من خلال مطاردته له في أكثر من موقع.

يضيف الموقع: بأن شاهدي عيان حاولا تهدئة رجل الهئية وبينا له أن هنالك ظروفاً قد تمنعه من إقامة الصلاة بوقتها، فربما يكون الرجل مسافراً فجمع صلاة العشاء بالمغرب وليس لكم حق في استخدام هذا الأسلوب المنفّر من الدين ومشاجرة هذا المواطن أمام والدته التي بدأ عليها التعب والانهيار، عندها قام رجل الهيئة بسحب الشاب مما تسبب بدفع والدته التي سقطت أرضاً أمام الحضور وحصلت هنالك مشاكل ومضاربات بعد تدخل رجل عسكري مرافق للهيئة وكذلك رجل الهيئة الآخر وحدثت مشاكل عديدة في المحلات الخارجية وسط صياح من النساء وترويع للأطفال المتسوقين.

لم ينتهِ السيناريو بعد، فيبدو أن رجل الهيئة أصّر على تصعيد الموقع، ويقول شاهد عيان: قمنا بإخراج الشاب من السوق وركب سيارته وترافقه عائلته إلا أن المفاجأة هي انطلاق سيارة الهيئة من الجهة الأخرى لتوقف سيارة الشاب (ح الحربي)، والذي فقد أعصابه وبدأ في حالة غضب عارمة وصراخ كبير وفشلت محاولات والدته لتهدئته وقام بعكس المسار بطلب من الحضور وعندما قفز فوق الرصيف تفاجأ بسيارة أخرى للهيئة تحاصره وتوقف عندها وهو في حالة من الغضب، وشهد الموقع تجمهر عدد كبير من المواطنين والمواطنات وقامت النساء المتسوقات بإطلاق هتافات تطالب رجال الهيئة بالخوف من الله وترك المواطن المغلوب على أمره فلم يفعل شيئاً يستدعي كل ذلك. ويقول أحد الشهود: بعد حضور سيارة الهيئة الأخرى قال أحد المواطنين أنا شاهد على كل ماحدث وسوف أسجل شهادتي في مركز الشرطة نظراً لتجاوز البعض حدوده واستغلال نفوذه في ظلم الآخرين ليقوم العسكري المرافق بمهاجمة الشاب (الشاهد) والقبض عليه وإرغامه على الركوب بسيارة الهيئة، لأنه ذكر أنه سيشهد بالحق على تجاوز رجل الهيئة مما تسبب بحالة من الفوضى والإرباك للمتسوقين وعلى الفور ذكر العديد من المواطنين أنهم مستعدون للشهادة ضد تصرف رجال الهيئة..

ماجري في (النسيم) ليس استثناءً، فبإمكان المرء أن يعثر من خلال عملية واحدة في محرّكات البحث على شبكة الانترنت على فيض من القصص المماثلة، إن لم تكن أشد إيلاماً وهي شاهدة على تجاوزات المؤسسة الدينية بكل فروعها والتي أدّت في بعض الحالات الى القتل، والاعتقال التعسفي، والتعذيب الوحشي، والاهانات، والتشهير.

ماذا يمكن توقّع ردود فعل قطاع واسع من الشباب على مثل هذه التصرّفات التي تتم بإسم الدين، وماذا سيؤول حال الذين اعتنقوا الإسلام حديثاً، أو حتى سلكوا سبيل الالتزام الديني في وقت متأخر. لنقرأ ما أوردته دراسة صدرت مؤخراً عن مركز (أبواب) للإعلام ونشرت بتاريخ 18 إبريل الماضي. حيث حازت المواقع العلمية والإسلامية على نسبة صفر %، بالنسبة لاهتمامات السعوديين، والمواقع الإخبارية والصحفية على نسبة (4%) فقط، فيما استحوذت مواقع الخدمات على نسبة 36%، وذلك في دراسة شملت أول 50 موقعاً يتصفحها السعوديون على الإنترنت. واعتبر الباحث رأفت صلاح حصول المواقع الإسلامية على نسبة صفر% أنها (نسبة متدنية للغاية في مجتمع نسبة المسلمين فيه 100% تقريباً). وأشار إلى أنه (من خلال 50 موقعاً يتصفحها السعوديون لا يوجد فيه موقع إسلامي واحد)، وعد الأمر (مخيفاً للغاية لاسيما أن أول موقع إسلامي يتابعه السعوديون يأتي في الترتيب الـ143 وهو موقع (طريق الإسلام). وأوضح صلاح أن (هذا يدل على حال واهتمامات المتصفحين السعوديين، وهو أمر جدير بالتأمل حيث يفترض أن تمثل السعودية في نفوس العرب والمسلمين وصفاً مقدساً، مستمداً من الأرض المقدسة والمستوى الديني في السعودية). وفي تعليقة على اهتمام المتصفّحين السعوديين للمواقع الإخبارية والصحفية والتي بلغت نسبة (4%) فقط، يقول الباحث: (تعد نسبة ضئيلة جداً، إذا وضعنا في اعتبارنا أن 96% من المتصفحين السعوديين لا يكترثون بما يحدث حولهم).

يعلّق أحد كتّاب المواقع الحوارية السعودية متسائلاً:هل أن الضغط والوعظ الديني أثبتا فشلهما ففرّ الشباب إلى الضفة الأخرى كي يعيشوا مثل بقية الناس؟ ويجيب بـ: نعم، ويمضي في أسئلته: هل الازدواجية والعيش بأكثر من وجه تجرّ المجتمع إلى هوية أخرى وإلى نمط آخر من الحياة غير مبالين بما يتلقون كل يوم من أفكار لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تملأ الفراغ المادي الذي هو ضرورة يصعب تجاوزها فالحياة ليست كلها روحية؟ ويجيب كذلك بـ نعم.

في مقالة مطوّلة للشيخ عائض بن سعد الدوسري بعنوان (عقولنا تحت القصف) نشرتها مجلة (المنار الجديد)، عدد شوال 1429، أكتوبر 2008 ما يلفت إلى ظاهرة التمرّد على الدين وسط الشباب في منطقة نجد. يقول الشيخ الدوسري بأنه تلقى اتصالاً قبل سنوات من شاب مبدياً رغبتة الشديدة في مقابلتي بصورة شخصية. يقول: وكان أولَ شيءٍ استوقفني منه مظهرُه، الذي يوحي أنه شاب متدين فاضل. بدأ الشاب في طرح أسئلة تدور حول (المسائل الوجودية الكبرى) وناقشني فيها.. يستدرك الدوسري: كان ذلك منذ زمن، ثم ازداد اهتمامي بهذا الموضوع.. كنتُ أعتقد اعتقادًا جازمًا أن بلادي – السعودية – في منأى عن تلك الأخطار الفكريَّة، كان ذلك اعتقادي الراسخ حتى زمنٍ ليس بالبعيد..) وقد أرجع ما جرى لاحقاً الى عوامل خارجية: العولمة، والانفجار الثقافي الهائل.. والحرب الفكرية التي تشنّها جهات أجنبية، ودور القنوات الفضائي الخارجية..وأضاء في وقت لاحق على دور (تصرفات كثير من المتدينين والتي تحلّت بالقسوة والخشونة في التعامل مع الآخرين).

في ظل صراع التيارين الليبرالي والتقليدي، ثمة تيار شبابي، بحسب الشيخ الدوسري، (حديث، منقطع عن الجذور، ومتمرد على التصورات التقليدية والتنويرية، منكر للرب، هاجر للعبادات، ويقتات على النقد والصراع الجديد بين ما يُسمى بالمحافظين والليبراليين الجدد..). واعتبر الروايات التي تطرح بين حين وآخر ومن خلال الكتابات واللقاءات التلفزيونية والكتابات الحادة، والتي تصل إلى الإلحادية، أحد أبرز افرازات (البيئة التنازعية القلقة) كما يصفها. يقول: (لقد كنتُ أُشكك في انتماء كثير من تلك الأسماء – التي تكتب في تلك المنتديات – إلى وطننا، وكنتُ أظنهم أجانبَ يتخفون بالأسماء الوطنية؛ لتمرير أفكارهم الإلحادية، لكن بعد متابعة دقيقة لتلك المنتديات وتلك الأسماء، وطريقتها في الكتابة، ولغتها ولكناتها، وما كُشف منها عن طريق الصدفة، دلَّ دلالة واضحة أن كثيرًا منها ينتمي لنا ولبيئتنا، وهذه حقيقة مؤلمة جدًّا). ويضيف (ثم زاد قناعتي الجديدةَ رسوخًا، ما حدث لي شخصيًّا في السنوات الأخيرة، حيثُ قابلتُ واتصل بي كثير من الشباب الذي يُخفي إلحاده، أو على أقل تقدير شكوكه في كل شيء!).

وينقل الشيخ الدوسري من وحي تجربته الشخصية (لقد زارني – فقط – السنة الماضية (2007) في مدينة الرياض ما يُقارب ثمانية من الشباب، كلٌّ منهم على حدة، وهم – والله – من أذكياء الشباب، وعلى قدرٍ عالٍ من الثقافة العامة، وقد صارحوني بإلحادهم..). ويذكر مثالاً آخر عن (مجموعة من الشباب، يتجمعون كل نهاية أسبوع، ويعقدون جلسات فكرية، تُروَّج فيها الأفكار، وتوزَّع فيها الكتب الإلحادية. ومجموعة أخرى من طلاب التخصصات العلمية يُناقشون نظرية “تشارلز دارون” بإعجاب وإكبار، ويعبِّرون عن إيمانهم بها في ثوبها الجديد المطور، وأنه لا وجود لخالق لهذا الكون، وكل هذا بفضل ما تبثه بعض القنوات العربية، والمحسوب بعضها على السعودية). يضيف الدوسري (بعض هؤلاء الشباب الذين التقيت بهم، أخبَروني أن أصحابهم كثرة كاثرة..). وللعلماء نصيب في تكاثرهم (لقد حدثني أحد الشباب – الذين تأثروا ببعض الشبهات – أنه ذهب إلى أحد العلماء الكبار؛ كي يدفع عنه آثار تلك الشبهات بالحجج العقلية والنقلية، فإذا به يُصدم بهذا العالم الجليل وهو يطرده من مجلسه، ويُهدده باستدعاء الشرطة!).

ما يمكن الخروج به من المطالعة أن عوامل التمرّد على الدين هي:

ـ التشدد الديني وسوء استعمال السلطة الدينية

ـ الاستبداد السياسي خصوصاً ذاك المؤسس على مدّعيات دينية

ـ الانفتاح الثقافي والاجتماعي الناشيء عن العولمة

بعض المواقع الحوارية السعودية يشرف عليها ويشارك في مداخلاتها أفراد هم في الغالب من المنتمين سابقاً للتيار السلفي، ويشعر من يتصفّح هذه المواقع أن ثمة نزعة تمرّد تضطرم داخل جيل جديد من الناقمين على الدين، في ظاهرة لا تكاد تجد نظيراً لها في مواقع حوارية أخرى، والأخطر ما فيها أن الظاهرة تأخذ وتيرة متصاعدة، وتهدد الحصون التقليدية من الداخل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.