في ما يسمى بالمصالحة الفلسطينية

shaker-shubair

موقع إنباء الإخباري ـ
د. شاكر شبير:
عند تمحيص ظاهرة ما لدينا أو التدقيق فيها، فالسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو: هل لوضعنا الحالي نماذج تاريخية ذات ظرفية مشابهة، يمكن الاستعانة بها لنمذجة هذا الوضع؟
السلطة الفلسطينية يمسك بزمامها محمود عباس تحت رعاية حراب العدو الصهيوني، لذلك فهو ممسك بها بعد انتهاء ولايته. وكأن الشعب الفلسطيني قد انتخبه ملكا للأبد! هذه الحقيقة البسيطة تقول إن العدو الصهيوني هو الذي يقرر للفلسطينيين من يمثلهم! أليست هذه بحد ذاتها مهزلة؟!
سقف السلطة الفلسطينية هو حكومة فيشي الفرنسية. أليس كذلك؟ صحيح أن حكومة فيشي تعاونت مع المحتل، لكنها لم تصبح أداة طيعة بيد الاحتلال ليلاحق الفرنسيين، كما تفعل السلطة الفلسطينية حاليا تحت إدارة عباس؛ فكثير من المجاهدين الفلسطينيين، نجحت إسرائيل في استهدافهم وقتلهم من خلال ما يسمى بالتعاون الأمني بين أجهزة السلطة الفلسطينية وأجهزة مخابرات العدو الصهيوني!

والسؤال المطروح هو كيف نظر الفرنسيون إلى حكومة فيشي؟ حكومة فيشي كانت مسؤوله عن نصف الوطن، فهل كان الشعب الفرنسي يتطلع لتوحيد فرنسا تحت حكومة فيشي؟! ما هذا الهراء الذي نسمعه على أرض فلسطين؟! الشعب الفرنسي رأى في حكومة فيشي حكومة عميلة للمحتل، وعليه يجب إسقاطها ومحاكمة رموزها، نقطة أول السطر! فأسقط الشعب الفرنسي حكومة فيشي وقدم رموزها للمحاكمة العسكرية وعلى رأسهم لافال وبيتان. وحكم عليهما بالإعدام، ونفذ حكم الإعدام في لافال. أما بيتان الطاعن في السن، فقد أبدل الجنرال ديجول حكم الإعدام بتأبيدة، ومات في السجن.

آمل أن تكون بوصلتنا قد تعدلت من خلال استعراضنا لهذا النموذج التاريخي. ما هو الحل الأنسب للسلطة الفلسطينية، ويصب في مصلحة الشعب الفلسطيني أولا وآخيرا؟ بالطبع ليس إعطاؤها مزيداً من الأرض والبشر لتتسلط على رقابهم. بل الهدف النهائي يكمن في إسقاط السلطة الفلسطينية، ومحاكمة كافة رموزها من اللص محمود عباس صاحب فندق الفورسيزونز إلى صديقي ليفني في الفراش صائب عريقات وياسر عبد ياسر، وتحويلهم إلى محاكم عسكرية لتنظر في أمرهم، ليلقوا مصير لافال. أما أن نغطي سرقاتهم وفحشهم مع رموز صهاينة، لا يمكن أن نطلق عليه النعت وطنياً؛ إنه خيانة للأمة.

ما يربو على عقدين من الزمن في مفاوضات عبثية تقودها فتح أبي مازن، ولم تصل هذه المفاوضات ألى أي شيء في صالح الفلسطينيين! العكس تماما، كان وظيفتها خفض مستوى التوقعات أو الطموحات لدى الشعب الفلسطيني، ثم تحولت إلى مجرد قفازات بيد الاحتلال لتبطش بالشباب الفلسطيني. ومع زيادة الانخراط في التنسيق الأمني مع أجهزة مخابرات العدو الصهيوني تحولت السلطة الفلسطينية إلى مجرد أداة بيد القبضة العسكرية الإسرائيلية. وقد بدا هذا واضحا من خلال سقوط العديد من الشهداء الذين لعبت السلطة دورا هاما في إنجاح العدو الصهيوني في استهدافهم. وهنا بدت واضحة سوأة السلطة الفلسطينية بقيادة تلك الوجوه الكالحة العميلة. ومن ثم أصبح الأمر ضروريا لهم لتغطية هذه السوأة التي ظهرت. فقد باتت فتح كلها تحت الارتهان للعدو الصهيوني. كهنة السلطة الفلسطينية يدركون ذلك، فهم في عين العاصفة، ويعرفون وبالضرورة أن الثورة عليهم قادمة لا محالة وكثير منهم قدّم للحصول على جوازات سفر أجنبية تمهيدا للهرب إذا ما اندلعت الثورة على السلطة الفلسطينية، ومنهم من حصل عليها.

حماس تركت من احتضنها في السنوات العجاف، وهي سوريا العروبة والتي تدفع للآن ثمن احتضانها لحماس وفصائل المقاومة الفلسطينية، وانخرطت في مشروع الخلافة الفتنوية التي تستهدف الجمهورية الإسلامية بعد فشل صدام حسين في إجهاض الثورة الإيرانية. وبعد فشل مشروع الخلافة الفتنوية، لم يعد بعد هناك وجه لحماس أن تعود لخط المقاومة الذي خانته دون أي مبرر موضوعي. وهذا يعني أنها استبدلت سقف أهداف المقاومة العالي بسقف آل ثاني الذي يضرب في الرؤوس إذا ما اعتدلت في قامتها، فسقف قطر منخفض جداً. هذا الخزي من الخيانة كان كفيلا بحرق أوراق الانتصارات التي صنعها الشعب الفلسطيني تحت قيادتها في 2008 و 2011، فلا تستطيع استثمارها لصالح الشعب الفلسطيني. هنا بدأت سوأة حماس وبدأت تشعر بالحاجة لتغطية هذه السوأة، أي بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق المصالحة الوطنية، التي أصبح هدفها مجرد تغطية سوأة كل من فتح وحماس دون مراعاة مصالح الشعب الفلسطيني!

إذن هذه المصالحة لا تهدف إلا إلى مداراة سوأة كل من فتح وحماس، ولا علاقة لها بمصالح الشعب الفلسطيني. فحماس نتيجة خزيها من خيانة سوريا العروبة، افتقدت القوة الأخلاقية التي تساعدها على الصمود في وجه فتح. فهل مداراة سوأة فتح وحماس خير للشعب الفلسطيني؟ أم أن الخير يكمن في ثورة على رموز خيانة الأمة وتقديمهم للمحاكمة تماما كما تم مع أعضاء حكومة فيشي للمحاكم العسكرية؟ سؤال على كل فلسطيني توجيهه لنفسه دون الالتفات للمطبلين والمنتفعين من هذا الطرف أو ذاك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.