“كف يد مقنع” للقاضية عون.. ملف فساد المصارف إلى “الثلاجة”

وكالة أنباء آسيا-

زينة أرزوني:

“كف يد مقنع”، هكذا وصف متابعون طلب المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، من النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، التوقف عن إجراءاتها القضائية والاستقصائية، إلى حين البت في قضية مداعاة الدولة بحقها.

فبعدما تحولت المعركة القضائية بين القاضية عون وأصحاب المصارف إلى صراع قضائي- سياسي، بينها وبين بعض السياسيين وفي مقدمتهم رئيس حكومة تصريف الاعمال، أصدر عويدات تعميماً إلى النيابات العامة الاستئنافية في كل لبنان، وإلى النيابة العامة المالية ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، يتعلّق بآلية تطبيق القانون رقم 306 تاريخ 3112022. فطلب بموجبه الامتناع عن طلب أية معلومة مصرفية لا تتعلق بالدعاوى المتعلقة بجرائم الفساد والجرائم الواقعة على الأموال، وفقاً لأحكام قانون العقوبات والجرائم المنصوص عليها في المادة 19 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وطلب أيضاً من النيابات العامة الامتناع عن طلب معلومات من المصارف لها صفة العمومية، وغير متعلقة بوقائع مادية محددة، لها تأثير مباشر على التحقيق الأولي المفتوح لدى النيابة العامة، والامتناع عن طلب أي معلومات مصرفية تعرض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو تمس في شرفه، وطالباً إبلاغ النائب العام لدى محكمة التمييز عن الجرائم الخطرة والتقيد بتوجيهاته في شأنها.

كما وجه كتاباً إلى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، يطلب فيه وقف إجراءات عون التحقيقية والاستقصائية في ملف المصارف، بشكل مؤقت، مستنداً بذلك إلى الفقرة الثالثة من المادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية، التي تنصّ على أنه “لا يجوز للقاضي المنسوب إليه سبب الدعوى الناشئة عن مداعاة الدولة عن أعمال القضاة”.

المطالبون بضرورة كشف الفساد في المصارف، وكيف تم تهريب الاموال الى الخارج، وجدوا في التعميم انه سيقوض مسار التحقيقات وقد يدخلها الى “الثلاجة” بسبب العراقيل التي ستواجهه خلال الأيام المقبلة، معتبرين ان اي التحقيق بأي ملف تعتريه شبهات فساد في لبنان لن يصل الى اي نتيجة بفعل تداخل السياسة بالقضاء بالاقتصاد، مؤكدين ان الجميع شركاء في ملفات الفساد.

اما المدافعون عن المصارف ومن يقف خلفهم، هللوا للتعميم، واعتبروا انه سيساعد في لجم اندفاعة عون ضد القطاع المصرفي، وسيعمل على فرملة محاولة الانقضاض عليه بما يترتّب على الامر من مخاطر على البلاد واقتصادها.

ورأوا ان فصول كف يدها “مصرفيا” ستريح المصارف وتدفعها الى اتخاذ قرار فك اضرابها نهائيا في الجمعية العمومية التي تعقدها جمعية المصارف نهار الجمعة المقبل.

ليست المصارف وحدها التي ارتاحت جراء هذا التعميم، بل ايضا ميقاتي الذي اعتبر اجراء عويدات خطوة أساسية على صعيد معالجة الخلل القضائي الذي حتّم عليه توجيه كتابه الى وزير الداخلية بهدف وقف مسار خطير في استخدام القضاء والقانون لتصفية حسابات سياسية، بحسب ما نقل عنه زواره.

واشار الزوار الى “أن رئيس الحكومة يدعو الى أن تكون خطوة القاضي عويدات بداية الطريق في العودة إلى انتظام العمل القضائي ضمن الاطر والاصول القانونية المرعية الاجراء حفاظاً على حسن سير العدالة، وان رئيس الحكومة يتطلع إلى اتخاذ مجلس القضاء الاعلى القرارات اللازمة بهدف تأمين كل الحقوق والضمانات التي يمنحها القانون لأي متقاضٍ بما يؤمن اطمئنانه لحيادية القاضي”.

من وجهة نظر قضائية، فإن عويدات مارس صلاحياته التي يتمتع بها وفقاً للمادة 16 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، ما يعني أنه يتمتع بكامل الحق في إصدار تعليمات خطية أو شفهية في تسيير دعوى الحق العام.

ورأى مصدر قضائي ان خطوة عويدات جاءت بسبب عدم قدرة القضاء على كف يدها عن الملف، لذا جاء التعميم وفقاً لقانون المحاكمات الجزائية ليطلب من عون حصولها على توجيهات خطية من القاضي عويدات للتقيد بها.

واوضح المصدر ان القانون أتاح للنائب العام التمييزي أن يقدم توجيهات خطية لأي نائب عام استئنافي أو مالي أو المحامين العامين، ويكون بذلك على قضاة النيابة العامة الالتزام بتوجيهاته الخطية في الشأن الذي يبدي رأيه فيه.

والجدير ذكره، انها ليست المرة الاولى التي يستعمل فيها عويدات هذه الصلاحية، فقد استخدمها في آذار2020 حينما ألزم النائب العام المالي علي ابراهيم، بالعودة عن إشارته التي قضت حينها بالحجز على أموال بعض المصارف اللبنانية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.