لبنان بين خطي 29 و23: ثروات نفطية ضخمة…هل تحميها الدولة اللبنانية؟

موقع الخنادق:

لم يقدّم لبنان أي اقتراح أو إحداثيات جديدة لتعديل المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة منذ أن تم إيداع نسختها الأخيرة في الأمانة العامة لدى الأمم المتحدة في تشرين الأول / أكتوبر عام 2011 والملحقة بالمرسوم 6433/2011، والتي تعتمد جنوباً الخط 23. لكن “أودع لبنان لدى الأمم المتحدة قبل أسابيع رسالة، يؤكد فيها على تمسكه بحقوقه وثروته البحرية، وأن حقل “كاريش” يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها، وجرى تعميمها في حينه على كافة أعضاء مجلس الأمن كوثيقة من وثائق المجلس تحت الرقم S/2022/84 بتاريخ 2 شباط 2022 وتم نشرها حسب الأصول. وطلب لبنان في الرسالة من مجلس الامن عدم قيام إسرائيل باي اعمال تنقيب في المناطق المتنازع عليها تجنبا لخطوات قد تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين”. (حسب بيان رئاسة الجمهورية بتاريخ 5 – 6 – 2022).

من هذا المنطلق، اعتبر الجانب اللبناني أن وصول باخرة Energean Power المتخصصة بالحفر والتنقيب عن النفط إلى مياه البحر الأبيض المتوسط، وتحديداً إلى مشارف حقل “كاريش” (الذي يمر عبره الخط 29) اعتداءً اسرائيلياً صارخاً على الثروة اللبنانية وتجاوزاً لخطوط المفاوضات. وفيما كان من المقرّر أن يلتقي وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن اليوم على خلفية هذا التحرك الإسرائيلي، تم – بالاتفاق مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي، دعوة الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين للحضور إلى بيروت لاستكمال المفاوضات “والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع حصول أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار الذي تعيشها المنطقة” (حسب ما أوضح بيان رئاسة الوزراء).

اذ إن مسألة التعدي الإسرائيلي على الحدود البحرية يفتح الأبواب على تصعيد خطير، فالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كان قد أوضح في أكثر من مناسبة مهمة المقاومة في حماية ثروة لبنان في المساحة التي تتوصّل الدولة اللبنانية الى تحديدها مع الوفد المفاوض. فالمطلوب أولاً ترتيب الملف القانوني لبنانياً وحسم المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة. في وقت زعم وزير حرب الاحتلال بني غانتس “أن الخلاف مع لبنان حول الغاز يحل بالدبلوماسية وبوساطة أمريكية”، أما جيش الاحتلال “فيستعد لمواجهة ضرب حزب الله منصة التنقيب عن الغاز في كاريش”.

أهمية حقل “كاريش”

إذا ما تمّ تعديل المرسوم رقم 6433 واعتبار الخط 29 خطاً تفاوضياً او اعتباره مساحته جزءً من المنطقة الاقتصادية الخالصة، فإن ذلك يمنح لبنان الحق في جزء كبير من حقل كاريش وخاصة شماله. ويعتبر هذا الحقل متميزاً من ناحية الثروة التي يتضمنها:

_ يقع “كاريش” على بعد 4 كيلومترات من الحدود اللبنانية – الفلسطينية وقرب البلوك رقم 8، فيما يبعد 100 كيلومتر عن سواحل فلسطين المحتلّة

_ مساحته 150 كلم مربع

_ تقدّر شركة DeGolyer and McNaughton (للاستشارات النفطية، مقرها “تكساس” في الولايات المتحدة) أن الحقل يحتوي 61 مليون برميل من النفط السائل الذي له قيمة تجارية متفوقة على الغاز (بحسب الأوساط الخبيرة).

_ تبلغ نسبة الاحتياطات فيه ما بين 1.5 و2 تريليون قدم مكعّب من الغاز، فيما تشير تقديرات أخرى الى 3.5 تريليون قدم مكعب من المادة.

_ تتركزّ هذه الثروة كلما ما اتجهنا شمالاً في الحقل، حيث يشمل القسم الشمالي تبلغ احتياطات شمال كاريش 1.14 مليار قدم مكعب من الغاز و34 مليون برميل من النفط السائل.

منذ العام 2020 طوّر الكيان المؤقت مشروع “كاريش” للتنقيب بنسبة 85%، وفي تلك الفترة أعلن الرئيس التنفيذي لشركة Energean ماتيوس ريجاس أنه “في الربع الثالث (من العام 2020)، واصلنا إحراز تقدم قوي في مشروع Karish للغاز الرائد في إسرائيل، والذي من المقرر أن يسلم الغاز لأول مرة في الربع الرابع من عام 2021. تم تحسين ملف العائدات من خلال زيادة مبيعات الشركات من الغاز بمقدار 1.4 مليار متر مكعب في السنة، إلى 7.0 مليار متر مكعب في السنة، ومراجعة معدل إنتاج السوائل المتوقع إلى 28 ألف برميل في اليوم، من التقديرات السابقة التي تقل عن 10 ألف برميل في اليوم”. وكان الكيان يتطلّع نحو إتمام صفقات واتفاقيات بيع غاز طويلة الأمد تسمح له ببيع ما يقرب من 70٪ من الإنتاج المستقبلي بهدف “حماية إيراداته إلى حد كبير من تقلب أسعار السلع الأساسية”.

هذه الأرقام تظهر حجم العائدات الضخمة التي يؤمنها “كاريش” والتي تضيع من أيدي لبنان إذا ما تمّ اتخاذ موقف حاسم بشأن قطع اليد الإسرائيلية عن التنقيب ونهب ثروات في الخط التفاوضي، ومن ناحية ثانية فإن الاحتلال قد بدأ بحفر ما بين 3 و4 آبار في الحقل ومن المتوقع مع استقدامه للتقنيات الحديثة والمتطورة في التنقيب أن يزيد من عدد الآبار ما قد يؤدي الى اعتدائه على البلوكين اللبنانيين 9 و8!

حقل “قانا”

وفي حال رست المفاوضات بين الجانب اللبناني والوفد الوسيط المفاوض على توقّف المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية عند الخط 23، فذلك أيضاً يفتح باب النقاش حول تقسيم حقل “قانا” (يجتاز الخط 23 بمسافة حوالي 5 كلم) الذي يعتبر “كنزاً” حيث تقول الأوساط الخبيرة أنه يحتوي على مخزون نفطي وغازي بسنة تتجاوز تلك الموجودة في “كاريش” بأضعاف. ويقع الحقل بمحاذاة البلوك رقم 9 ورقم 8 جنوباً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.