لبنان: موجة انتقادات عارمة على الزيارة المرتقبة للبطريرك الراعي الى القدس المحتلة

raaii3

وكالة أنباء فارس الإيرانية:
لاتزال حملة الانتقادات الواسعة على الزيارة المرتقبة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لفلسطين المحتلة مع وفد البابا فرنسيس في الشهر الجاري مستمرة،اضافة لجملة من المناشدات التي طالبت الراعي العزوف عن الزيارة لما ستحمله من تداعيات وانعكاسات سلبية على مسيحيي ومسلمي الشرق على حد سواء،وتخطي المسألة كونها فقط زيارة دينية أو رعوية للاعتراف بوجود ب”اسرائيل” والتطبيع معها.

ورغم الانتقادات الى انّ المعلومات الاخيرة تؤكد ان البطريرك الراعي لايزال ماضياً في زيارته وقد بدا حازماً في ردوده على منتقديه وفي عدم التراجع ايضاً.
وهنا لا بدّ من التوقف عن بعض الاسئلة المشروعة أمام زيارة الراعي الى القدس المحتلة ، تلك الزيارة التي يحاول الأخير نزع الغطاء السياسي عنها وتغليب الطابع الديني عليها.
واول سؤال بديهي هو هل سيقوم الراعي بمصافحة الاسرائيليين الذين يستقبلون البابا فرنسيس وهو سيكون ضمن الوفد المرافق، وهل سيرافق البطريرك البابا في زيارته المفترضة حسب برنامجه الذي عممه الاسرائيليون ويتخلل زيارة حائط المبكى ثم جبل هرتسل والالتقاء بالرئيس شيمون بيريز وبنيامين نتنياهو والحاخامين الأكبرين في الكيان الاسرائيلي، فهل سيزور البطريرك الراعي كل هؤلاء؟.
وأكثر من ذلك، فهل تشجع الزيارة المسيحيين على البقاء متجذرين في أوطانهم في الشرق الاوسط، ام انها تخدم أكثر تعزيز التواجد الاسرائيلي والتقليل من أهمية مشهد التطبيع، فتؤثر بذلك سلباً ليس فقط على المسيحيين في المشرق بل على كل القضية الفلسطينية؟.

البطريرك الراعي ماضٍ في زيارته الى القدس المحتلة
حتى الساعة لا يبدو ان قرارا بالعزوف عن الزيارة وارداً بالنسبة الى البطريرك حسبما أكدت مصادر بكركي، وهنا لا بدّ من الاشارة انّ الزيارة تتزامن في التوقيت مع ذكرى الخامس والعشرين من شهر ايار الحالي اي ذكرى المقاومة والتحرير، من هنا تزداد موجة ردود الفعل السلبية.
وتعد زيارة الراعي المرتقبة الأولى من نوعها لبطريرك ماروني إلى القدس المحتلة منذ إنشاء الكيان الإسرائيلي عام 1948، وبما ان لبنان في حالة حرب مع الكيان ، لذلك يُمنع اي لبناني من زيارتها تحت طائلة الملاحقة القانونية بتهمة التعامل مع العدو، ولكن ثمة اتفاق ضمني بين السلطات اللبنانية ومسؤولي الكنيسة المارونية يسمح بانتقال رجال الدين والرهبان اللبنانيين إلى الأراضي المقدسة، عبر معبر الناقورة الحدودي أو عبر الأردن، في إطار مهامهم الروحية والرعوية، إلا أنه لم يسبق لأي بطريرك ماروني أن توجه إليها بعد وصوله إلى هذه المرتبة.
ومن هذا المنطلق ووفق مصادر كنسية مقربة من الراعي فقد أكدت ان الاخير لن يشارك في أي لقاءات سياسية، بل سيقتصر نشاطه السياسي على لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد دعوة وجهها عباس اليها.
ولكن تلك المعلومات لم تشفع للراعي بل استمرت الانتقادات الى حد وصول البعض الى اتهامهم بالعمالة وخاصة بعد اعلان الراعي نيته لقاء نحو 2500 لبناني فروا من جنوب لبنان مع الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، وما يشكل ذلك الموضوع من حساسية كبيرة لدى عدد كبير من اللبنانيين. وعليه يتخوف اللبنانييون من امكانية أن تُثار موجة انتقاد شعبية عارمة وأزمة داخلية، حيث لا يصب الامر في مصلحة اي من اللبنانيين، وعليه يحاول بعض السياسيون اقناع الراعي بعدم الذهاب بغض النظر عن التزاماته الدينية والروحية، لان الراعي بذلك سيرتكب سابقة خطيرة كونه سيمضي الى اسرائيل بمعرفة سلطات الاحتلال وموافقتها، ما يشكل طعناً في خاصرة المقاومة، وخصوصاً ان عدد كبير من المسيحيين المورانة يرفضون هذه الزيارة ايضا.

رد البطريرك على الانتقادات
اذن، من يستطيع أن يضمن مسار زيارة البطريرك الراعي؟، أمّا في الجهة المقابلة، فمجموعة من المواقف للراعي نفسه الذي استغرب الانتقاد الموجه اليه من قبل الجهات السياسية، معتبراً انّه “ليس هناك من داعي لكل هذه الحركة في لبنان. انا أقول إن قداسة البابا سيشرّف أراضي النطاق البطريركي بزيارته، ولا يليق إلا أن نكون في استقباله في الأراضي التابعة لنا بما فيها الأردن وفلسطين والتي هي اليوم اسرائيل”.
وتابع: “من ناحية ثانية لدينا هناك رعايا وأبرشيات ويجب أن نزورها مرة كل خمس سنوات وفق القانون الكنسي. أنا أعلم جيداً أن إسرائيل دولة عدوة وتحتل أراض لبنانية أيضاً، وأحترم القوانين اللبنانية، وليست لدينا لقاءات مع شخصيات إسرائيلية. وانا آسف لأن بعض اللبنانيين يريدون أن يخلقوا مشاكل حيث لا مشكلة. دعونا نحل المشاكل القائمة بدل أن نخلق مشاكل جديدة. يجب أن يرتاح اللبنانيون من هذا الموضوع ويتوقفوا عن الحديث فيه”.

مؤيدو زيارة البطريرك
وفي الصالونات المسيحية تدور اسئلة كثيرة عن تجرؤ البطريرك القيام بما لم يتجرأ أحد قبله على فعله، ولا ينفكون يربطون هذا الملف بملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وخصوصاً ان احدأً من الافرقاء المسيحيين لا يريد أن يغضب الراعي منه لما للاخير من سلطة مشاركة في وصول اسم مرشح الى سدة الرئاسة، وعليه فانّ الراعي يعول في ذلك على عدم ارتفاع الصرخة في وجهه من قبل المسيحيين الذين يولون الاستحقاق الرئاسي الاهمية المطلقة، وعليه فانه هناك تخوف من “فيتو” رعوي كنسي الذي يأتي البطريرك الراعي على رأسه. أضف الى ذلك مجموعة من الانتقادات التي طالت المعترضين على ذهاب الراعي الى القدس المحتلة ومطالبتهم بعدم المبالغة في توصيف الموضوع وابقاء الزيارة ضمن الخانة الرعوية دون السياسية.
وينتقد هؤلاء اعطاء اي صبغة للمسيحين بطابع العمالة، مؤيدين زيارة البابا الى القدس المحتلة، متحدثين عن الزيارة التي تأتي اليوم في ظل هذه الظروف كبقعة ضوء ينتظرها المسيحيون في فلسطين لرؤيتها، وعلى انها جزء من مقومات الصمود التي يحتاجونها للبقاء.
فما ستحمله الايام المقبلة، هل سيعود البطريرك الراعي عن قراره، أم انّه سيمضي في الزيارة، وأي تداعيات سلبية ستحملها في حال حدثت في الخامس والعشرين من الشهر الجاري؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.