لبنان يسجل رقما قياسيا جديدا.. هل تحل معضلة الرئاسة في آذار؟

موقع قناة المنار:

تجاوز لبنان عتبة الـ270 يوما بدون رئيس للجمهورية، هذه ليست “مزحة” هي الحقيقة بعينها.. بل هي إحدى مفردات الواقع اللبناني المرير..

والحقيقة ان مجرد بقاء بلد هذه المدة الطويلة بدون رئيس هو امر مستغرب وفريد من نوعه بين البلدان، لان من حيث المبدأ لا توجد دولة بدون رئيس في دول العالم، سواء تلك الديمقراطية منها او غير الديمقراطية.

ففي الدول الديمقراطية مثلا، لا نرى نظاما سياسيا بدون رئيس، فلا يوجد دولة ديمقراطية قانونية بدون رأس، أياً كان شكل النظام فيها، سواء كانت جمهورية او ملكية او تلك التي تعتمد النظام الرئاسي، فيكون هناك دستورا يحدد كيف ومتى يتم الانتخاب والتسلم والتسليم…، ويجري الالتزام الدقيق بأحكام الدستور كي لا يصبح البلد بلا رأس، وعادة يجري انتخاب الرئيس(أيا كانت طريقة انتخابه: من الشعب او بواسطة البرلمان سواء كان مجلسا واحدا او مجلسين) قبل فترة من انتهاء ولاية الرئيس السابق وعادة تكون شهرا او شهرين او اكثر من ذلك او أقل.. وبذلك لا يبقى البلد او الدولة بلا رئيس لها.

وايضا في الدول غير الديمقراطية، او تلك الغارقة في الدكتاتورية(المعلنة او المبطنة)، سواء حاليا او عبر التاريخ، لم نسمع يوما ان في هكذا دول لم يتم اختيار رئيس لها، وتُركت تنتظر رئيسها، بل حتى في مثل هذه الدول قد لا يحصل فراغ في سدة المنصب الاول للدولة.

 

لبنان استطاع ان يسجل رقما قياسيا في مجال الفراغ في سدة الرئاسة

إلا انه ولان لبنان بلد فريد، يستطيع ان يسجل ارقاما قياسية في هذا المجال، فموعد الاستحاق الرئاسي عندنا يأتي ويمر وكأن شيئا لم يكن، وتمر الايام والقصر الرئاسي في فراغ وكأن شيئا لم يكن، حتى لامس لبنان الرقم 300 من الايام بدون رئيس، ولا ندري إن كان هناك أمل يلوح في الافق حول إنهاء هذه المعضلة، حتى يكاد المرء يسأل هل يسعى أهل السياسة في لبنان الى الدخول في كتاب “غينيس” للارقام القياسية مثلا كأول بلد صمد بدون رئيس لاطول فترة ممكنة؟ ولاول شعب يعيش غير آبه بوجود رئيس لدولته من عدمه؟ هل هذا يعقل؟ علما اننا سبق ان دخلنا “غينيس” من عدة أبواب مميزة وفريدة، فصحن التبولة والحمص كانا سباقين في هذا الاطار حتى قبل ان تلوح بارقة الارقام القياسية في مجال الاستحقاق الرئاسي.

فالدول الديمقراطية التي تعيش حالة طبيعية من تداول السلطة واستمرار المرافق العامة في العمل، لا يمكن ان تكون بلا رئيس ولا ان تعيش في فراغ في اي من مؤسساتها الدستورية والقانونية، لانه من المفروض ان مؤسسات الدولة هي عبارة عن اجهزة ومرافق تشكل حلقة متكاملة لا يجوز ان يشوبها نقص، لان اي نقص سيجعل عجلة المؤسسات تتعطل او تتعرقل، فماذا لو غاب رئيس الدولة؟ وأين سيصبح مبدأ استمرارية المرافق العامة ومبدأ تداول السلطة؟ هنا لا بدّ من الملاحظة ان دليل الغياب وعدم التأثر وكأن شيئا لم يحصل ليس دليل عافية بقدر ما هو دليلا على مشاكل عظمى وكبيرة تعانيها المؤسسات والاجهزة والدولة بشكل عام في لبنان وبالتالي تعبّر عما يعانيه الدستور والقوانين ايضا.

ورغم ان المواعيد والمدد لا يعوّل عليها كثيرا في لبنان ومؤسساته، إلا ان بعض المؤشرات التي رصدت مؤخرا تحدثت عن إمكانية حصول خرق ما في جدار الجمود الرئاسي حتى ان البعض راح يلّمح الى ان شهر آذار/مارس قد يحمل جديدا على صعيد الاستحقاق الرئاسي، وفي هذا الاطار يشير البعض الى ان اختيار رئيس مجلس النواب نبيه بري لموعد الجلسة المقبلة في 11 آذار المقبل فيه شيء من هذه التلميحات التي لا تخلو من جدية معينة او أبعاد ما بالنسبة للملف الرئاسي، حتى ان البعض راح أكثر من ذلك ليتوقع انتخاب للرئيس في هذه الجلسة.

 

البطريرك الراعي تبلغ خلال زيارته للفاتيكان بوجود قرار دولي للاسراع بانتخاب رئيس

حول ذلك تقول مصادر مطلعة لموقع  “المنار” إن “هناك قرارا اقليميا دوليا مشتركا بأن يحصل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان لان الحكومة اصبحت عرجاء ولا يمكن الاستغناء عن تفعيل المؤسسات في البلد وانتظام عمل المؤسسات وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية”.

وتلفت المصادر الى ان “هذا هو الجو الذي حمله معه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي خلال زيارته الاخيرة الى الفاتيكان فهذا هو الجو حول الاستحقاق الرئاسي بالنسبة للفاتيكان ولاتصالاتها مع الاطراف الدولية لا سيما واشنطن”، وتابعت ان “البطريرك الراعي تبلغ خلال هذه الزيارة ان الحراك الاميركي يسير باتجاه الحلحلة في الملف الرئاسي والضغط لانتخاب رئيس خلال شهر آذار/مارس المقبل”.

وتشير المصادر الى ان “بكركي تعتبر ان الجو في البلد يبشّر بانتخاب رئيس للجمهورية لا سيما ان هذا الملف بات اليوم موضوعا للتحاور بين العديد من الافرقاء في لبنان”، وتضيف “بكركي تعتبر بالنتيجة انه يجب التوجه لانتخاب رئيس بشكل سريع لان البلد ينهار بصورة تدريجية والارهاب يترصدنا بشكل مباشر وداهم فإذا لم نكن متماسكين لن نستطيع الوصول الى استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب”.

وترى المصادر المطلعة ان “رئيس الجمهورية ضرورة للوصول الى هذه الاستراتيجية باعتبار ان رئيس الجمهورية في الدستور اللبناني هو القائد الاعلى للقوات المسلحة”، وتلفت الى ان “هذه الاستراتيجية هدفها اولا واخيرا الدفاع عن لبنان وعن الوجود المسيحي في هذا المشرق”.

وفيما تؤكد مصادرنا ان “لا تعديل بأي شكل من الاشكال للمادة 49 من الدستور اللبناني”، ما يعني ان لا أحد من موظفي الفئة الاولى او حتى قائد الجيش يمكن ان يصبح رئيسا للجمهورية طالما لم تعدل هذه المادة، وتشير المصادر الى ان “من ابرز مواصفات الرئيس العتيد انه يستطيع التواصل مع جميع الافرقاء اللبنانيين وان يكون موافق عليه من قبل الاحزاب الاساسية في لبنان وفي طليعتها حزب الله على ان لا يكون يسبب ازعاجا للشقيقة سوريا”،

وبالنسبة لمواصفات الرئيس المقبل، تعتبر المصادر ان “من مواصفات الرئيس العتيد ان يكون مجربا لان الطعن بالظهر ممنوع في هذه المرحلة فاللون الرمادي لم يعد ينفع لان الاوضاع لا تحتمل هكذا رئيس ومواقفه يجب ان تكون واضحة ومعلنة”، وتتابع ان “هناك ممرا طبيعيا للرئيس اللبناني القادم من خلال بكركي”، وترجّح ان “يكون هناك صلة بين تحديد الرئيس بري لجلسة انتخاب الرئيس في 11 آذار/مارس وعودة الرئيس سعد الدين الحريري وبين الاجواء الايجابية باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية”.

وحول اسم الرئيس العتيد، توضح المصادر ان “هناك العديد من الاسماء التي يتم التداول فيها ولكن اللعبة السياسية في هذا المجال هي لعبة الساعة الاخيرة”، واوضح “القرار باتجاه انتخاب رئيس اتخذ لكن من دون الحسم حتى الآن بشأن اسم الرئيس”، وتؤكد مصادرنا ان “هناك أجواء ايجابية جدية باتجاه انفراجات في ملف الاستحقاق الرئاسي”، وتعتبر ان “التقدم في التفاوض الاميركي الايراني سينعكس ايجابا اكثر فاكثر على الوضع اللبناني خصوصا الملف الرئاسي”.

 

يبقى ان من انتظر كل هذا الوقت من اللبنانيين ليس عليه الا العمل جديا وبفعالية لاختيار الرئيس الانسب والافضل للبنان والذي يفترض ان يحقق المصلحة العامة المبتغاة من وراء انتخابه، وشهر آذار بات على الابواب ولعله يحمل معه الامل بحل “عقدة” الرئاسة التي باتت ربما بالنسبة للبعض عصيّة على الحل، فهل فعلا سينتخب الرئيس في آذار؟ هذا ما ستجيب عليه الايام المقبلة بانتظار الجلسة المرتقبة للمجلس النيابي في 11 من الشهر القادم.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.