لماذا ترتعب “اسرائيل” من شطب حرس الثورة الاسلامية من قائمة الإرهاب؟

موقع العهد الإخباري-

إيهاب شوقي:

المراقب للتحركات الإسرائيلية في المنطقة ومحاولة توسيع دوائر التطبيع والتسلل إلى المنظمات الإقليمية، يدرك جيدًا أنها تحاول تحقيق عدة أهداف سياسية وجيواستراتيجية للتحايل على كونها قوة احتلال منبوذة في محيطها الجغرافي وخاضعة لتهديدات وجودية بفعل حضور قوى المقاومة وتناميها.

ويمكننا رصد الأهداف السياسية في محاولة شرعنة وجودها بالحصول على اعتراف رسمي وتطبيع مع الدول العربية التي رفضت الاعتراف وشكلت تاريخيًا طرفًا في الصراع عندما كان للصراع بعد قومي وكان تعريفه أنه صراع عربي – صهيوني. وكذلك مع المحيط الإسلامي والذي رغم تبايناته وخلافاته يتفق على بعد إسلامي للقضية وتحديدًا المقدسات وعلى رأسها تحرير الأقصى.

وقد نجح العدو في اختراق الدائرة الإفريقية التي شكلت تاريخيًا قوى للتحرر الوطني وتضامنت مع القضية الفلسطينية، ونجح في التسلل للاتحاد الإفريقي رغم جيوب المقاومة التي لا تزال فيه، واليوم يحاول اختراق المنظمات الإقليمية الأخرى كالجامعة العربية عبر تمرير سياسات صهيونية في صيغة قرارات عربية وعلى رأسها القرارات المعادية للمقاومة والصامتة عن التطبيع.

أما الأخطر من ذلك فهو التحركات الجيواستراتيجية الصهيونية، والتي تحاول التمدد على حساب الأمن القومي العربي، والأمن القومي لدول المنطقة، عبر التواجد في المضائق الرئيسية والانتشار في محيط محور المقاومة وفي غرب آسيا، وهو هدف خفي للتطبيع يتجاوز الأبعاد الاقتصادية إلى أبعاد عسكرية وأمنية تشكل تهديدًا مباشرًا وصواعق للتفجير.

لا شك أن التحركات الراهنة وخاصة مع تطورات الملف النووي الإيراني، ومع التحولات الاستراتيجية في النظام العالمي على خلفية الحرب في أوكرانيا، تشي بأن هناك محاولات لتشكيل نظام دفاع إقليمي مخالف لثوابت الإقليم وهويته وجوهر صراعاته.

وتشير عدة لقاءات وتحركات وترتيبات إلى أن المراد خلق تحالفات سياسية تتبعها تحالفات عسكرية، تستبدل العداء الرئيسي مع الصهاينة بعداء مع محور المقاومة تحت عنوان أوسع مخادع اسمه “مكافحة الإرهاب”.

والسؤال هنا، هل تستقيم هكذا تحالفات؟ وهل يمكن أن تولد نظامًا للدفاع الإقليمي بين دول عربية وكيان العدو؟

يمكننا مناقشة ذلك باختصار بإلقاء الضوء على أهم الاسهامات النظرية التي طورت مفهوم الأمن الإقليمي وطرحت فيه مفهوم “مركب الأمن الإقليمي”، وفي هذا المفهوم، يرتبط أمن مجموعة من الدول ببعضها البعض بحيث يتعذر تحقيق أمن أي عضو فيه خارج النظام الإقليمي، كما يقوم الطرح على الاعتماد الأمني المتبادل في ظل ارتفاع مستوى التهديد والخوف الذي يشعر به أطراف المركب الاقليمي بشكل متبادل.

وهنا يمكننا أن نتساءل حول الإقليم ومكوناته، ومدى تجانسه والمصالح الجيوسياسية الموجودة به وتعارضها، فهل يتم تحالف في إقليم يشهد صراعا بينيا وتحالفات دولية متعارضة؟

نفهم أن يتحالف العرب مع ايران للدفاع عن المنطقة ضد محتل غاصب يشكل ذراعا للهيمنة الأمريكية، ونفهم ان يتحالف العرب مع تركيا وايران ضد العدو الاسرائيلي لاعتبارات تتعلق بالبعد الاسلامي للقضية، ونفهم ان يتحالف العرب في اطار عروبي ضد الاحتلال الصهيوني، فهذه التحالفات وما ينجم عنها من مظلات للأمن والدفاع الإقليمي مبررة، بينما التحالف مع محتل غريب غير متجانس مع شعوب المنطقة وتوسعي تتناقض مصالحه مع مصالح دول المنطقة، ضد أطراف أصيلة بالمنطقة تسعى إلى التحرير هو ما لا يمكن قبوله على كافة المستويات الأخلاقية، وما لا يمكن تحققه عمليًا على كافة المستويات العسكرية والاستراتيجية.

وهنا يمكن أن تتضح أسباب الانزعاج الإسرائيلي والخليجي من طرح شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، حيث المراد هو شرعنة العدوان الإسرائيلي وتوسع العدو جيواستراتيجيا في العراق والخليج وعدوانه الدائم على سوريا.

فالعدو يبرر غاراته التي يدعي أنها على أهداف للحرس الثوري وحركات المقاومة، بأنها استهدافات شرعية تحت مظلة مكافحة الإرهاب المزعومة، وكذلك يبرر عملياته واستهدافاته ويحرص على توصيف عربي للمقاومة وحزب الله بأنها منظمات إرهابية.

كما يسوغ ذلك للعرب المطبعين مع الكيان أن يتحالفوا معه في مواجهة المقاومة تحت هذه اللافتة رغم تمويلهم ورعايتهم وصناعتهم للإرهاب الحقيقي وهو الإرهاب التكفيري الوهابي، ناهيك عن أن الكيان وهذه الأنظمة الملكية، هي أنظمة تمارس إرهاب الدولة وتخضع لتصنيف الإرهاب.

لا شك أن الساعين لهكذا تحالفات هم من المأزومين ومن تعرضوا لانكشاف استراتيجي بعد تحول التوازنات الإقليمية والدولية، ولا نرى للقاءاتهم ومشاريعهم أفقا، بل الأقرب من ذلك هو بروز التناقضات والتشرذم فيما بينهم على خلفية بحث كل طرف عن نوع من الخلاص الفردي باتجاهات مختلفة قد تشكل صراعات بينية في هذا المعسكر المأزوم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.