لماذا رفض وفد "أنصار الله" لقاء نائب وزير الخارجية الأميركي؟

yemen-talks

أظهر وفد القوى الوطنية اليمنية دبلوماسيّة غير مسبوقة في المفاوضات اليمنية-اليمنية في الكويت حيث شهدت أروقة قصر البيان لقاءات سياسيّة شملت أغلب الدول الإقليمية والعالمية الأمر الذي عكس صورة “دبلوماسيّة” ناصعة عن وفد صنعاء.

لم تمنع “الدبلوماسيّة اليمنية” الوفد الوطني من التعاطي بحزم عند الوصول إلى الخطوط الحمراء التي فوّضهم إياها الشعب اليمني، وهذا ما شاهدناه إبتداءً من خلال الموقف السياسي الصلب في كافة الجلسات، إزاء قرار وقف إطلاق النار، ومؤخراً من خلال رفض وفد حركة “أنصار الله” لقاء نائب وزير الخارجية الأميركي يوم الثلاثاء في الكويت. لم يكن موقف وفد المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه أمين عام الحزب  “عارف عوض الزوكا”، مشابهاً حيث وافق الزوكا على اللقاء مع المسؤول الأميركي.

لا ندري أسباب التباين اليمني في هذا اللقاء، إلا أنه يعكس دبلوماسيّة داخلية بين كلا الطرفين، أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام، لكن رفض وفد أنصار الله للقاء المبعوث الأميركي يعكس جملة من الرسائل التي أراد الوفد إيصالها إلى واشنطن.

يعد شعار “الموت لأميركا” أحد أبرز شعارات حركة أنصارلله حيث تعتقد الحركة أن واشنطن تقف خلف كافّة الويلات التي يعاني منها أبناء الشعب اليمني بدءاً من القاعدة في الجنوب وليس إنتهاءا بالعدوان السعودي، إلا أن البعض قد يطرح جملة من الأسئلة فيما يتعلّق بالخطوة الأخيرة لوفد أنصار الله: لماذا إلتقى الوفد اليمني بالسفير السعودي في حين يرفض لقاء نائب وزير الخارجية الأميركي؟ ألا تتحمّل السعودية المسؤولية المباشرة عن جميع المجازر التي ترتكب بحق اليمنيين؟ ألم تفاوض الحركة السعودية بشكل مباشر على الحدود عبر وساطة قبلية، فلماذا ترفض لقاء الجانب الأميركي؟

“إن قيادة الحركة لن تتوانى عن أي خطوة تساهم في الحد من معاناة الشعب اليمني”، يعلّق مصدر يمني على قرار وفد أنصار الله. بعبارة آخرى، لو وجد الوفد اليمني نيّة الجانب الأميركي وضع حدّ للعدوان السعودي “لإتخذنا موقفاً مماثلاً للمؤتمر”، يضيف المصدر، ولعل هذا ما يفسر رفض وفد أنصار الله للقاء المبعوث الأميركي، في حين أنه رضي بلقاء المبعوث السعودي (السفير السعودي) حيث تطرّق الجانبان إلى مسألة وقف إطلاق النار التي لازالت موضع خلاف مع وفد الرياض على مستديرة قصر البيان.

رغم أن واشنطن لم تكشف الأسباب والدوافع من طلب المسؤول الأميركي لقاء بوفد صنعاء، إلا أن “الغزو الأميركي” تحت ذريعة القاعدة، الذي لاقى إستياءً شعبياً غير مسبوق، يقف بشكل أساسي خلف الرفض اليمني. المبعوث الأميركي يسعى للحصول على ضمانات فيما يخص التواجد االعسكري الذي رفضه الشعب اليمني، واصفاً إياه بالإحتلال ومتوعّداً بأقسى الردود في المظاهرات وردود الأفعال الأخيرة، الغاضبة من الحضور نفسه، ومن تواطؤ بعض القوى الداخلية والخارجية في دعمه، تماماً كما فعلت إزاء العدوان، على حدّ سواء.

يعلّق أحد الخبراء في الشأن اليمني على قرار الحركة بالسؤال التالي: كيف ستبرّر حركة “أنصار الله” موقفها أمام الشعب اليمني الذي توّعد الأميركيين بالمقاومة والسلاح ولغة الرصاص والترحيب بهم لكن في القبور؟ يتابع قائلاً: لو أن المبعوث الأميركي يسعى لكبح جماح الرياض لأجرى الوفد اللقاء دون تردّد بإعتبار أنه يصب في صالح الشعب ورفع معاناته، إلا أن طاولة الكويت تهدف لوقف العدوان حصراً، وليس من إختصاصها، أو حتى إختصاص وفدي صنعاء والرياض، بحث مسألة الغزو الأميركي.

مسألة آخرى فيما يخص أبعاد الطلب الأميركي، لماذا تُقدم واشنطن على طلب لقاء وفد القوى الوطنية؟ ألا يعد الأمر إذعاناً لشرعية أنصار الله وحزب المؤتمر في اليمن؟ أم أن الطلب جاءً بسبب الحزم الميداني للجيش واللجان الشعبية اليمنية في خطوة تعيد إلى الأذهان الأحاديث التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية بعد حرب لبنان الثانية (تموز 2006) عن ضمانات قدّمها حزب الله لقوّات “اليونيفل” قبل الحضور إلى جنوب لبنان، بصرف النظر عن مدى صحّتها. فهل تريد واشنطن ضمانات من الجانب اليمني إزاء حضورها في الجنوب تحت ذريعة القاعدة؟

بعد آخر في أبعاد الطلب الأميركي، يتعلّق فيما يخصّ التوقيت حيث جاء إثر جملة من ردود الأفعال اليمنية، فالبعض أكّد أن القبائل اليمنية التي واجهت الغزو الخارجي والتي نهضت وتحركت لصد المعتدين هي اليوم أيضا ترحب بالأميركيين لكن إلى المقابر، في حين دعا آخرون إلى النفير العام مؤكدين أن ” الجهاد والدفاع عن ديننا ووطننا أمر واجب، وفرض لازم على كل من يستطيع حمل السلاح بلا استثناء”، فإدارة أوباما ليست في وارد الغرق في المستنقع اليمني، على غرار أفغانستان والعراق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.