لماذا يقلق الغرب وإسرائيل من جامعة الإمام الصادق (ع)!

موقع الخنادق:

بعد وصول السيد إبراهيم رئيسي إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية في إيران، شُكل وفد مفاوض جديد لمتابعة المباحثات النووية التي تعقد في العاصمة النمساوية فيينا. مع إعلان أسماء الوفد المفاوض والذي يضم عدداً من الخبراء والاختصاصيين بعضهم خريجين من جامعة الامام الصادق (ع) في طهران، وعلى رأسهم كبير المفاوضين النوويين الدكتورعلي باقري كني، وهو ابن شقيق آية الله محمد رضا مهدوي كني مؤسس الجامعة ورئيس التيار الأصولي المحافظ “روحانيت”، اعتبرته الولايات المتحدة ودول غربية إضافة لكيان الاحتلال أنه رسالة تصعيدية، حتى قبل البدء بالجلسة السابعة للمفاوضات.

ما الصلة بين الامام الخامنئي والحرس الثوري وجامعة الامام الصادق (ع)

معهد “توني بلير” للتغيير العالمي في لندن (TBI)، شرح في تقرير مفصل هواجس الغرب من هذه الجامعة حيث أشار إلى “ان صعود جماعة من جامعة الامام الصادق (ISU) لأول مرة منذ 42 عاماً، يغيّر ديناميكية النخبة الإيرانية، وأدى إلى ظهور تحالف جديد بين مكتب الامام السيد علي الخامنئي وحرس الثورة الإسلامية والتكنوقراط الأيديولوجيين، وسيتم الآن تنسيق بشكل أكبر مع الحرس الثوري. كان هذا واضحاً بالفعل في السنوات الأخيرة، حيث بدا أنّ الحرس يقوم بنقل قوته من أجزاء أخرى من إيران، والاستيلاء على برامج عسكرية ودفاعية رائدة والعمل كأن وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات ملك له” وفق المعهد.

ونشرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية مقالاً حمل عنوان “هارفارد الإيرانية تحتضن الحكومة الإيرانية الجديدة”، قالت فيه ” ان جامعة الامام الصادق تعمل كمنهل للنخبة السياسية الإيرانية، واحتل خريجوها في عهد أحمدي نجاد، مناصب حكومية أكثر من أي وقت مضى، ومن بين هؤلاء سعيد جليلي… وذلك ليس لدراستهم هناك فحسب، بل بفضل مؤهلاتهم ومزاياهم العلمية.. وفتحت الإدارة الجديدة (حكومة رئيسي) ذراعيها لخريجي الجامعات ومنحتهم مناصب رئيسية على مختلف المستويات”.

وفي ذات السياق الممنهج واستهداف جامعة الامام الصادق (ع)، قالت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية في مقال لها إن “النخبة الإيرانية الجديدة تشكل تحدياً كبيراً للغرب.. ما يعني أن النظام قد يبث بشكل واضح وصريح ما سيفعله بالضبط”.

لماذا تأسست جامعة الامام الصادق (ع) وما الغاية من وجودها؟

جامعة الامام الصادق (ع) ظاهرة متميزة، هي ليست مجرد جامعة تريد تعليم الطلاب فحسب، إنها تريد أن تكون نموذجًا للجامعة الإسلامية من جميع النواحي، من حيث الدوافع الإيمانية والاعتبارات العملية والسلوكية والعلم الأمين.. يجب أن تصبح هذه الجامعة مرجعاً للبحث في المراكز العلمية والجامعات في العالم”. هكذا اختصر الامام السيد علي الخامنئي هدف هذه الجامعة الرائدة في إيران والعالم لكونها التجربة الناجحة التي جمعت بين العلوم الإنسانية العصرية والمعارف الإسلامية، وهي تشبه الى حد ما المشاريع التي سعت دول عربية وإسلامية لإنجاح تجربتها كباكستان، السودان ومصر تحت عنوان أسلمة الجامعات، أو أسلمة العلوم الإنسانية.

كانت من أولويات الثورة الإسلامية في إيران بعد انتصارها، إعادة هيكلة المجتمع الذي كان يعاني وقتها من أزمة هوية ثقافية بعيدة كل البعد عن معتقداته ورؤيته وخلفيته الأيديولوجية. فخلال حكم الشاه كانت تفرض على الشعب الايراني نماذج علمية مستوردة من الدول الغربية تطرح أمام الإيرانيين بكل مساوئها في خطوة يمكن تسميتها “الغزو الفكري”، وذلك ضمن إطار العلوم والجامعات.

أدركت نخبة من العلماء الإيرانيين خطورة الفجوة المفتعلة التي كانت بين الجامعات والحوزات الدينية، والتي عمل عليها الغرب طيلة عقود مضت، خاصة مع تنامي الدور الذي كانت تلعبه الحوزات العلمية في نشر الثقافة السياسية النضالية للخروج ضد الاستعمار بكافة أشكاله العسكرية والثقافية والعلمية. من هنا كانت الممازجة بين هاتين المرجعيتين العلميتين موضع اهتمام مؤسسي الجمهورية الإسلامية، ورموز الثورة الفكرية والعلمية والدينية.

يذكر الراحل آية الله محمد رضا مهدوي كني رئيس جامعة الامام الصادق (ع) في مذكراته: إن فكرة إنشاء هذه الجامعة بدأت قبل الثورة الإسلامية، وساهم في بلورتها معه كل من الشهيد مرتضى مطهري، الشهيد السيد محمد بهشتي، الشهيد محمد باقر باهنر، حتى ان نظامها الداخلي كان قد كٌتب قبل انتصار الثورة أيضاً، لكن الشاه كان يمنع تأسيس مثل هذه الجامعة.

جامعة هارفارد الإيرانية

بعد الثورة الثقافية كانت جامعة الامام الصادق (ع) أولى الجامعات التي تفتح أبوابها عام 1982، وذلك بعد تغيير اسمها، حيث كانت فرعاً من جامعة هارفارد الاميركية سابقاً، التي كانت تُعنى فقط بتدريس اختصاص إدارة الاعمال، وتخريج النخب في عالم الاقتصاد والادارة، ويديرها شقيق الشاه محمد رضا بهلوي، وهي تشبه تقسيم وبناء جامعة هارفرد في كامبريدج-الولايات المتحدة.

تقع الجامعة في منطقة سعادت آباد الراقية، شمال غرب العاصمة طهران، مؤسسوها هم الامام السيد علي خامنئي، الشيخ محمد يزدي، الشيخ حسين منتظري، والشيخ محمد رضا مهدوي كني، وأطلقوا عليها اسم الامام الصادق (ع) وهو الامام السادس عند الشيعة الاثنى عشرية وينسب اليه المذهب الجعفري، مؤسس المدرسة الدينية الشيعية في القرن الثاني للهجرة (83-148 هجري)، وبلغ عدد تلامذته نحو 4000 شخص.

تهدف الجامعة الى بناء كوادر علمية أكاديمية متخصصة، لهذا أنشأت كليات الحقوق، الاقتصاد، السياسة، الإعلام والاتصالات، إدارة الاعمال، اللاهوت والفلسفة وغيرها من العلوم الإنسانية العصرية الممزوجة مع المعارف الدينية والاسلامية، كوادر قادرين على العمل بالشأن العام، وإدارة شؤون الدولة والثورة، ومواجهة التحديات والعقبات الداخلية والخارجية بقدرة عالية مهما كان نوعها، وهم حاضرون دائماً في الساحات بما يخدم رؤية الثورة والنظام والإسلام.

نخب أكاديميون ورسل للثورة الإسلامية

جامعة الامام الصادق (ع) تنافس أكبر جامعات البلاد، ولديها علاقات وثيقة مع كبريات الجامعات والصروح العلمية الأوروبية والعربية والإسلامية، وتعقد الاتفاقيات وعهود المؤاخاة مع بعضها، وخريجوها من الشباب والشابات نخبويون مميزون يتمتعون بقدر عال من الكفاءة والايمان والمعرفة والصلابة في المواقف، يتقنون 3 لغات على الأقل إضافة للغة الأم، فالجامعة تُلزم طلابها بتعلم وإتقان اللغة العربية أولاً كونها لغة العلوم الدينية الإسلامية، ومن ثم اللغتين الفرنسية والإنجليزية، إضافة للغة الفارسية.

هنا في طهران، يصف البعض الكوادر الذين يتخرجون من الجامعة وقد تجاوز عددهم الآلاف، على أنهم “حماة الثورة” في الداخل، حيث يتبوؤون مناصب قيادية حساسة ومواقع في صناعة القرار، وهم “رسل الثورة” الى الخارج، حيث ينتقلون للتدريس في الجامعات العالمية او يختارون لتمثيل الجمهورية الإسلامية في البعثات الدبلوماسية والهيآت الدولية.

عرب وأجانب في جامعة الامام الصادق (ع)

تحتل الجامعة مساحة واسعة خضراء تشمل المباني الإدارية وقاعات التدريس والمكتبات إضافة لدار السينما وصالات الرياضة والمطاعم والمسابح والحدائق، كونها جامعة مغلقة وبالتالي تسعى لتأمين كل أساليب الراحة والهدوء والدعم النفسي للطلاب داخلها، والذين يأتون من مختلف المحافظات الإيرانية، ويخضعون لامتحان دخول بشروط صعبة ومعدل علامات عال، وبعد إجراء مقابلات معهم، تختار إدارة الجامعة المتفوقين والأكثر ذكاء وموهبة، وأصحاب الكفاءات التعليمية العالية من بينهم، كما ينبغي لطلابها ان يتمتعوا بصفات ثورية ورؤية اسلامية وقيم أخلاقية.

يقول أحد خريجي الجامعة الدكتور محمد شمص” تتميز الجامعة عن سواها” بعنايتها الخاصة بشخصية الطالب وصقلها على المستويات العلمية والدينية والقيمية، وتأمين الأجواء الملائمة والإمكانات اللازمة للأبحاث العلمية، وتستضيف اهم الأساتذة المرموقين في إيران”، وأضاف” تضم جامعة الامام الصادق (ع) عشرات الطلاب من جنسيات متعددة من دول عربية وإسلامية كمصر وسوريا والعراق والبحرين والسعودية ولبنان وفلسطين واليمن، ومنهم أيضا أوروبيون وآسيويون، لا سيما من الصين والبوسنة وكندا وأمريكا” وأوضح شمص ان الجامعة تمنح شهادات الاجازة والماجستير والدكتوراه، وهي معترف بها في أغلب دول العالم لا سيما في أوروبا وكندا”.

وتجدر الإشارة إلى ان هذه الجامعة هي مجانية، وتؤمّن ميزانيتها ونفقاتها وتكاليف طلابها من خلال إيرادات مصانع ومؤسسات خاصة بها من تبرعات أثرياء الجمهورية الاسلامية ومن مؤسسة “أستان قدس رضوي”، فهي تتمتع باستقلال مالي كامل، كما يتلقى عدد من خريجيها المتفوقين منحاً دراسية من وزارة العلوم لمتابعة الدكتوراه في الخارج كبعثات علمية لا سيما الى كندا وأمريكا.

رئيس الجامعة آية الله مهدوي كني

قبل انتصار الثورة الإسلامية أوكل لآية الله محمد رضا مهدوي كني مهمة تأسيس الجامعة، وهو الذي درس على يد كبار العلماء كآية الله حسين بروجوردي وأية الله محمد حسين الطباطبائي وغيرهم.

ولد الشيخ مهدوي كني في قرية “كن” في العام 1934، مع بلوغه سن الـ 17عاماً توجه إلى قم ودرس على يد كبار العلماء أبرزهم الامام الراحل روح الله الخميني(ره).

بدأ بتدريس العلوم الحوزوية عام 1962 في مدرسة مروي، ثم تولى بعدها إمامة جماعة مسجد جليلي في فردوسي والذي بدأ منها نشاطاته السياسية والاجتماعية، حيث اعتبره الشاه مصدر قلق له فقام باعتقاله إلى ان أفرج عنه قبل انتصار الثورة بفترة وجيزة.

اختاره الامام الخميني ليكون ممثله الخاص في اللجان الثورية التي كانت تتولى مهمة الوقوف والتصدي لقمع الشاه. بعد انتصار الثورة تولى منصب وزير الداخلية في حكومة الشهيد محمد علي رجائي، فيما تولى منصب رئاسة الوزراء بعد استشهاد محمد جواد باهنر في عملية نفذتها خلية تابعة لـمنظمة “مجاهدي خلق” الإرهابية في مكتب رئاسة الجمهورية.

بعدها تولى آية الله باقري كني عدداً كبيراً من المسؤوليات في البلاد منها الأمين العام لجمعية علماء الدين المجاهدين، ورئيس مجلس خبراء القيادة… إلى ان توفي عام 2014.

بعد وفاته تم تعيين مجلس أمناء لإدارة الجامعة وهم: آية الله علم الهدى، الشيخ محمد سعيد مهدوي كني، آية الله محمد باقر باقري كني، وصادق لاريجاني.

الامام الصادق (ع) وحكومة السيد رئيسي

اختار السيد رئيسي في حكومته عدداً من خريجي جامعة الامام الصادق (ع) منهم:

– وزير الاقتصاد حسان خاندوزي.

– وزير التعاون حجت عبد الملكي.

– رئيس البنك المركزي علي صالح آبادي.

– رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون بيمان جبلي.

– معاون رئيس الجمهورية مثيم لطفي.

– كبير المفاوضين ورئيس الوفد المفاوض علي باقري كني.

ومن الاسماء المهمة من خريجي جامعة الامام الصادق (ع) التي شغرت مواقع ومسؤوليات مهمة وحساسة في الحكومات السابقة:

– أمين المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي.

– سفير إيران في لبنان الشهيد غضنفر ركن آبادي.

– سفير إيران الدائم لدى اليونسكو محمد رضا مجيدي.

– سفيرايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية رضا نجفي.

– عضو مجلس صيانة الدستور محسن اسماعيلي.

-المساعد الشخصي للرئيس حسن روحاني، أستاذ الاتصالات والاعلام الدكتور حسام الدين آشنا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.