لهذه الأسباب عاد طلال سلمان عن قراره بإقفال ’السفير’.. فماذا يقول لـ’العهد’؟

 


موقع العهد الإخباري ـ
فاطمة سلامة:
31  آذار لن يكون آخر إصدار لجريدة “السفير”. لن يخمد صوت الحق. أحدٌ لم يتصوَّر يومًا يشرق بلا طائر “السفير”، أو أن يحتسي قهوته بلا أنيسة الصباح. خبر الإقفال نزل كالصاعقة على أسماع من عايشها وأخذ منها الكثير. أربعة عقود لم تغب فيها “مانشيتات” الصحيفة عن أحاديث الناس ويومياتهم. أربعة عقود و”السفير” تبحث عن الحقيقة في المجهول. أربعة عقود أخذت خلالها قصب السبق على ملفات شائكة تهافت الناس لمعرفة أسرارها. أربعة عقود صادقت فيها المقاومة نهجاً وفكراً، فكانت كلماتها رصاصات في وجه أعداء الأمة. أربعة عقود لم ترفع فيها “السفير” الأعلام البيضاء أمام تحديات المنطقة وأبواق المال، في وقت كثرت فيه الأقلام المأجورة وبيعت فيه الذمم، فكانت بحق “صوت الذين لا صوت لهم”.

من يقرأ في الوجوه البائسة لحظة إعلان الخبر “الصدمة” يتلمس حجم الأثر الذي تركته هذه الصحيفة في أذهان الرأي العام. تماماً كمن يقرأ في الوجوه ذاتها إثر العدول عن القرار. موجة “التضامن” التي أشعلتها جماهير “السفير”، تستحق منها البقاء. وهو الكلام الذي يؤكّده ناشر جريدة “السفير” الأستاذ طلال سلمان في حديث لـ”العهد”. بشغف يتحدّث كبير الصحافيين عن التعاطف والاحترام الذي أبداه الرأي العام مع الجريدة لحظة إعلان توقفها. يربط قرار العودة بمحبة الناس والضغط الذي تعرّضت له الصحيفة من الجمهور. يقول “أنا ملتزم مهنياً وأتشرف بمواصلة العمل داخل صحيفة أعطيتها كل عمري وسأعطيها حتى ولو على حساب صحتي وعائلتي”.

تمر الصحافة في لبنان بوضع صعب جداً، يقول سلمان، الذي يلفت الى أنه لم يناور يوماً على حساب الصحيفة. يشدّد على أن الوضع المالي تصدّر الأسباب الأساسية وراء الإقفال، لكنه لا يُنكر أنّ معنويات الصحافة مهمشة، وهذا سبب إضافي أثر في القرار. برأيه، وضع الصحف في لبنان بائس جداً نتيجة الأوضاع السياسية الراكدة، والتي تعطّل دورها الفعلي في الرقابة على تفاصيل الحياة السياسية. كرسي بعبدا شاغر، لا تفعيل لمجلس النواب، ولا حتى الحكومة. الحياة السياسية مشلولة وإرادة الدولة معدومة، لا محاسبة على الرشاوى والتجاوزات، ما يقف عائقاً أمام الصحافة للعب دورها في الحياة العامة. من وجهة نظر سلمان، الصحافة تلعب دور الرقيب والشاهد على الحياة السياسية، وعندما تغيب الممارسة الديمقراطية، تحبط معنويات الصحافة ويصبح دورها هامشياً وغير مؤثر”. الصحافة في زماننا الحالي تتهمّش، كلفتها أضحت أكثر من دورها” يضيف سلمان.

على ما يُثار من انتقادات بحقه، يرد سلمان “القرار ليس شخصياً، مع الأسف أنا المسؤول الوحيد عن المال في الصحيفة، وقد وصلت الى مرحلة أحمل فيها هم دفع تكاليف الإصدار عن شهر قادم”. أكثر ما يعز على سلمان قدوم السادس والعشرين من آذار وهو ذكرى صدور العدد الأول من الصحيفة التي تأسست عام 1974، ووضع الصحيفة المالي مأزوم. شعرت بالعجز -يقول سلمان- فاتخذت القرار. لو كان الأمر لي لقررت أن تستمر الصحيفة دهراً، ورغم كل ذلك سأكمل الى حين، يضيف سلمان، حتى ولو أكلت من لحمي ليبقى صوت “السفير”.

ما يذكره سلمان، تؤكّده مصادر مطلعة على مفاوضات ربع الساعة الأخير لعودة الصحيفة. سلمان تأثر بحجم العواطف التي أبداها الرأي العام مع الصحيفة،  لكنها تكشف أنّ ناشر صحيفة السفير تعرّض لضغوط كبيرة من الشركاء في الصحيفة لثنيه عن قراره. المصادر تلفت الى أنّ هاتف سلمان لم يهدأ ليل السبت-الأحد. اتصالات مكثفة وتمنيات من قوى سياسية نافذة مع وعود من أجل البقاء. الموظفون أيضاً شكّلوا ورقة ضغط على سلمان الذي لم يطمئن لتركهم بهذه الطريقة، فكان القرار باستمرار “السفير”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.