لو كنت عميلاً…

ISRAELI-AGENT

موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:
هذا هو حال الحق في وطني، تائه بلا عنوان في دروب الطائفية، غائب عن السمع لا مكان له في السياسات الغبية…
هذا هو حال الحق في وطني، مهمش مستبعد، منفي إلى خارج حدود الدولة، منسي لا يذكر إلا في محافل التبجح وفي الخطابات التحريضية العفنة…
هذا هو حال الحق في وطني… هو خطر الموت إن لمسته، وخطر السجن إن نطقته وخطر النفي إن طلبته…
هذا هو حال الحق في وطني، قد تجده مغايراً لكل المفاهيم الطبيعية التاريخية التي تعلمناها في مدارسنا وقرأناها في تاريخنا وأدبياتنا، وقد تجده يلبس ثوب الباطل مزيناً بكل فتنة وطائفية ومذهبية وكل شر وكل بلية، فهذا كله لا قيمة له، وإنما هي قيمة واحدة تقول بأنك إذا أردت أن تكون مواطناً صالحاً فلا بد لك من الالتزام بصورة الحق التي فرضها عليك من تسلموا أمر البلاد والعباد، ولا بد لك من أن تخلع ثوب الوطنية وترتدي ثوباً خارجياً براقاً جميلاً …
لو كنت عميلاً …
لو كنت عميلاً، لكان حالي اليوم بغير حال، ولما كنت مضطراً لتحمّل المنفى الاختياري الذي فضلته عن وطن ضائع مشوه.
يا ساسة وطني المحترمين، لو كنت عميلاً لأصبحت واحداً منكم، لجالستكم وحادثتكم، وكسبت احترامكم، وكنتم تقبلتم مواقفي وكلماتي وخطاباتي واقتراحاتي بالرغم من تفاهتها وغبائها وسطحيتها. ستتقبلونها رغماً عنكم فهي مثلكم وتناسب سياستكم وطموحاتكم.
لو كنت عميلاً، لملكت المال والسلطة والأمن والحماية، ولرأيتني أتجول ومن حولي مواكب تيسر لي أمري وتشرح لي صدري، ولرأيتني متاجراً بهويتي وجنسيتي ووطنيتي، متاجراً بشعبي وبخبزه اليومي وماضيه وحاضره ومستقبله.
لو كنت عميلاً…
ففي وطني قد يصبح العميل يوماً قائداً ومناضلاً وناطقاً بإسم الحرية، لا بل يصبح مُصَدراً لمفاهيم الثورة ومضامينها …
لو كنت عميلاً، وما أسهل العمالة في وطني..
ففي وطني يكفيك أن لا تكون مقاوماً، وأن تتنكر لأهلك وبيئتك وتاريخك كي تصبح بطلاً.
في وطني، كلمة واحدة تذم بها أهل الثغور كافية لكي تجعل منك سياسياً لامعاً أو صحافياً بارزاً أو مواطناً صالحاً.
يكفيك أن تزرع الفتنة لتكون وطنياً، أن تشمت بالموت لتكون إنسانياً، أن تشتم وتهدد وتقتل لتكون قيادياً.
يكفيك في وطني أن تعلن أنك متاجر بسم الله والدين والوطن، أن تجعل مقياس اللحية هو دستور الدولة وقانونها ونظامها، يكفي بأن تجعل من كلمة الله أكبر شعاراً لإستباحة المحرمات… إفعلها وقد تصل يوماً إلى أعلى المناصب…
لو كنت عميلاً… لحصلت على كل ما يتمناه البعض… ولكن لو كنت عميلاً لما كنت أنا نفسي…
لما كنت أنا الذي أعلنت عدائي لكل من يمس وطني بسوء، لما كنت سيفاً من سيوف المقاومة وقلماً من أقلامها ورجلاً من رجالاتها…
لو كنت عميلاً… لبعت نفسي وشرفي وكرامتي… لرأيتني أخجل من ضاحيتي، لا بل أخجل من الوقوف على المرآة كي لا أرى حقارتي وخيانتي…
لو كنت عميلاً… لكسبت المال وخسرت الكرامة، كسبت الجاه وخسرت العزة، كسبت السلطة وخسرت الحرية…
لو كنت عميلاً يا ساسة وطني لكنت واحداً منكم، وكم اكره أن أكون واحداً منكم…
كم أكره بأن أصحو يوماً على قلبٍ لا ينبض المقاومة عشقاً وحباً وهوى…
كم أكره أن لا أكون على نهج الحق ولا شيء غير الحق…
كم أكره أن أستيقظ يوماً لأجد نفسي بغير نفسي…
لو كنت عميلاً لكنتُ أنتم وليس أنا…
فلا تتأملوا يوماً أن أصبح أنتم …
فهكذا نحن أهل المقاومة، نبقى على ما نحن عليه، وهكذا حالكم أنتم، ستبقون حتماً كما أنتم…….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.