مباحثات بوتين – بندر… ديبلوماسي روسي لـ”الراي”: خلاف بشأن مصير الأسد

Saudi Arabian Prince Bandar bin Sultan in Russia

لم تكن عادية زيارة الموفد الشخصي للملك عبدالله بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات السعودية الامير بندر بن سلطان لموسكو اخيراً. فجولة المباحثات “الطويلة” التي أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي الثانية في غضون اربعة اشهر، وتأتي مع العدّ التنازلي لانعقاد مؤتمر “جنيف – 2″ بشأن سوريا في 22 الشهر المقبل.

كل “أطباق” الشرق الاوسط كانت على “مائدة” المباحثات بين “قيصر” روسيا و”مدير” الملفات الأكثر حساسية بالنسبة الى المملكة… سورية وحروبها، والاتفاق النووي بين ايران والمجموعة الدولية، ومصر “الجديدة”، والعلاقات الثنائية بين موسكو والرياض، إضافة الى مكافحة الارهاب ومظاهر التشدد وما شابه.

ورغم تَعدُّد الملفات وتَقاطُعها، فإنه كان للملف السوري “حصة الاسد” في المباحثات بين الرئيس بوتين والامير بندر.

ورغم الميل السعودي لدعم جهود الحل في سورية، فإن الموفد الشخصي للملك عبدالله لم يُخْفِ إصرار المملكة على ضرورة العمل من اجل عدم وصول الرئيس السوري بشار الاسد الى سدة الرئاسة عندما يصبح في الامكان إجراء هذه الانتخابات، غير ان الكرملين لم يُبدِ تجاوباً، وهو ما أبلغه الرئيس بوتين الى الامير بندر حين قال له إن “الشعب السوري لا القيادة الروسية يقرر مَن هو الرئيس المقبل لسورية”.

في ضوء هذا “الخلاف” في الموقفين الروسي والسعودي، ايّ نتائج خرجت بها مباحثات بوتين – بندر، وما أبرز المسائل التي طُرحت في اللقاء؟ وفي اي اتجاه تسير العلاقات الروسية – السعودية؟

ديبلوماسي روسي رفيع، زار العاصمة البلجيكية خلال انعقاد مؤتمر وزراء خارجية دول حلف شمال الاطلسي، تحدث الى “الراي” عن ان “حظوظ نجاح مؤتمر جنيف -2، ارتفعت كثيرا مع تأكيد المملكة العربية السعودية ذروة الوصول الى حل سلمي لهذه المأساة المستمرة منذ اكثر من سنتين ونصف السنة”.

وأشار الديبلوماسي الروسي الى ان “المجموعة الدولية تعمل من اجل تسوية تؤدي الى وقف الاقتتال وعودة المهجرين والنازحين، والقضاء على الارهاب كأولوية تليها إعادة بناء الدولة وعودة السكان الى حياة إنسانية سليمة، ليتسنى بعدها اجراء الانتخابات الرئاسية حيث تُؤمَن للشعب السوري البيئة اللازمة لينتخب بحرية مَن يراه مناسباً لقيادة البلاد من دون تدخل خارجي”.

وكشف الديبلوماسي عيْنه عن ان “موفد الملك السعودي الامير بندر بن سلطان ناقش مطولاً موقف المملكة واستعدادها لمواكبة جهود جنيف – 2، عاكساً إصرار بلاده على ضمان عدم ترشح الأسد لولاية جديدة، وهي الرغبة التي لا تستطيع روسيا تحقيقها”، مشيراً الى ان “التحول الايجابي في موقف المملكة العربية السعودية يخدم عملية السلام في شكل جدي لما تتمتع به من نفوذ اقليمي”.

ولفت هذا الديبلوماسي، الذي لم يشأ الافصاح عن اسمه، الى ان “الرئيس بوتين غالباً ما يردد ان حماية امن روسيا هو من اختصاص روسيا فقط وكذلك فان الامن المتعلق بسورية سيقرره الطاقم الذي سيعمل على تنظيف بلاد الشام من المجموعات الارهابية التي نشطت هناك وازداد عددها في شكل أخاف كثيراً الدول المجاورة في الدرجة الاولى والدول التي اصبحت تعي أكثر فأكثر – خصوصاً في القارة الاوروبية – ان الارهاب بات عابراً للحدود ولا يحتاج لتأشيرة دخول بل هو وحش كاسر قابع داخل حجرة يضرب دون تمييز ويعيش متخفياً بيننا”.

ورأى الديبلوماسي الروسي ان “من الصعب جداً على اي شخص اليوم ان يأخذ الامور بيده في سورية ويتحمل مسؤولية إعادة البناء التي تخطت تكلفتها 100 مليار دولار، وإعادة اللحمة بين ابناء الشعب بعد مقتل اكثر من 100 الف شخص وتشريد اكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون لاجئ داخل سورية وخارجها، اضافة الى انه سيكون على هذا الشخص تنظيف البلاد من الارهاب وجمع كل المعارضة على طاولة واحدة وإعادة العلاقات مع جيران سورية الذين شاركوا في الحرب مباشرة وغير مباشرة وإعادة تموضع بلاده على الساحة الدولية. كل هذا يشكل عبئاً صعباً جداً لا نريد التفكير فيه الآن، لان الاولوية لإسكات المدافع ووقف القتال اولاً وقبل اي شيء آخر، وهذا ما قاله الرئيس بوتين لموفد الملك الامير بندر بن سلطان الذي وعد بالتعاون مع روسيا والمجموعة الدولية”.

وقال الديبلوماسي عيْنه ان “الرئيس بوتين مدرك لكل تفاصيل المعارك الدائرة على ارض سورية بكل دقة وهو يعرف تماماً ان المعركة الاخيرة في الغوطة الشرقية كانت المعركة الفاصلة التي اعتقد كثيرون انها ستفرض نفسها على مفاوضات جنيف – 2. فرغم ان الموعد المحدد لزيارة الامير بندر لروسيا لم يكن وليد الساعة، الا ان التوقيت كان متزامناً مع نتائج المعركة، وقد رأينا الرئيس الاسد كيف استخدم طائرات سوخوي وميغ – 29 للمرة الاولى في هذه المعركة لمنع تحقيق اهداف المهاجمين وقطع الطريق على إحتلال مطار دمشق وإخضاع العاصمة”.

وختم الديبلوماسي الروسي قائلاً ان “بوتين اكد لضيفه ضرورة إعادة العلاقة السعودية – الايرانية الى حرارتها في هذه المرحلة بالذات، لأهمية انعكاس نتائجها على المنطقة وعلى حلفاء الطرفين، وقد وعد الامير بندر بالعمل ايجاباً على رفع التمنيات الروسية الى أصحاب القرار في المملكة وهو المعروف ببراغماتيته كصانع للتسويات المستحيلة”.

المصدر: صحيفة الراي الكويتية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.