مسار الأحداث في المنطقة يسير ضد السعوديين

 

موقع العهد الإخباري ـ
علي رزق:

اعتبر باحث أميركي معروف أنّ” التطورات الأخيرة الحاصلة تسير ضد السعودية”، مشيراً الى الخطوة التركية بإرسال قوات الى قطر، اضافة الى تقليص مستوى الدعم داخل الكونغرس للسعودية.

هذا وتحدث باحثون أميركيون عن ضرورة انهاء علاقات قطر مع تنظيم “القاعدة” في سوريا، بينما أشار باحثون آخرون الى تباينات داخل ادارة ترامب حيال موضوع قطر، واعتبروا أن هذا التباين سيعقد المساعي الاميركية الهادفة الى توحيد الصفوف الخليجية خلف أجندة ترامب.

وفي موضوع آخر، اعتبر باحثون أنّ” هجوم “داعش” الارهابي في ايران يحمل معه دلالات، وأن “داعش” استغل المناخ المعادي لإيران بعد قمم الرياض التي شارك بها ترامب.

الأمور تسير ضد السعوديين

كتب الباحث “Bruce Riedel” مقالة نشرت على موقع “Al-Monitor” أشار فيها الى أن ما أسماه “التحالف السعودي من الدول السنية” أصبح “بحالة يرثى لها”، معتبراً أنّ” السعوديين الحقوا “الضرر الذاتي” (من خلال الحملة على قطر) بينما وصلت حدة التوتر مع ايران الى مستوى خطير بشكل غير مسبوق، بحسب تعبير الكاتب الي حذر من أن” الدعم داخل اميركا للسعودية بدأ يأخذ شكلا استقطابيا”.

الصحف الأجنبية

وقال الكاتب “إنّ مجلس التعاون الخليجي أصبح منقسما بين ثلاث معسكرات أولها المعسكر السعودي البحريني الاماراتي الذي قطع العلاقات مع قطر، أما المعسكر الثاني فهو الكويت وسلطنة عمان، والثالث قطر نفسها”، مضيفاً بأن” تركيا تتخذ ما اسماها “خطوة غير مسبوقة” بنشر قوات من أجل الدفاع عن قطر”، وذكّر بأن مؤسس الدولة السعودية الحديثة عبدالعزيز آل سعود وقبل قرن من الزمن ساهم بانسحاب الامبراطورية العثمانية من شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج بمساعدة من بريطانيا، وأشار الى ان ابنه (الملك سلمان بن عبدالعزيز) تسبب بعودة الجيش التركي الى هذه المناطق، مستبعداً ان تغادر القوات التركية.

كذلك نبه الكاتب الى أن أغلب الدول الاسلامية بقيت خارج الحملة التي تشن على قطر، لافتاً الى أن كل من ماليزيا واندونيسيا التي زارهما الملك سلمان قبل أشهر لم تقم بقطع العلاقات مع الدوحة، وتابع بأن صفقة بيع الاسلحة الى القوات الجوية السعودية تم تمريرها بصعوبة في الكونغرس، مشيراً الى أن عشرين سيناتورا ممن صوتوا لآخر صفقة تسلح مع السعودية في عام 2016 غيروا مواقفهم هذه المرة وعارضوا الصفقة الاخيرة حيث جاء التصويت بالكونغرس بنسبة 53 مؤيداً مقابل 47 معارضاً.

ورأى الكاتب أنّ” الاتجاه العام يسير ضد السعوديين بينما تزداد المعارضة للحرب على اليمن داخل الكونغرس”.

وأشار الكاتب الى أنّ تغريدات الرئيس الاميركي دونالد ترامب هي في الغالب مؤيدة للسعودية وتعتبر  أن الحملة على قطر هي نقطة أساسية بالحرب على الارهاب، بينما فريق الامن القومي بإدارة ترامب يركز اكثر على بقاء القاعدة العسكرية الاميركية في قطر واعادة اللحمة الى مجلس التعاون الخليجي.

كما لفت الى أنّ” ترامب وكذلك فريقه للأمن القومي لم يتطرقوا ابداً الى تعاملات السعودية نفسها مع المتطرفين ولا الى سياسات الرياض “الطائفية المتطرفة”، بحسب تعبير الكاتب نفسه.

وشدد الكاتب على ضرورة تبني مقاربة دقيقة في “التحالف الاميركي” السعودي، قائلاً “انه ليس مطلوبا غض الطرف عن أي شيء تقوم به الرياض”، محذراً من أن السيناريو النهائي للحملة ضد قطر قد يكون سيئاً جداً.

باحثون أميركيون يتحدثون عن ضرورة انهاء علاقات قطر مع جبهة “النصرة”

كتب كل من “Matthew Levitt” وهو باحث بمعهد “واشنطن لشؤون الشرق الادنى” الصهيوني، و”Katherine Bauer” وهي مسؤولة سابقة بوزارة الخزانة الاميركية مقالة نشرت بمجلة “Foreign Policy” تحدثا فيها عن علاقات قطر مع تنظيم “القاعدة” وشددا على ضرورة انهاء هذه “العلاقة”.

وقال الكاتبان “إن لدى تنظيم “القاعدة” في سوريا شيء من الشرعية داخل قطر كجماعة تحارب كل من نظام الرئيس بشار الاسد وكذلك “داعش””، وزعما بأنّ “قوة القاعدة في سوريا” أعطاها فرص جديدة سواء من الناحية العملية او المالية، وأن تنظيم “القاعدة” في سوريا يبقى تهديداً للغرب.

كذلك لفتا الى أنّ” العديد من الناشطين الكبار في تنظيم “القاعدة” جاؤوا الى سوريا قادمين من جنوب آسيا”، وشددا بالتالي على ضرورة قطع الموارد والتمويل عن تنظيم “القاعدة” في سوريا (المقصود طبعاً جبهة “النصرة”.

وأشار الكاتبان الى أن” “الجهات المانحة” بمنطقة الخليج طالما دعموا تنظيم القاعدة المركزي وكذلك أتباعها في العراق وسوريا”، واستشهدا بما صدر عن مجلس الامن اوائل هذا العام بأن تنظيم “القاعدة” يستمر بتلقي الدخل بشكل أساس من “جهات مانحة خارجية”، اضافة الى مصادر “اجرامية” مثل الفدية وغيرها.

وتحدث الكاتبان عن أفراد كويتيين وقطريين يتبرعون بالمال لتنظيم “القاعدة” في سوريا، وذكّرا بما قاله مستشار وزارة الخزانة الاميركية السابق في عام 2014 “David Cohen” حيث سمى قطر تحديداً في مجال تمويل الارهاب، وأشارا الى ان “Cohen” شدد حينها على أنّ المشكلة لا تنحصر “بالدعم لحركة “حماس”” وانما بالدعم القطري للجماعات المتطرفة الناشطة في سوريا.

وقال الكاتبان “إنّ الاجراءات التي اتخذتها قطر لمعالجة هذه “المشلكة” جاءت بنتائج “متباينة” وان موضوع محاكمة ممولي الارهاب في قطر على وجه الخصوص يبقى ملفا مبهما، وتطرقا الى ما قاله المسؤول السابق بوزارة الخزانة الاميركية “Daniel Glaser”  في شهر شباط/فبراير الماضي عن وجود ممولي للارهاب بكل من قطر والكويت، وكذلك عن عدم اتخاذ قطر القرارات الجوهرية المطلوبة لمحاربة تمويل الارهاب.

من ثم تطرق الكاتبان الى الحملة التي تقودها السعودية والامارات ضد قطر وقالا “إنّ الجهات التي فرضت عليها عقوبات (من قبل المعسكر بقيادة السعودية والامارات ضد قطر  متهمة بتمويل الارهاب وتلقي الدعم من قطر”، وأضافا بأنّ” الولايات المتحدة والامم المتحدة فرضت عقوبات على نفس هذه الجهات بسبب تمويل تنظيم “القاعدة””.

الكاتبان أضافا كذلك بأن قطر “تأخرت كثيراً” بالتصدي لتمويل الجماعات الارهابية وخاصة الجماعة التابعة لتنظيم “القاعدة” في سوريا، لكنهما قالا في الوقت نفسه إن معالجة المشلكة في وقت متأخر أفضل من عدم معالجتها على الاطلاق.

تباينات داخل الادارة الأميركية حيال موضوع قطر من شأنها تقويض المساعي الأميركية لتوحيد صفوف دول الخليج

بدوره، كتب “Giorgio Cafiero” و”Theodore Karasik” مقالة نشرت على موقع “LobeLog” اعتبرا فيها أن” الدور الذي قد تلعبه ادارة ترامب في الحملة السعودية الاماراتية ضد قطر يبقى غير واضحاً، وانه يبدو بان مسؤولي الادارة الاميركية ليسوا على نفس الصفحة بهذا الموضوع”.

وأشار الكاتبان الى اعلان وزارة الدفاع القطرية بأن الدوحة وقعت على صفقة لشراء طائرات حربية من طراز اف-15 من واشنطن قيمتها 12 مليار دولار، وذلك رغم ما قاله ترامب عن رعاية قطر للجماعات الارهابية، كما لفتا الى وصول بارجتين حربيتين أميركيتين الى ميناء حمد في قطر من اجل المشاركة بمناورات مشتركة مع البحرية القطرية، وذلك بحسب وكالة الانبا القطرية.

الكاتبان تحدثا عن رسائل متباينة تأتي من ادارة ترامب حيال موضوع قطر، وقالا “ان هذا يعكس الآراء المتباينة من قبل المسؤولين في واشنطن”، كما تابعا بانه” وبحسب رأي كل من وزير الخارجية “Rex Tillerson” ووزير الحرب “James Mattis” فإن الدوحة حليف مهم ومعاقبتها تهدد المصالح الامنية الاميركية في الشرق الاوسط، اذ تعتمد واشنطن على القاعدة الاميركية في قطر من اجل مواصلة العمليات العسكرية في افغانستان والعراق وسوريا واليمن”.

وفي نفس الوقت، لفت الكاتبان الى أن” “لهجة ترامب حيال قطر كانت حادّة اكثر بكثير والى انه حيّا حكومات السعودية والامارات  البحرين ومصر بسبب الاجراءات التي اتخذتها ضد الدوحة”، وأشار كذلك الى ان كلام ترامب هذا ينسجم ومواقف بعض مراكز الدراسات في واشنطن و كذلك بعض المشرعين الاميركيين الذين يطالبون منذ اعوام بالنظر في نقل القاعدة العسكرية الاميركية من قطر الى بلد خليجي آخر من اجل الضغط على قطر كي تغير سياستها الخارجية”.

الا أن الكاتبان نبها في الوقت نفسه الى أن صفقة بيع الطائرات الحربية الى الدوحة ستتوقف عند

مصر ودول الخليج التي تحركت ضد قطر، وأضافا بأنّ” التوقيع على اتفاقية دفاعية مع قطر انما يشير الى أن واشنطن لا تزال تعتبر قطر حليفا اساساً في المنطقة رغم كلام ترامب وتغريداته”، وتحدثا عن مؤشر آخر يفيد بأن “واشنطن لا تتعاون مع اجندة السعودية والامارات لمحاربة الارهاب”، يتمثل بما قاله “Tillerson” خلال شهادة له أمام الكونغرس حيث أعرب عن مخاوفه من تصنيف حركة “الاخوان المسلمين” كحركة ارهابية.

وتابع الكاتبان بأنّ” ترامب ورغم مساعيه لتمييز مقاربته في الشرق الاوسط عن مقاربة سلفه، الا أنّ ادارة ترامب يبدو أنها ملتزمة بالعمل مع قطر ودول الخليج الاخرى بمجلس التعاون من أجل حل الخلاف، وهو ما فعله

أوباما في عام 2014″، غير انهما اعتبرا في الوقت نفسه أنّ” استمرار الرسائل الأميركية المتباينة والمتناقضة من ادارة ترامب سيقوض مساعي “Tillerson” لتوحيد صفوف دول الخليج الحليفة لأميركا “خلف رؤية ترامب لاستئصال الارهابيين والمتطرفين من الشرق الاوسط”.

دلالات عملية “داعش” الارهابية في طهران

الباحث “عبد الباسط” كتب مقالة نشرت على موقع “National Interest” شدد فيها على أنّ” تنظيم “داعش”

ومنذ فترة يطمح الى ضرب ايران، وذلك قبل ان ينفذ العملية الارهابية الاخيرة في طهران”.

واعتبر الكاتب أنّ” هجمات “داعش” الارهابية في ايران تحمل دلالة لعدد من الاسباب، أولها ان الهجوم جاء لأسباب ايديولوجية بحتة، بحسب تعبير الكاتب، وشرح بأن “داعش” هي جماعة سنية (بحسب وصفه) تهدف الى انشاء دولة الخلافة، وأنها تحمل حقداً كبيراً للشيعة، وتعتبرهم مرتدين”.

كما قال “إن تنظيم “داعش” استهدف الشيعة في كل انحاء الشرق الاوسط وايضاً في افغانستان وباكستان، وأن الهجوم الارهابي في ايران سيعزز مكانة كحامي “المصالح السنية” عند الجماعات المتطرفة الاخرى وكذلك عند العشائر السنية في العراق وسوريا”، على حد قول الكاتب.

وتابع الكاتب “إنّ “داعش” وعلى ضوء الخسائر الميدانية التي يتلقاها في العراق وسوريا يحاول أن يحافظ على دور له، وبالتالي فمن خلال استهداف ايران يحاول أن يبين بانه لا يزال يمتلك القدرة على شن هجمات ارهابية عابرة للحدود”، قائلاً “إنّ “داعش” ربما ينتقل الى المرحلة الثانية من خلال “لا مركزية عملياته” والتحوّل الى ما أسماه “حركة جهادية” تشارك بأنشطة سرية”، معتبراً أن “الهجمات الرمزية ضد اماكن هامة مثل طهران “تشكل اداة هامة باستراتيجية “داعش” خلال مرحلة الانتقال هذه”.

اما ثالثاً فقال الكاتب “إن استهداف “داعش” لإيران جاء من أجل الثأر بعد الدور المحوري الذي لعبه حلفاء ايران بهزيمة “داعش” في العراق وسوريا”، مضيفاً بأنّ” استهداف ايران سيعطي لـ”داعش” مجندين جدد وكذلك دعم جماعات متطرفة أخرى، مشيراً كذلك الى أن ضرب ايران سيمكن “داعش” من حذب التمويل من قبل جهات مانحة معادية لايران في الشرق الاوسط”.

رابعاً، رأى الكاتب أنّ” توقيت الهجوم يحمل دلالة، اذ يأتي بينما تزداد حدة التوتر “الجيوطائفي” في المنطقة وفي وقت وصل فيه التوتر بين السعودية وايران الى أعلى مستوياته”، لافتاً الى أن قمم الرياض التي شارك فيها الرئيس الاميركي صنفت ايران كدولة راعية للارهاب في الشرق الاوسط وتبنت سياسة عزل ايران”، كذلك تطرق الى تصريح ولي ولي العهد محمد بن سلمان الذي تحدث فيه عن نقل المعركة الى داخل ايران، واعتبر أن ذلك يؤكد بأن “التحالف الاسلامي” المزعوم بقيادة السعودية هو فعلاً “مشروع معادي لايران”، وبالتالي أكد  أن” “داعش” يحاول استغلال الفرص التي جاءت نتيجة الخصومات  في الشرق الاوسط من أجل تعزيز نفوذه”.

كما تابع الكاتب بأنّ “تنظيم “داعش” ضرب ايران خلال شهر رمضان المبارك، وبان التنظيم الارهابي سيستفيد من هذا العمل الارهابي من أجل حثّ اتباعه على “ضرب الشيعة” في اماكن اخرى من العالم”، وقال “ان استهداف ايران سيعطي لداعش تفوقاً على تنظيم “القاعدة” “في كسب قلوب وعقول” جماعات متطرفة اخرى” وفق تعبيره.

وفي الختام، قال الكاتب “إن “داعش” لم يستهدف فقط ايران وانما سبق وان استهدف السعودية ودولاً سنية أخرى”، مشيراً الى أن” ذلك يخلق أرضية مشتركة ليس بين السعودية وايران فقط بل ايضاً بين الولايات المتحدة وايران من اجل التعاون ضد”داعش””، غير أنه حذّر من أنّ” استمرار الخصومة بين السعودية وايران وكذلك استمرار الازمة مع قطر “سيبطل مفعول” التقدم الذي أحرز ضد “داعش”، وبالتالي يسمح لـ”الجماعة” بإعادة النهوض، وشدد على أنّ” الجهود المنسقة مسألة أساسية بهذه المرحلة من اجل الانتقال الى المستوى التالي في الحرب على “داعش ” واستهداف اتباع التنظيم في جنوب شرق آسيا ومنطقة افغانستان وباكستان،اضافة الى استهداف العناصر التابعة لـ”داعش” في أوروبا.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.