مساعي الفتنة في زمن الأكاذيب.. من المستفيد؟

موقع قناة المنار-

ذوالفقار ضاهر:

مجددا برزت في الايام الماضية محاولات العبث بالاستقرار الداخلي في لبنان ومحاولات لجرّ بعض القوى وعلى رأسها المقاومة الى فتنة، لكن المقاومة وشعبها أظهرا الحكمة والحرص الوطني العالي امام بعض المخططات المشبوهة.

تحت عناوين مختلفة وبأساليب متنوعة، تظهر كل فترة محاولات الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، ولعل الحديث عن الفتنة وإمكانية إشعالها يطل برأسه عند كل حادث أمني او بعض الاضطرابات المشبوهة التي تحدث بشكل مفاجئ، كما جرى قبل أيام في منطقة خلدة، مع وجود بعض الأجواء التي توحي بأن بعض الجهات السياسية والاعلامية تحضر لها او انها جاهزة للدفاع عن بعض المرتكبين وكان التوقيت وسط حملة التضليل والاتهامات الواسعة التي تطال حزب الله.

كل ذلك يزيد من الشكوك بأن ما يحصل ليس وليد الصدفة، مع ترجيحات كبيرة بوجود من يحرك عن بُعد سواء المرتكبين على الارض او أولئك من العاملين في السياسة والاعلام وغيرهم من الجالسين في الغرف المغلقة ممن لهم الأيادي الطويلة للمس بالأمن اللبناني، خاصة مع الحملات المكشوفة التي تشن ضد حزب الله بهدف تشويه صورته محاولة الاستفادة من الازمة الاقتصادية التي يعاني منها الناس او للاصطياد بالماء العكر واستغلال مشاعر اهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت في الذكرى السنوية الاولى للفاجعة.

لكن من المستفيد دائما من حصول الاضطرابات الامنية في لبنان او في مناطق محددة منه؟ ومن الذي يستفيد من إحداث فتنة؟ وهل يوجد طرف لبنان قد ينال أي فائدة من هذه الأمور أم أن بعض الجهات الخارجية هي التي تسعى الى ذلك لتحقيق بعض المصالح والغايات؟

لا بد من التأكيد ان من يضحي بشبابه وأبنائه لحماية لبنان من العدو الاسرائيلي او الجماهات الارهابية التكفيرية، ونقصد هنا حزب الله وبقية الاحزاب الوطنية والاسلامية التي قاومت ودافعت عن لبنان طوال السنوات الماضية، لن يعمل للانزلاق الى فتنة تحت أي مسمى من المسميات ولن يقبل او يسمح للفتنة التي يريدها أعداء لبنان من الوقوع والانتشار تحت أي ذريعة، ولعل طريقة عمل المقاومة وتعاطي قيادة حزب الله مع بعض الاعتداءات والاستفزازات المتنقلة -وآخرها أحداث واعتداء خلدة- توحي أنها-أي قيادة المقاومة- لا تسير بحسب أهواء مريدي الفتن والطامحين لها، لأن من يحمي لبنان ويحقق الانتصارات الجسام على مدى سنوات لن يضحي بها بسهولة تماشيا مع استفزازات هنا او إشكالات هناك، وذلك لحماية الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي.

ولا شك ان من يستفيد من أي فتنة في لبنان سواء طائفية او مذهبية او مناطقية او أي شكل من أشكال الفتن، هو بالدرجة الاولى عدو لبنان أي كيان العدو الاسرائيلي، ولا داعي كثيرا لإبراز المبررات المنطقية والعقلية والعملية لتأكيد ذلك، بل ان العدو الاسرائيلي كان وسيبقى هو المتهم الاول(سواء عبر تدخله المباشر او غير مباشر) بتحريك الفتن التي يحاول البعض إشعالها في بعض المناطق، كما ان الادارة الاميركية تسعى دائما عبر بعض مسؤوليها وسفرائها واخرهم دوروثي شيا للعب دور التخريب والتحريض او لبث الفتن فيما بين أبناء الشعب اللبناني ومؤسساته الامنية.

وبالسياق، فقد اتهمت بعض الجهات الاعلامية والسياسية السفيرة الاميركية بوقوفها خلف ما جرى قبل أيام في اعتداء في خلدة والجية أدى الى ارتقاء أربعة شهداء مدنيين عُزّل، والاكيد ان الادارة الاميركية وسفارتها في لبنان ستكون في غاية السعادة لو نجحت الفتنة ووقع أي صراع “لبناني لبناني” أيا كان شكله، كما ان جهات خليجية لن تكون بعيدة عن محاولات إقحام المقاومة في نزاعات داخلية لتشويه صورتها كما يريد الاميركي والاسرائيلي، خاصة ان بعض الدول الخليجية لها علاقاتها القائمة والقوية على الأرض في لبنان، وبالتالي فإن الشبهات تدور حول تورط جهات أمنية تابعة لها بتحريك ساحات وقطع طرقات هنا وهناك، خاصة ان لهؤلاء سوابق ماثلة في الأذهان وتعامل معها الجيش اللبناني والاجهزة الامنية الاخرى بالطرق المناسبة.

بالمحصلة فإن المستفيد من الفتن في لبنان وتخريب أمنه واستقراره هم نفس الجهات التي اعتدت عليه في الماضي واحتلته أو تلك التي دعمت عدوه الاسرائيلي او الجماعات الارهابية والتكفيرية التي اعتدت على أرضه وفجرت في مدنه وقراه وخطفت وذبحت عسكرييه من الجيش والاجهزة الامنية، وهي نفس الجهات التي تشارك اليوم الأميركي في حصاره الاقتصادي والسياسي على لبنان منذ ما يقارب السنتين.

مسار الصبر والحكمة هو ميزة المقاومة وجمهورها، لان حماية لبنان من الداخل تعادل حمايته من الخارج، أما الحماسة الزائدة والمتهورة ومجاراة جماعات الفتنة والتحريض والسير معهم الى حيث يريدون سيؤدي الى انهيار الوطن وتضييع كل الإنجازات.

وبنفس الإطار، شدد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين على ان “أهل المقاومة كانوا دائما الأشداء والأقوياء وفي مواقع الفِتَن والانزلاق نحو أهداف خبيثة كانوا دائما أهل الصبر والتضحية”، ودعا “لاستكمال التحقيق في كمين خلدة ولوضع حد لمسألة قطع طريق الساحل”، وقال “نحن الآن ننتظر النتيجة النهائية التي سيخرح بها الجيش اللبناني ثم بعد ذلك يمكن أن نتحدث عن الأمور بشكل تفصيلي أكبر إلا أن المسلم به والذي لا نقاش فيه والذي لا يمكن أن نتردد فيه أبدا هو أن كرامة الناس هي فوق أية كرامة أخرى”.

ومن المفيد في السياق ان نذكر بما قاله مدير “معهد المعارف الحكمية” الشيخ شفيق جرادي على مواقع التواصل الاجتماعي “لن نقع في الفتنة، هذا واجبنا..”، أما الشيخ خليل رزق فقد أشار الى انه “لولا أصحاب الصبر والبصيرة لكان لبنان اليوم يلتهب ويشتعل بنار الحاقدين والتكفيريين والصهيونيين من شماله إلى جنوبه”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.