مفتي الجمهورية لـ”لسفير”: لن أسمح بتحويل “الشرعي” إلى مجلس سياسي

lebanese-mufti

صحيفة السفير اللبنانية ـ
غاصب المختار
تابع مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني جولاته على رؤساء الحكومات السابقين، فزار امس، الرئيس الدكتور سليم الحص، عارضا موقفه مما يجري حول انتخابات المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى، والاعتراضات التي حصلت على دعوته لإجراء الانتخابات. بينما تابع المعترضون على دعوته تحركهم ايضا، وزار نائب رئيس المجلس الشرعي الوزير الاسبق عمر مسقاوي، أمس، الرئيس عمر كرامي في طرابلس، وبحث معه في موضوع انتخابات المجلس الشرعي. في حين اجرى الرئيس فؤاد السنيورة اتصالا بالرئيس كرامي للغاية ذاتها.
وقال قباني لـ”لسفير” ان اجواء الجلستين اللتين عقدهما مع الرئيسين سليم الحص (أمس) وعمر كرامي (أمس الأول)، “كانت ايجابية وجيدة”، وانه سينشر لوائح الشطب لانتخابات المجلس الشرعي مطلع العام الجديد بحسب القانون والاصول وسيدعو الى اجراء الانتخابات في الايام العشرة الاخيرة من شهر شباط المقبل، علما بانه طيلة السنوات الستين الماضية لم يكن أي من مفتي الجمهورية ينشر اللوائح الا مع نشر الدعوة لإجراء الانتخابات، “ونحن فعلنا مثلهم وكانت الانتخابات تجري ولم يطعن بها احد، واذا اصر المعترضون على ان الدعوة لإجراء الانتخابات غير قانونية لعدم نشر لوائح الشطب مطلع العام 2012، فهذا يعني ان انتخابهم باطل من الاساس لأن انتخاب المجلس الحالي جرى من دون نشر اللوائح مطلع السنة التي انتخبوا فيها منذ سبع سنوات، بل مع الدعوة لإجراء الانتخابات، لكنهم يحاولون تلمس بعض النواحي الاجرائية لإلغاء الانتخابات او تأجيلها”.
واوضح المفتي قباني انه يستغرب اثارة هذا الضجيج السياسي حول انتخاب المجلس الشرعي، “لكنهم يريدون الامساك بالمجلس لتحويله من مجلس شرعي الى مجلس سياسي وهذا ما لن اسمح به مطلقاً”.
وقال: “نحن لم نلغ الانتخابات تنفيذا لقرار مجلس شورى الدولة الذي طلب تعليق تنفيذ القرار، بل الغينا قرار الدعوة لها في تاريخ محدد، واستبقنا صدور قرار مجلس الشورى، فباتت الدعوى المقامة غير ذات موضوع، لأنه لم يعد من قرار ليطعنوا به”.
قباني: رحم الله رفيق الحريري
وبعد اللقاء مع الرئيس الحص قال المفتي قباني للصحافيين ان قضية المجلس الشرعي “أصبحت الشغل الشاغل للمسلمين خاصة وللبنانيين عامة باعتبار أنَّ دار الفتوى هي دار اللبنانيين جميعا، وما يفعله مفتي الجمهورية اليوم هو الحفاظ على المرسوم الاشتراعي الرقم 18 الذي ينظِّم شؤون المسلمين الدينية والوقفية ويريد أن يمارس صلاحياته في دعوة الهيئة الناخبة إلى انتخاب مجلس شرعي جديد، حيث المجلس الشرعي الحالي انتهت ولايته المنتخب لها في 31/12/2009 وتم التمديد له ثلاث مرات متتالية سنة بعد سنة وانتهت ولايته الحالية اليوم (أمس) في 31/12/2012، وسوف أدعو ان شاء الله تعالى إلى انتخاب مجلس شرعي جديد بعد نشر مدير الاوقاف الاسلامية للوائح الشطب مطلع العام الجديد بحسب الاصول”.
وشكر قباني اعضاء المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى الذين انتهت ولايتهم على كل ما بذلوه في السنوات السبع. واعتبر أن لقاء بعض اعضاء على مدخل دار الفتوى بدعوة من نائب الرئيس عمر مسقاوي يوم السبت في 8/12/2012 هو لقاء باطل كما أن قرارهم بالتمديد للمجلس الشرعي سنة رابعة جديدة هو قرار باطل “لأن نائب الرئيس ليس له ان يدعو المجلس الشرعي الا في حالة غياب رئيسه مفتي الجمهورية (في حال مرضه او سفره خارج البلاد)”.
واضاف قباني: “لقد أصبح المجلس الشرعي في السنوات الأخيرة مجلسا سياسيا، وأنا أريد أن أعيد للمجلس هيبته ليكون مجلسا للأمور الوقفية والدينية، وإذا كانت هناك امور قاهرة في البلاد لا بد فيها من بيان فيمكن للمجلس ان يجتمع بحضور اعضائه الطبيعيين رؤساء الوزراء السابقين والرئيس العامل (رئيس الحكومة الحالي) ويصدروا بيانا بالأمور الوطنية والموقف الوطني اللازم”.
وتوقع أن تحظى دعوته لانتخاب مجلس شرعي باعتراض من مددوا لأنفسهم “فهم يريدون دحرجة كرة التمديد ولا يريدون انتخابات للمجلس، لقد وقعوا في التناقض واغراضهم السياسية باتت معروفة، وللأسف ليس هذا قرارهم بل قرار من وراءهم”.
وخاطب قباني المسلمين السنة قائلا: “بعض ساستكم وليس كلهم، يريدون أن يقبضوا على بلعوم دار الفتوى ليخنقوها لتكون كما هم يريدون، وسيرى كل من سيقف في وجه مفتي الجمهورية الموقف الحق الذي يعتصم بالله سبحانه وتعالى وليس بهؤلاء المخلوقين”. وحمل الفريق الآخر مسؤولية التسبب في وجود مجلسين شرعيين اذا عارضوا قرار اجراء انتخابات جديدة.

ونفى قباني كل ما يردده خصومه بأنه “يقف كل هذه المواقف لأنه يريد التمديد لنفسه في منصب الافتاء”، وقال: “هذه شعارات سياسية لإضعاف قراري”، وتعهد بأن يتوجه الى منزله الشخصي فور انقضاء ولايته.
وانتقد “المستقبل” من دون ان يسميه وقال ان ما نشهده اليوم من قبله لا يمت بصلة الى مدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
كرامي: مع الانتخابات
وقال الرئيس عمر كرامي لـ”السفير” انه استمع من المفتي قباني خلال لقائه به امس الاول، الى ملاحظاته حول موضوع انتخابات المجلس الشرعي، واشار الى ان همّ مفتي الجمهورية الوحيد “هو حفظ وحدة الطائفة وعدم تسييس المجلس الشرعي، وانه شخصيا لا يريد شيئاً لنفسه، وقلنا له انه لا بد من تطوير وتعديل المرسوم الرقم 18 الذي يرعى شؤون دار الفتوى ومؤسساتها، وقد اتصل بي الرئيس فؤاد السنيورة اليوم (امس) وتحدثنا مطولاً في موضوع التعديلات والاصلاحات، وقلنا ان همّنا هو المصلحة العامة لا مصلحة شخص او طرف، وان نحفظ كرامة المفتي والموقع لحين انتهاء ولايته بعد سنة ونصف السنة”.
وأكد كرامي أننا مع التعديلات على المرسوم 18 “بهدف تحقيق الاصلاحات اللازمة ومع اجراء الانتخابات بحسب الاصول والقانون، لأنه في النهاية لا بد من تطوير مؤسسات دار الفتوى لتوحيد الصف الاسلامي”.
مسقاوي: لم نسمع بدعوة قباني
وقال الوزير الاسبق عمر مسقاوي لـ”السفير” انه شرح للرئيس كرامي، أمس، المشكلة من أساسها، “وقد أبدى تفهما وتوافقنا على ضرورة إيجاد الحلول التي تحمي وحدة الطائفة”.
وأضاف: ان وضعنا القانوني سليم، ونحن نعتبر أنفسنا أننا مددنا للمجلس من أجل أن يكون هناك تأسيس صحيح للانتخابات من كل النواحي القانونية، ونحن نطلب من أصحاب الدولة مجتمعين أن يساعدونا في هذا الموضوع، مؤكدين أننا منفتحون على كل الاقتراحات التي تصدر عن دولتهم.
وتابع مسقاوي ردا على سؤال: “لن نرد على المفتي قباني، لأننا نتحصن بوثائق قانونية، ونحن نعتبر أنه لا بد للمفتي من أن يعود الى المجلس بشأن الانتخابات وفقا للقواعد المعتمدة، وإذا كان لا بد من إجراء الانتخابات، فهذا يجب أن يتم بوجود المجلس الشرعي الذي من صلاحياته أن يهيئ ويشرف عليها”.
وعن دعوة قباني الى انتخاب مجلس شرعي جديد في الاسبوع الأخير من شهر شباط، قال مسقاوي: “لم نسمع بهذه الدعوة بعد”.

“هيئة علماء المسلمين”
بدورها، أصدرت “هيئة علماء المسلمين” بيانا دعت فيه علماء الدين “إلى التنبُّه لما يجري اليوم من محاولات لتهميش دورهم، أو لتجييره لغير صالح الدعوة الإسلامية، والاستعداد للقاء موسَّع يدعَوْن إليه قريباً”.
وفوَّض المكتب الإداري لـ”الهيئة” فريقاً من أعضائه للتعاون مع بعض الحقوقيين بغرض الإعداد لتقديم دعاوى قضائية أمام القضاء المختص بحق كل من يُظهره التحقيق متسبِّباً أو مشاركاً في أيِّ ضرر مادّي أو معنوي لَحِق بمصالح المسلمين السنَّة في لبنان.
ودعت “الهيئة” المسؤولين “إلى تغليب المصلحة الإسلامية العليا في تعاطيهم مع قضايانا الإسلامية، وعدم إدخالها في الحسابات السياسية الضيقة”، وحذّرت “من العبث بمصالح المسلمين وإدخالها في ألاعيبهم أو المناكفات في ما بينهم، وإن المسلمين جميعاً وكل العلماء لن يقصروا في محاسبتهم ومساءلتهم عن كل ما يلحقُ بالمسلمين من ضعف أو تصدع أو اختلاف”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.