ملامح من مستقبل تركيا حال فوز كمال كليتشدار أوغلو

وكالة أنباء آسيا:

تستعد تركيا لأول جولة إعادة في الانتخابات الرئاسية بعد منافسة انتخابية قوية، وقد تقدم الرئيس، رجب طيب إردوغان، على منافسه العلماني، كمال كيليتشدار أوغلو، دون أن ينجح في تأمين ما يكفي من الأصوات لتأكيد فوزه في الجولة الأولى.

وأظهرت النتائج شبه الكاملة لأهم انتخابات تشهدها تركيا أن إردوغان الذي اعتلى الحكم منذ عام 2003، لم يهزم في أكثر من 10 انتخابات وطنية، أخفق بفارق طفيف عن تحقيق نسبة الـ50 بالمئة المطلوبة زائد صوت واحد. ولم يحصل إردوغان ولا منافسه على نسبة 50 بالمئة من الأصوات اللازمة لتجنب إجراء جولة إعادة في 28 مايو/آيار الجاري، في انتخابات يُنظر لها على أول اختبار حقيقي لحكم أردوغان السلطوي.

ومنذ سنوات، يتصدر كليتشدار أوغلو المعارضة التركية التي خسرت سلسلة من الانتخابات على مدى عقد من الزمن. وعرف بمعارضته الشديدة تجاه إردوغان والحزب الحاكم، ولطالما كان يوجه الاتهامات لهما بين اليوم والآخر.

من غير المعروف ماذا سيقدم أوغلو لتركيا عقب نجاحه، لكن بعض ملامح نظام حكمه قد ظهرت من خلال برنامجه وتصريحاته الانتخابية.

فوفقا لتصريحاته الصحفية ينوي أوغلو توجيه تركيا العضو في الناتو مرة أخرى نحو الغرب، وتعزيز العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على علاقات تركيا مع روسيا.

أما بالنسبة لنظام الحكم، فيبدو أن أوغلو يسعى في حال فوزه إلى إلغاء النظام الرئاسي وعودة النظام البرلماني، واستعادة منصب رئيس الوزراء وضمان استقلال المحاكم وتعزيز الحريات الصحفية- وذلك وفقا لتصريحاته الصحفية. فقد خاطب الأتراك قائلاً: “سأخدم جميع مواطني تركيا البالغ عددهم 85 مليونا. وسأظهر الاحترام لكل واحد منكم”.

ويزعم المراقبون أنه إذا فاز كمال كليجدار أوغلو وحلفاؤه بالرئاسة والبرلمان، فأنهم يعتقدون أن العودة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية واستقلال البنك المركزي ستؤدي إلى خفض التضخم إلى 30 في المئة بحلول نهاية عام 2023 وسيستمر في الانخفاض بعد ذلك.

ففي الوقت الذي وعد الحزب الحاكم بدعم العملة المحلية من خلال استمرار برنامج الودائع بالليرة التركية المحمية الذي أقرته الحكومة بداية العام الماضي، وإعادة هيكلة الديون، والمحافظة على أسعار الفائدة بدون زيادة، من دون إيقاف برامج المساعدات المباشرة “منح قروض بقيمة 150 ألف ليرة للشباب من دون فوائد”.

ردت المعارضة متمثلة في أوغلو عبر البرنامج الانتخابي لما يسمى “الطاولة السداسية” بإلغاء برنامج الودائع المحمية بالليرة ودعم الليرة التركية، من خلال تدفق الاستثمارات والعملات الأجنبية لتركيا، ليعود التضخم إلى خانة واحدة خلال عامين، معيبة على سياسة العدالة والتنمية بالتدخل بقرارات المصرف المركزي واستمرار تخفيض سعر الفائدة المصرفية” بعد بتثبيت سعر الفائدة والتطبيع في السياسات النقدية”.

وأشاروا خلال البرنامج ورؤية المئوية الثانية لحزب الشعب الجمهوري، إلى جلب 100 مليار دولار من الاستثمارات المباشرة، بالإضافة إلى استثمارات إضافية بقيمة 75 مليار دولار من صناديق التقاعد وصناديق الثروة في الخارج.

إلى جانب هذا وذاك، يمثل نجاح أوغلو مصدر قلق كبير للاجئين وبخاصة من الجنسية السورية الذين فروا إلى تركيا خلال السنوات الست الأولى من الحرب السورية.

حيث قال كليجدار أوغلو إنه سيتفاوض مع دمشق بشأن عودة السوريين إلى بلادهم. ويعلم زعيم المعارضة جيدا أن تطبيق أي اتفاقية مع الحكومة السورية بهذا الشأن قد يستغرق عامين، وسيطلب من الأمم المتحدة الإشراف عليه.

كما من المتوقع أن يقوم أوغلو في حال فوزه بإنهاء مساهمة دولة قطر المالية البالغة (49%) في معمل الصيانة الرئيسي للدبابات في صكاريا المعروف باسم (TANK PALET FABRİKASI)، وتسليم المصنع للجيش التركي بشكل كامل. وينتج المصنع قطع الغيار للدبابات وتطوير دبابات “ألتاي” التركية، إضافة إلى تصنيع مدافع هاوتزر وجنازير الدبابات. كما ينوي مرشح المعارضة إلغاء مشروع قناة إسطنبول ومنع الشركات المساهمة في هذا المشروع من الاستثمار في تركيا.

وتكتسب هذه الانتخابات أهمية بالغة بالنسبة لأكراد تركيا الذين يشكلون ما يصل إلى خمس سكان البلاد البالغ عددهم 85 مليون نسمة. ويدعم ما يصل إلى واحد من كل عشرة ناخبين حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، ثاني أكبر حزب معارض. وقد أعلن الحزب دعمه علناً لكليجدار أوغلو، كما يرى الأكراد أن هذه “أهم انتخابات في تاريخ تركيا”.

عملَ كليجدار في مؤسسة الضمان الاجتماعي التركية بدءا من عام 1992، وتولى مسؤولية إدارتها العامة بين عامي 1997 و1999. وقد انتخب يوم 31 أغسطس/آب 2012 نائبا لرئيس الاشتراكية الدولية.

بدأ كليجدار نشاطه السياسي عام 2002 بانضمامه إلى حزب الشعب الجمهوري العلماني، الذي يعتبر نفسه الوريث الشرعي لسياسة وفكر مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك.

خاض انتخابات البرلمان التركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2002 ثم في أغسطس/آب 2007، وفاز بعضوية البرلمان بالدائرة الثانية في إسطنبول. وترشح لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى بالانتخابات المحلية التي أجريت في مارس/آذار 2009، لكنه نال 37% فقط من الأصوات فخسر المنصب لصالح مرشح حزب العدالة والتنمية قدير توباش.

ويتزعم كليجدار المعارضة باعتباره رئيسًا لأكبر أحزابها، وهو معروف داخليا بمواقفه المناهضة بشدة لحزب العدالة والتنمية وحكوماته المتعاقبة، كما يعارض بقوة سياسات الحزب الخارجية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.