ميليشيا حزب القوات: سلاح متفلّت برسم الأجهزة الأمنية

موقع الخنادق:

جريمة في وضح النهار نُقلت على وسائل الإعلام مباشرة، المخططون لها والمنفذون معروفون بالوجوه والأسماء وبالجهة السياسة، ليس فقط لمسؤولي الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية بل للعلن. فمن يطلّع على مجريات الاحداث ويراجع الصور ومقاطع الفيديو – التي انتشرت سريعاً على الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي – يتأكد من خلال بعض الملاحظات ان ما حصل كان مدبّرًا وعن سابق إصرار وترصد، ويحمل الكثير من الدلالات والتداعيات على لبنان وشارعه ومشهده السياسي والأمني.

خطة عسكرية محكمة من كل الجوانب: التموضع، التشكيل، التوزّع وصولاً للتنفيذ والانسحاب دون إلقاء القبض عليهم، تطرح أسئلة جديّة حول التدريب والخبرات المستحدثة التي تلقتها ميليشيا حزب القوات في الفترات الماضية، فانتشار العناصر– منذ ما قبل وصول المظاهرة الى المنطقة المحدّدة – على أسطح الأبنية وتمركزهم بالوضعيات وتكتيكات المناسبة لعمل القنص المتعمّد للقتل، حيث ان إصابات الشهداء والمدنيين الأبرياء كانت في الرأس والأجزاء العلوية من الجسد، بحسب الأوساط الطبية، ومن أين كل هذه التكتيكات لحزب من المفترض ان آخر خبرة عسكرية حصل عليها كانت أيام الحرب الاهلية اللبنانية أي ما قبل التسعينات؟

أمّا من ناحية القدرة على الاستمرار لأكثر من خمس ساعات، فيترك علامات استفهام عن حجم الأسلحة ونوعيّتها وعددها والذخيرة ومخزونها وعن الجهة الخارجية المسؤولة عن تمويل هذا الحزب وامداده بكل هذا السلاح، كما ويؤكد هذا المخزون على جهوزية مسبقة واستعداد في حال استمرت الأمور وتدحرجت لمدة أطول.

إذن من يدعي انه لا يجب ان يكون في الدولة سلاحًا الا سلاح الدولة، فليفسّر للرأي العام اللبناني سلاحه وشرعيته في قتل لبنانيين مدنيين أبرياء!

وعلى المقلب السياسي، تصريحات كشفت كل المستور ورفعت الغطاء وفرزت بين من يريد فعلاً العدالة والعدل في البلد، ومن أكدّ بنفسه على تورّطه في هذه المجزرة، لكن اللافت هو الموقف المتناقض لقيادة الجيش اللبناني، ففي بيانه الأول كان أعلن عن تعرّض المتظاهرين “لرشقات نارية” ليتبدّل الموقف بعد ساعات قليلة الى مجرّد “اشكال وتبادل إطلاق نار”، فهل ستوضّح قيادة الجيش هذا التبدّل والتناقض؟ وهل يعود الى تدخلات أمريكية بعد زيارة واجتماعات النائبة فيكتوريا نولاند بالمسؤولين اللبنانيين؟ وبعد إعلانها تسليم دعم للجيش بقيمة 65 مليون دولار!

في المقابل فان البيان المشترك لحزب الله وحركة أمل يؤكد الإصرار على المضي نحو إحقاق العدالة والنزاهة في التحقيق، وان على القاضي طارق بيطار التنحي عاجلاً أم آجلاً وتخليه عن أسلوب الاستنسابية والتسيس في تحقيق انفجار المرفأ.

واليوم تستمر اجتماعات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون في غرفة عمليات قيادة الجيش لمتابعة مجريات الأوضاع، بحيث أن الجريمة التي وقعت تمثّل تحدياً للحكومة الجديدة وللأجهزة الأمنية بإحالة المنفذين والمحرّضين الى المحاسبة القضائية والقانونية، ولا سيما ان بيان حركة امل وحزب الله وجّه الاتهام مباشرة لحزب القوات اللبنانية، وأن القضية (المجزرة التي سقط فيها 7 شهداء مدنيين و32 جريحًا) ينبغي أن تحال الى القضاء العدلي، فهي ليست جريمة عادية، بل تأتي في سياق إثارة الفتنة وإشعال الحرب الاهلية التي يرفضها اللبنانيون فيما يحرض عليها القواتيون وحلفاؤهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.