هل هي فعلًا حرب على الارهاب؟

موقع العهد الاخباري ـ
عقيل الشيخ حسين:

كيف بات من الممكن للحرب التي تحتدم اليوم في المنطقة أن تكون “حرباً على الإرهاب”، أي أن تكون حالة شاذة بالقياس إلى جميع الحروب التي عصفت بالمنطقة منذ فجر التاريخ المعروف؟ علماً بأن تلك الحروب قد تميزت بكونها عمليات غزو قام بها الغربيون لهدف معلن هو، رغم الحالات القليلة التي أطل فيها من وراء طلاء ديني رقيق، وضع اليد على ثروات المنطقة.

إثبات هذه النظرية ممكن عبر استحضار أمثلة تمتد من حروب البلبونيز التي جرت بين الفرس واليونان قبل 25 قرناً، إلى اغتصاب فلسطين قبل 70 عاماً فالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وهو العدوان الذي قامت به كل من بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني، وذلك في ظل أوضاع تميزت بالاحتلال الاستعماري المباشر لمعظم البلدان العربية والإسلامية.

لكن مشكلة حقيقية تطرح نفسها، أقله على مستوى الحجاج بين مختلف الأطراف المتحاربة،  لجهة توصيف الحروب التي شنها الأميركيون وحلفاؤهم على المنطقة منذ الهجمات الإرهابية على نيويورك وواشنطن في 11 أيلول / سبتمبر 2001، وتلك التي تفجرت في سوريا وليبيا واليمن بفعل ظاهرة الربيع العربي.

داعش

بكلام آخر، هل تشكل هذه الحرب الراهنة المسماة بالحرب على الإرهاب استمراراً لحروب الغرب الاستعماري الهادفة إلى إخضاع المنطقة ووضع اليد على ثرواتها، أم أنها تشذ عن هذه القاعدة لتكون، على ما تريده البروباغندا الغربية، حروباً ضد الإرهاب من جهة، وضد الأنظمة الديكتاتورية من جهة أخرى؟

الحقيقة أن التوقف أمام التساؤل الأخير لم يعد أمراً يستحق اهتمام المراقبين منذ انكشاف العلاقة بين الجماعات الإرهابية وقوى الهيمنة الصهيو-أميركية وامتداداتها الإقليمية. وكذلك في ظل التناقض الفاضح في الأطروحات التي تضع مشيخات النفط في موقع يؤهلها لأن تتدخل بكل قوتها في هذا البلد او ذاك من أجل الديموقراطية رغم كونها تعتمد، هي نفسها، نظام حكم استبداديا مطلقا، بعيداً عن أي دستور غير ذاك المتمثل بالإرادة العليا للأمير أو الملك.
الحرب الفعلية

من هنا، وانطلاقاً من اعتبارات أخرى كثيرة، يمكن القول بأن ما تسمى بـ “الحرب على الإرهاب” هي محاولة لإخفاء الطبيعة الحقيقية للحرب غير المباشرة للحرب التي تدور رحاها منذ دخول معسكر الهيمنة في طور هزيمته النهائية. أي على وجه التحديد، منذ تفجر الثورة الإسلامية في إيران، واندحار مشروع الاستسلام العربي أمام الكيان الصهيوني بفضل الصمود السوري، وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي على يد المقاومة في لبنان وفلسطين.

وإخفاء الطبيعة الحقيقية للحرب يشتمل على محاولة لـ “تحييد” المعتدي، أو حتى لوضعه في موقع الحليف في مواجهة كاذبة مع عدو افتراضي في حين أن الهجوم الحقيقي يتركز على القوى المسؤولة عن الهزائم التي مني بها معسكر الهيمنة في المنطقة. والواضح أن تلك القوى هي محور المقاومة والتحرر في المنطقة والعالم.

فعندما يقوم الغربيون بتنفيذ عمليات عسكرية تحت عنوان محاربة الإرهاب في هذا أو ذاك من بلاد العرب والمسلمين، فإن هذه العمليات تلحق الضرر حصرياً بمؤسسات ومصالح هذا البلد العربي أو المسلم، سواء أدى ذلك ام لا إلى القضاء على الإرهاب الذي يتحول إلى ذريعة تسمح للغربيين بشن حروب غزو جديدة من موقع الادعاء بأنهم يساعدون الشعوب على التحرر من الإرهاب ومن الأنظمة الديكتاتورية على حد سواء.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.