هل وجد تيار المستقبل ضالّته الوطنية؟

mustaqbal-bekaa

موقع إنباء الإخباري ـ
مصعب قشمر:
من الذي أوصل المسيحيين إلى السير بالمشروع الارثوذكسي، هل هو النظام السياسي، أم القانون الانتخابي، أم التحالفات السياسية ، أم الممارسة السياسية؟
منذ العام 1992 يشكو المسيحيون من تهميش في التمثيل النيابي. الشكوى ليست بقلّة عدد النواب، فعدد النواب المسيحيين في البرلمان اللبناني يساوي عدد نظرائهم من المسلمين. لكن القياديين المسيحيين يعتبرون أن اكثر من نصف نوابهم يتم انتخابهم بغير الصوت المسيحي، فأغلبية نوابهم يتم إيصالهم إلى المجلس النيابي بالصوت المسلم، وهذا ما يعتبرونه ظلماً وانتقاصاً لحقوقهم، فالصوت المسيحي في الشمال والجنوب وقسم من البقاع وآخر من جبل لبنان ليست له قيمة انتخابية، لأن الغلبة فيها للصوت المسلم، وهنا تكمن المشكلة التي جعلت المسيحيين يرفعون صوتهم لإيجاد حل لها، ووجدوا في المشروع الارثوذكسي الطريق الأنسب للوصول الى برلمان يحقق المناصفة الفعلية، بعيداً عن تأثير الناخب المسلم.
غداة إقرار المشروع الارثوذكسي تطايرت التصريحات النارية المعارضة، بشكل جعل من المشروع الجديد مقدّمة لتقسيم لبنان وتجزئته، ووصم المشروع بالخروج عن الميثاقية، والبعض استذكر نظام المتصرفية وفدرالية الطوائف والمذاهب. ووجد هؤلاء ضالّتهم الوطنية بعدما أضاعوا بوصلتها طوال فترة سيطرتهم على مقاليد الحكم، ونسوا أن هناك فريقاً سياسياً ـ ومجتمعاً بأكمله ـ يحتاج لمن يسمع صوته وينصت إلى همومه، فالنائب سعد الحريري اسودّ وجهه، والنائب وليد جنبلاط أعاد إلى الواجهة اصطلاح الانعزالية، وغيرهم كثر تباكوا على الوطن وثارت حميتهم الوطنية لمجرد أن أعاد المشروع الاعتبار إلى الصوت المسيحي. وكأن الذين هاجموا المشروع يملكون من الوطنية والأهلية للحفاظ على الوطن وشعبه أكثر مما يملكه غيرهم من القوى السياسية التي صوتت الى جانب المشروع.
فهل تيار المستقبل أكثر غيرة على الوطن من حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر والمردة، أم أن الوطنية تكمن فقط في تذويب الناخب المسيحي والتهام  نوابه؟
قبل العام ألفين وخمسة كانت ذريعة البعض أن الوجود السوري في لبنان هو الذي يمنع قيام قانون منصف للجميع، لكن بعد الخروج السوري في نيسان 2005 بقي الناخب المسيحي تحت وطأة التهميش، واتهم العماد ميشال عون تيار المستقبل بالسطو وسرقة النواب المسيحيين، لكن هذا الاتهام لم يحرّك ساكناً عند تيار المستقبل ورفض سماع الأنين المسيحي، معتقدا أن التغطية التي يحصل عليها من قبل حلفائه المسيحيين تكفي للمضي قدماً بسياسة التهميش المسيحي.
طوال فترة المناقشات والبحث عن بدائل لقانون انتخابي بقي تيار المستقبل بعيداً عن أي طرح انتخابي، اعتقاداً منه أن النقاشات لن توصل إلى صيغة معينة تعيد التوازن للصوت المسيحي، لكنه عندما بدأ يشعر أن حليفيه المسيحيين ـ الكتائب والقوات اللبنانية ـ انحازا  فعلياً إلى صيغة الأرثوذكسي وأن ذلك يمكن أن يوصل إلى قانون حتمي، تحركت آلة التعطيل في تيار المستقبل سعياً إلى تمرير الوقت كي لا يصل النقاش إلى نتيجة معينة، فبادر عندها إلى طرح ما في جعبته، متظاهراً بأنه تنازل عن بعض من نوابه إلى جناحيه المسيحي، لكنه لم يوفق أمام إصرار العماد عون على حصول المسيحيين على العلامة الكاملة تصويتاً ونوابا.
وعندما أقرت اللجان النيابية المشتركة الطرح الارثوذكسي تعرض الحريري إلى صدمة سلبية تحول فيها ناديه السياسي إلى حلقة سوداء، اكفهرت فيها الوجوه، وبدا أعضاؤه كمن يخبطون خبط   عشواء.
اليوم الأسود قابله يوم أبيض ناصع عند العماد عون، لأنه أعاد الحقوق إلى أصحابها من دون المس بحقوق الآخرين. وإذا كان العماد عون قد وصف “اليوم الأرثوذكسي” بالناصع البياض، فإنه لم يقفل الباب أمام اي قانون آخر.. ينصف المسيحيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.