هل يفضّل ألا يقود أبناؤنا السيارات قبل سن الثامنة عشر؟

قد يعني حصول شاب مراهق على رخصة القيادة الكثير بالنسبة له؛ إلاّ أن ارتفاع معدل حالات الوفيات السنوية بصورة مذهلة تصل إلى 7000 وفاة وأكثر من 39,0000 إصابة سنوياً في المملكة العربية السعودية وحدها، دفع الآباء للتساؤل إذا كان ينبغي علينا أن نثق بقدرة أبنائنا المراهقين على القيادة. للإجابة على هذه التساؤلات، قامت كارمودي، المنصة الإلكترونية العالمية لبيع وشراء السيارات على الإنترنت، بإلقاء نظرة تحليلية على بيانات الحوادث المرورية، جنباً إلى جنب مع علم الأعصاب الذي يدرس تطور ونمو دماغ الشباب المراهقين، في محاولة لفهم طريقة تفكيرهم وإمكانية توعيتهم وتعليمهم قوانين القيادة الآمنة أو إذا تقرير إذا كان الشباب في تلك السن مدفوعين بطبيعتهم للتصرف بلا مبالاة.

حسب بيانات صادرة عن السلطات السعودية، تتصدر المملكة العربية السعودية قائمة البلدان العالمية في عدد مجموع الوفيات الناجمة عن حوادث المرور والتي تصل إلى 21 وفاة تقريباً بين كل 100,000 شخص. أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد وصل عدد حالات الوفاة التي تم الإبلاغ عنها إلى 147 حالة في الربع الأول من عام 2015، مما يجعل الطرق الموجودة في منطقة الشرق الأوسط من بين أكثر الطرقات خطراً في العالم.

عندما نتحدث عن ارتباط القيادة المتهورة مع المراهقين، فلا يعني ذلك أننا نشكك في قدرتهم على تمييز ومعرفة ما ينفعهم. ولكن أبحاث المعاهد الصحية الوطنية الأمريكية (NIH) أثبتت عدم اكتمال نمو الجزء المتحكم بتحليل المخاطر والتحكم بالتصرفات والقرارات المندفعة أو المتهورة في الدماغ قبل سن الخامسة والعشرين. كما أن “النواة المتكئة”، وهي المنطقة المسؤولة عن تسجيل الإحساس بالسعادة والمكافآت في المخ، تواصل النمو من سن الطفولة لتبلغ ذروتها في سن المراهقة ثم تبدأ في التقلص بعد ذلك. عندما يجتمع هذا مع دفعة من الدوبامين، يصبح شعور المراهق بالإنجاز والمكافأة أكبر مما هو عليه بالفعل، لأن دماغ المراهق يجعله يشعر أن المكافأة أعظم بكثير من المخاطرة.

تساهم سلوكيات القيادة لدى المراهقين بطريقة مباشرة في التسبب بحوادث السيارات، فهم أكثر عرضة للإنخراط بتصرفات على درجة عالية من المخاطرة، بما فيها الإطلاع على هواتفهم المحمولة بطريقة أكثر مع زيادة شعورهم بتحسّن قيادرتهم. فبعد 16 شهر من القيادة، ينهمك المراهقون في تصرفات مشتتة للتركيز بمعدل يصل إلى ضعف المرات التي ينهمك فيها البالغون بتصرفات مماثلة. ويظل العامل المشترك الذي أثبتته جميع التقارير المرورية هو أن كتابة الرسائل النصية أو قراءتها، أو إجراء المكالمات خلال القيادة يضاعف من احتمال وقوع الحوادث ثلاث مرات.

ومن ناحية أخرى، تعتبر أعمار المركبات التي يقودها المراهقون أحد العناصر المساهمة في معدل وفياتهم. فقد وجدت دراسة حكومية أن ما يقارب نصف عدد السائقين الذين لقوا حتفهم في حوادث مرور بين 2008 و 2012 في الولايات المتحدة وتراوحت أعمارهم بين عمر 15 و 17 سنة كانوا يقودون سيارات تصل أعمارها إلى 11 سنة. ولكن الخبر المشجع هو أن الشركات المصنعة للسيارات تواصل القيام بإنتاج سيارات آمنة، حيث تتنافس السيارات الآن بكل أنواعها بميزات الأمان المختلفة المتاحة فيها، والتي تتراوح بين مساند الرأس الديناميكية وأحزمة الأمان المتطورة، إلى وجود نظام التحكم الأوتوماتيكي بثبات السيارة الذي يعمل بطريقة تلقائية عند الضغط على المكابح أثناء المناورات القصوى. وفي حين أنه لا يتوقع أن يقل عدد الحوادث في المستقبل، إلا أن الهدف من وراء هذه التصاميم هو خفض عدد الوفيات الناجمة عنها.

وفي هذا الصدد، علق السيد محمد نوير, المدير العام لشركة كارمودي، قائلاً، “لن يحل رفض الآباء إعطاء مفاتيح السيارة لأبنائهم مشكلة الوفيات التي تؤدي إليها حوادث السيارات، ولكن الآباء يلعبون أهم وأكبر دور في الحفاظ على سلامة أبنائهم وراء عجلة القيادة. فبالإضافة إلى تزويدهم بمركبات آمنة وتثقيفهم وتوعيتهم بأخطار استخدام الهواتف المحمولة عند القيادة وأهمية ربط أحزمة الأمان، يجب أن يكون الآباء على وعي تام بسلوكياتهم هم أثناء القيادة. فالمراهقون يقلدون آباءهم في كل شيء تقريباً. هل يحكم الأب وضع حزام الأمان عند القيادة؟ هل تتكلم الأم على الهاتف المحمول؟ هذه الأشياء الصغيرة تحمل في طياتها تأثيراً كبيراً على الطريقة التي يتصرف بها المراهقون عندما يتولون هم أمر القيادة.”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.