هولاند في البيت الابيض: مهمّة الوساطة المعقدة

الميادين.نت ـ
منذر سليمان*:
إسقاط تركيا للطائرة الحربية الروسية فوق الاراضي السورية يلقي بظلاله على لقاء الرئيس الأميركي ونظيره الفرنسي في البيت الابيض، وسيجعل مهمة هولاند أكثر تعقيداً في واشنطن التي تتوجس من أي دور فرنسي وسيط بينها وبين موسكو.
إسقاط الطائرة الروسية يجعل مهمة هولاند أكثر تعقيداً في واشنطن ( أ ف ب)
إسقاط الطائرة الروسية يجعل مهمة هولاند أكثر تعقيداً في واشنطن ( أ ف ب)
إسقاط تركيا للطائرة الحربية الروسية فوق الاراضي السورية يلقي بظلاله على لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الفرنسي فرنسوا هولاند في البيت الابيض. بعد صدمة هجمات باريس يجري هولاند اجتماعات مكثفة مع عدد من زعماء العالم في مسعى لتشكيل تحالف واسع ضد داعش، وبعد واشنطن يعود إلى باريس حيث سيلتقي المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل، ومن ثم ينتقل إلى موسكو الخميس المقبل للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
إسقاط الطائرة الروسية يجعل مهمة هولاند أكثر تعقيداً في واشنطن، التي تتوجس من أي دور فرنسي وسيط بينها وبين موسكو، وتعمل على كبح اندفاعه بعيداً من التحالف الأميركي أو إطار حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
أوباما سيعد هولاند بتعزيز التعاون الثنائي أمنياً وعسكرياً وتطويره ضد داعش، ودعوة بوتين للتكامل مع التحالف الأميركي والانضمام إليه بدلاً من تشكيل تحالف جديد موسع. هولاند المسكون بهاجس الرعب الذي تعيشه فرنسا والعديد من الدول الأوروبية، جراء ضربات داعش، ينظر إلى إجراءات أشد حزماً لمواجهة التنظيم في المسرح السوري، ويراهن على الدور الروسي الفاعل مقارنة بدور التحالف الأميركي المحدود حتى اللحظة. أردوغان في مسعى لإنقاذ المجموعات المسلحة التي يدعمها في الشمال السوري من ضربات الجيش السوري وحلفائه، ومن سلاح الجو الروسي، أقدم على ما هو أكبر من “طعنة في الظهر”، كما وصفها بوتين.
والجريمة الاشد بشاعة أن يتم اغتيال الطياريين الروسيين أثناء هبوطهما بالمظلات من قبل الجماعات المسلحة التابعة لتركيا. تصرفت القيادة التركية على غرار المثل الشائع “ضربني وبكى، سبقني واشتكى”.
الشكوى كانت سريعة لينجدها حلف الناتو في مسعى متكرر لاستدراج الحلف دعم خطتها لإنشاء منطقة حظر جوي، أو منطقة آمنة في الشمال السوري، بعد قراءاتها لمؤشرات مرنة أبدتها واشنطن تفيد بتقبلها للمخطط. قد تكون القيادة التركية أقدمت على فعلتها بإسقاط المقاتلة الروسية بتشجيع من واشنطن كجزء من محاولات الردع غير المباشر للانخراط الروسي. ألم تحذر واشنطن مراراً موسكو من مغبة الوقوع في مستنقع الحرب السورية؟ ولم تتوان عن انتقاد هذا الانخراط بحجة أنه لا يستهدف داعش؟
إسقاط الطائرة الحرية الروسية يعرقل مهمة هولاند في واشنطن، وقد ينسف دور الوسيط أو العراب الذي تطلّع إليه نحو مخرج يسهل التعاون الروسي – الأميركي باتجاه خطوات جادة مشتركة لمحاربة داعش. وكذلك باتجاه نزع الالغام التي وضعتها واشنطن وحلفائها أمام طريق عملية سياسية سورية-سورية توقف الحرب.
*مدير مكتب الميادين في واشنطن. باحث وكاتب وأكاديمي متخصص في شؤون الأمن القومي. مدير لمركز الدراسات الأميركية والعربية في واشنطن ومحرر نشرة أسبوعية الكترونية لرصد مراكز الابحاث باللغتين العربية والانكليزية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.