هي الفتنة؟

tripoli-explosion6

صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
بكل أسف، وقع المحظور .. من وضع متفجرة الضاحية الجنوبية قبل أسبوع ضرب أمس مدينة طرابلس وتحديدا في مسجديها: من أصاب الشيعة في الضاحية (ولنسمح لأنفسنا بقول الواقع) أصاب مناطق السنة في شمال لبنان. ما حذرنا منه بات واضحا: هي الفتنة.
إنه الوضوح الشديد لمسرى فتنة تتحرك بسرعة وقوة فوق ساحة لبنان .. قد لا يتمكن أحد من مواجهتها، رغم أن قوى عديدة تستعد لهذا المشهد منذ وقت طويل كونها مستهدفة، ولن تسمح بالفتنة التي تطل برأسها بل ثمة من أيقظها، أن تأخذ لبنان إلى الكارثة.
لكني أعتقد، أن ثمة غباء عند المشتغلين على الفتنة، بعدما بات واضحا من خلال نقل التفجير من الضاحية الجنوبية من بيروت إلى طرابلس أن اللعبة مكشوفة، أحيانا يقع المجرم في ورطة جريمته وتنكشف على الفور. وأعتقد أنه رغم ردود الفعل السريعة التي أصابت الطرابلسيين، فإن نداء العقل سينتصر، وسيتم الرد على التفجير بمزيد من الوحدة والتوحد.
لا شك أن الوضع اللبناني مرتبط إلى حد بعيد بالحراك الإقليمي وتحديدا السوري. ما يجري في المنطقة وبشكل خاص في الأقرب للبنان سوريا، يفرز طبيعته على الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية. لنتصور مثلا وجود أكثر من مليون سوري، أليس هذا كافيا للضغط على لبنان، وإذا أخذنا بعين الاعتبار الانقسام اللبناني بين مؤيد للدولة والنظام في سوريا ومعارض لها، نعرف بالتالي معنى أن تنساق الأمور فيه إلى درجة غليانه الدائم.
منذ الصراع على سوريا وتطور وضعها العسكري إلى حده الأخير، نام لبنان على كلام عن فتنة واستيقظ عليها .. لم يمر يوم إلا وكان الإعلام المحلي والعربي والعالمي يتنفس حديثا عن الفتنة، ويكاد أن يصنعها، أو يسهم في تصنيعها، فحجم التراكمات التي صنعتها الأزمة في سوريا، وصلت إلى درجة الغليان وبات كل شيء مهددا بفقدان الاستقرار الذي هو هش بطبيعته.
لبنان إذن في عين العاصفة، هو في وسط الأزمة التي تعصف به انطلاقا من منطقة تلفها ريح سموم .. العاملون على دفعه إلى منطقة التفجير الداخلي، يتوسلون طريقة التفجير الممنهج القائم على استهداف أماكن لها صفة مذهبية بحتة، تحت طائلة التفكير بأن طريقة من هذا النوع، ستؤدي إلى احتدام المشاعر العدائية بين الأطراف المذهبية التي ستسعى لأن يحمل كل منها الآخر المسؤولية في ما جرى عنده .. لكن الطريقة باتت مكشوفة، وأعتقد أنها أصيبت بالفشل المريع، فليس أهل طرابلس مجرد كم بشري، إنها المدينة الثانية من حيث الأهمية في لبنان، وهي تاريخيا مدينة عروبية صميمة تملك آلاف الخريجين، ولديها الكثير من المثقفين المؤمنين بوحدة لبنان ويعملون في هذا الاتجاه.
صحيح أنها الفتنة التي تطل برأسها، لكن المفترض أن لا تنجح وأن لا تجد لها صدى .. المشروع الدولي سيسقط، واللبنانيون سيتجاوزون كعادتهم المحنة بصبر وطول أناة وبوحدة داخلية وبتصميم عليها، ويعرفون بالتالي أن يد الإجرام التي تضربهم سيكون عليها أن تدفع أثمان الأرواح التي ساهمت بقتلها وبالخراب الذي عملت على تدميره.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.