واشنطن والتجسس على الحلفاء وعلى الأمم المتحدة

صحيفة الوطن السورية-

تحسين حلبي:

كشف الكاتب الأميركي جيمس بوفارد الذي أصدر عشرة كتب عن السياسة الخارجية الأميركية ومشاكلها وأسرارها، في تحليل له قبل أيام في مجلة «أنتي وور» الأميركية الإلكترونية أن الصحافة الأميركية لا تزال تخفي عن الجمهور الأميركي نتائج الحرب الأميركية على روسيا في أوكرانيا ونفقاتها المالية الهائلة على الرغم من أن أوكرانيا دولة تحمل أكبر سجل في الفساد والاختلاس المالي.

ويذكر أن الكونغرس الأميركي قام بتصويت مضاد لاقتراح بتعيين مراقب عام من الكونغرس للتحقيق في اتهامات موجهة لحكومة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي بالفساد واستئثار مسؤولين بأموال من هذا الدعم.

ويضيف بوفارد في تحليله إن «المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدين ووكالات المخابرات الأميركية طلبوا من المؤسسات الصحفية الكبيرة أن تتجنب التطرق إلى موضوع تفجير خط الغاز الروسي «السيل الشمالي» الذي تؤكد موسكو تورط المخابرات الأميركية بتفجيره، كما تطالب الإدارة الأميركية الصحافة بمنع نشر أنباء تتناقض مع الأرقام التي تعرضها وكالات المخابرات عن خسائر الجيش الأوكراني».

ويذكر أن الإدارة الأميركية تستميت لإقناع الجمهور الأميركي بأن أوكرانيا تنتصر في هذه الحرب ضد روسيا لكي تبرر سياسة زيادة الدعم العسكري الذي بلغ 100 مليار دولار من دون أن يلوح أي أمل بصمود الجيش الأوكراني في مختلف ميادين المعارك على الأراضي الأوكرانية.

وفي ظل سياسة التضليل الأميركية للجمهور تلقت إدارة الرئيس جو بايدن ووكالات المخابرات الأميركية ضربة قاسية حين انتشرت تقارير سرية سربها جاك تيكيشيرا (21 عاماً) وهو أحد العاملين في الحرس القومي الجوي الأميركي، لأصدقائه وليس لأي جهة أجنبية فقام هؤلاء بنشرها وتوزيعها، واعتقل مكتب التحقيقات الفيدرالي تيكيشيرا بتهمة الكشف عن تقارير في غاية السرية تبين منها بموجب ما نشرته الصحافة العالمية والأميركية صورة معاكسة لكل التصريحات الأميركية الرسمية عن نتائج الحرب ضد روسيا، وظهر للجمهور الأميركي أن الجيش الأوكراني يتكبد هزائم وخسائر كبيرة وأن إدارة بايدن اتبعت سياسة منهجية في تضليلها للشعب الأميركي وأوروبا فاضطر الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض جون كيربي إلى مطالبة الصحفيين الأميركيين علناً بالامتناع عن كشف هذه التسريبات ونشرها لأنها ستلحق أضراراً فادحة بعلاقات الولايات المتحدة بدول كثيرة حليفة أو صديقة لأن التسريبات كشفت عن فضائح تتعلق بجهاز الموساد الإسرائيلي للتجسس والمهام الخاصة وبالتجسس الأميركي على كوريا الجنوبية وموضوع «السيل الشمالي» ودور المخابرات الأميركية في عملية تفجيره.

وفي الـ 17 من نيسان الجاري كشف الكاتب السياسي الأميركي من هيئة تحرير مجلة «أنتي وور» الأميركية أن التسريبات تحدثت أيضاً عن عمليات تجسس أميركية على أمين عام الأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش لمحاولة ابتزازه بعد أن تبين من التجسس عليه أنه يقوض بعض الإجراءات التي تريد واشنطن اتخاذها باسم الأمم المتحدة ضد موسكو.

وهذه لم تكن المرة الأولى التي تتجسس واشنطن فيها على الأمم المتحدة والمسؤولين فيها فقد جرت مثل هذه العملية أثناء محاولة إدارة الرئيس جورج دبليو بوش الحصول على قرار باسم الأمم المتحدة لغزو العراق حين قامت وكالة المخابرات المركزية الأميركية بالتصنت على مكالمات بين رؤساء بعض الوفود الأجنبية في مجلس الأمن الدولي وعلى مسؤول كبير في الأمم المتحدة لإجباره على تبني الموقف الأميركي باتهام صدام حسين بوجود أسلحة كيميائية يخفيها في العراق.

لا شك أن السجل الأميركي السري لمهام التصنت والتجسس على مسؤولين في الأمم المتحدة كبير، ويضم آلاف الصفحات، لكن محاكمتها على هذه الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بصفتها الدولة المضيفة لمنظمة الأمم المتحدة يجب أن تبدأ في هذه الظروف بعد أن فقدت واشنطن وبشكل صارخ أدنى مصداقية تبرر لها الاحتفاظ بحق استضافتها في نيويورك لهذه المنظمة الدولية بل إنها تمنع في مناسبات عديدة منح ترخيص دخول إلى نيويورك لمسؤولين يمثلون دولهم في هذه المنظمة الأممية الدولية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.