يرتكبون الجريمة ويتباكون على ضحيتها

syria-child-kill

صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
أحد أبرز أوجه الأزمة السورية التي بدأت تتضح أكثر وأكثر هو التفريغ الممنهج للشعب السوري من بلاده، على غرار ما فُعِلَ من قبل بالشعب الفلسطيني والشعب العراقي، والباحث المنصف عن السبب في ذلك لن يحيد عنه إلا إذا كان ممن أصيبوا بعمى البصيرة أو ممن خضعوا لغسيل أدمغة أو ممن كانت له انتماءات وتوجهات تتماهى مع العملاء والوكلاء والأدوات الذين حرصوا تاريخيًّا على خدمة الاستعمار الغربي والاحتلال الصهيوني.
فلم يعد أحد بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لاستنطاق الأحداث واستنتاج العلاقة القائمة بين قوى الاستعمار والاحتلال في المنطقة وبين الإرهاب وأدواته الإجرامية، فقد انشقت الأرض العربية ـ على امتدادها ـ لتبتلع معاني الحوار والتسامح والتعايش والاستقرار والتنمية، والتواصل والتراحم وحب الخير للآخرين، لتقدم للعالم صورة مغايرة تمامًا عما عرف عنها عبر أدوات حرصت على التماهي مع القوى المستعمرة والمحتلة والمفتِّتة للمنطقة، حيث كانت شعارات “الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان” العنوان العريض لذلك التماهي والتناغم، وتحت الوقع اللفظي والضمني لتلك الشعارات بدأت تتساقط الرؤوس وتسيل بحار الدماء وتدمر المؤسسات وتستهدف المنشآت والمصانع، وتضيع الروابط الاجتماعية وتنحدر المجتمعات إلى فوضى عارمة تم إشعالها على أساس طائفي مقيت، ولعل سوريا أحد أنصع الأمثلة على هذه الفوضى المسماة كذبًا وزورًا “ثورةً” و”ربيعًا عربيًّا”.
فانكشفت الغطاءات عن تلك الشعارات لتنقل الحقيقة الماثلة وهي صنع كارثة جديدة ضد سوريا لا تختلف عن كارثتي فلسطين والعراق تستهدف الإنسان والجغرافيا والمجتمع وتركيبته الطائفية والعرقية وبعثرة الدولة إلى كيانات طائفية متناحرة وتشظيتها، وإفراغها من مضمون الدولة ويأتي في مقدمة ذلك الشعب السوري.
ولإنجاح عملية التفريغ كانت قوى الاستعمار والاستكبار والاحتلال على موعد مع الإرهاب واتخاذه سلاحًا لشق وحدة الصف للشعب السوري وبعثرته وتوزيع دمائه وأشلائه داخل سوريا وخارجها، في حفلة دم مجنونة وغير مسبوقة يرقص المحتفلون فيها على أنهار الدماء البريئة المسفوكة عدوانًا وظلمًا وعلى جثث الأبرياء، ويتاجرون فيما بينهم في الموت والقتل. وأما في الخارج وأمام الرأي العام فيطلقون صياحهم الكاذب ويذرفون دموع التماسيح على الدماء التي أراقوها والجثث التي مدوها على الشوارع والأرصفة وتحت الأنقاض والأشجار وتحت الخيم في مخيمات اللجوء، فيا لها من مفارقة يصنعون المأساة والكارثة بحق الشعب السوري ثم يتباكون كذبًا على ضحاياها، وهو مشهد لا ينفك عن مشاهد الفبركة التي كانت حاضرة بقوة في بداية الأزمة وإلى الآن والتي بنيت على أكاذيب وافتراءات بهدف التبرؤ من جريمتهم وتدوير أسطوانة الاتهام الجاهزة بإلصاق جرائمهم بالحكومة السورية.
إن الرائي بموضوعية وبعقلانية إلى طبيعة الجريمة الممنهجة بحق الشعب السوري، سيجد أن المستهدف هو حاضر سوريا ومستقبلها وعصب حياتها وبقائها المتمثل في الأطفال والشباب والنساء، في أسلوب إجرامي واضح لا يختلف عن أسلوب الإبادة المتبع في كل من فلسطين والعراق والذي يستهدف الأطفال والشباب والنساء حتى لا يشكلوا مصدر قوة في مواجهة الاستعمار والاحتلال الصهيوني الغاشم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.