أزمات العالم و«الشمّاعة» الروسية

صحيفة الوطن السورية-

هديل علي:

يجهد الاتحاد الأوروبي ومن خلفه الولايات المتحدة الأميركية، لإظهار روسيا على أنها السبب الرئيسي في أزمات العالم، بدءاً من الأزمة الاقتصادية وصولاً إلى أزمة الغذاء وطبعاً أزمة الطاقة، ورغم ذلك تسعى روسيا للتجاوب الإيجابي لدرء التهم عنها وإفساح المجال لإيجاد الحلول السياسية المناسبة وبالتالي إفشال الخطط الغربية باستهداف سمعة موسكو.

البنك الدولي اتهم روسيا صراحة بأنها السبب الرئيسي بأكبر تباطؤ اقتصادي عالمي بعدما أشاح وجهه تماماً عن العقوبات الجائرة وغير المسبوقة التي اتخذتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بحق روسيا، والتي كانت القشة التي قصمت ظهر اقتصاداتها هي ذات نفسها، خاصة أن الإحصائيات الغربية تؤكد ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة بشكل حاد إلى «ثمانية ونصف بالمئة»، ووصوله في الاتحاد الأوروبي إلى «ثمانية بالمئة» هذا العام مرتفعاً بنسب مضاعفة عن العام الماضي.

الأستاذة المساعدة في قسم مالية الحكومات والبلديات في جامعة «بليخانوف» الاقتصادية إيلينا فورونكوفا، كان لها رأي آخر أكدته لصحيفة «فزغلياد» وهو أن الدور الكبير في التضخم لعبته الدول ذات الاقتصادات المتقدمة، والتي ملأت الأسواق المالية، أثناء الوباء بالسيولة، ولم تتمكن هذه الأسواق بعد ذلك من «هضم» المال بفعل تراجع الطلب أو العرض المنخفض نسبياً، فما يقرب الـ70 بالمئة من الدين العالمي يقع على عاتق الاقتصادات المتقدمة»، وللهروب من هذه المسؤولية والاتهامات، مارست تلك الدول الضغط على روسيا لتنفيذ العملية الخاصة في أوكرانيا، وبالتالي الرد عبر عقوبات شكلت ذرائع فقط، للعثور على «المذنب» في الأزمة الحتمية التي تسببوا بها، كي لا يتم توجيه الاتهامات إليهم، بحسب آراء خبراء اقتصاد.

ما سبق يوضح تماماً ما يقوم به الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي بالنسبة لتصدير الاتهامات إلى روسيا بخصوص أزمة الحبوب وأزمة الغذاء العالمية، فحجة الألغام البحرية قائمة، وإعلان أنقرة استعدادها لنزع الألغام البحرية بالاتفاق مع روسيا، يعد تحركاً روسياً لسد الذرائع، إلا أن كييف تشير بتصريحاتها إلى السفن الروسية المرابطة في البحر على أنها خطر يحدق بأوديسا، على الرغم من استعداد موسكو الصريح، لترفيق سفن الحبوب وتأمين سلامتها، وسط تجاهل لكل هذه التصريحات والتطمينات من الجانب الأوكراني، بهدف العمل على الوقت، وفرض الجوع على الشعب الأوكراني وبعض الدول المحيطة، لاستعداء روسيا ولومها ومقاومتها، وتوجيههم لقتالها مقابل خروج سفن الأقماح الأوكرانية من ميناء أوديسا، وبالتالي الضغط لإخراج كل الحبوب مقابل توريد الأسلحة إلى كييف، وإطالة أمد الحرب الأوكرانية وإيقاف التحول العالمي الجديد نحو القطبية المتعددة.

الدعاية الغربية لشيطنة روسيا وجعلها خارجة على القانون وإلصاق التهم فيها مستمرة، وبوتيرة متسارعة، بتسارع الانهيارات المتلاحقة في اقتصاديات الغرب، وخاصة أنه أخفق في تعويض مستلزمات الإنتاج وتوليد الطاقة والغذاء من غير روسيا، وكل بلاء اقتصادي سيصيب شعوب هذه الدول ستكون الشماعة الروسية جاهزة، والتي صنعتها بروباغندا محترفة بالتزوير والتضليل، هيأت لها مراكز صناعة الرأي كل مسلتزمات النجاح، ماعدا الحقيقة التي لا ينفك الروس وحلفاؤهم التأكيد عليها، ومحاولة إيصالها إلى كل العالم، فكل تزوير وتضليل للحقائق من أجل غزو العراق وأفغانستان تم تفنيده وكذلك سيكون الأمر بالنسبة لموسكو ولو بعد حين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.