«أوكوس» أوروبي في مواجهة روسيا

صحيفة الوطن السورية-

هديل علي:

بدا واضحاً ذلك الهجوم الغربي على روسيا الاتحادية عبر أشكال متعددة من الاستفزاز غير المسبوق سواء من الناحية العسكرية التي تضمنت الحضور الأميركي والمناورات غير المقررة للناتو في منطقة البحر الأسود، أو عبر اختلاق أزمات جديدة كما هو الحال على الحدود البيلاروسية البولندية، وإعادة إحياء أخرى كملف جنوب شرق أوكرانيا، ناهيك عن حملة تضليل إعلامي تستهدف بشكل مباشر موسكو وحلفاءها.
هذا الهجوم الغربي متعدد الرؤوس من خلال الأميركي والبريطاني والأوروبي المتمثل باتحاده، أخذ منحى تصاعدياً بشكل سريع على الرغم من جولات مشاورات الاستقرار الإستراتيجي بين روسيا والولايات المتحدة، فقام الاتحاد الأوروبي بإشعال فتيل أزمة المهاجرين بعد سنوات من الصمت والمتاجرة بحقوق الإنسان ضد مينسك وموسكو من خلفها، كمقصد أساسي، إضافة إلى إعادة تسخين جبهة أوكرانيا وخلق تهديدات عسكرية مفترضة ضد كييف ورد الأخيرة بأنها ستحل مشكلة دونباس عسكرياً وإلى الأبد.
واشنطن التي دعمت إجراءات بولندا وتحشيداتها العسكرية على الحدود مع بيلاروس دعمت أيضاً أوكرانيا ولكنها لم تكتف بذلك بل جرت حلف شمال الأطلسي «الناتو» إلى مناورات عسكرية في إحدى أهم المناطق بجوار روسيا وهي منطقة البحر الأسود، وهذا كله دون ذكر محاولات التحليق قرب الحدود الروسية من طائرات أميركية وبريطانية ونرويجية مقاتلة وأخرى لغرض التجسس.
الولايات المتحدة تعي تماماً أن أوروبا غير قادرة مجتمعة على مواجهة روسيا حتى لو أضافت لها قدرات حلف الناتو العسكرية، وذلك بناء على دراسات أعدها خبراء عسكريون غربيون، لذلك تعمل واشنطن على إنشاء «أوكوس» أوروبي على غرار الاتفاقية الأمنية الثلاثية التي أنشأتها في آسيا مع كل من أستراليا وبريطانيا لإثارة القلاقل في وجه بكين.
وهذا الـ «أوكوس» الغربي تعمل واشنطن على إنشائه بشكل سري ومنفصل عن الناتو، ويتألف من الولايات المتحدة مع بولندا ودول البلطيق لتكون واشنطن قابضة على رباعيات إقليمية تنفذ بالوكالة مواجهات محدودة ضد أعدائها طبقاً للنظرية الإستراتيجية الأميركية «التوازن من وراء البحار».
الحسابات الأميركية ليست صائبة دائماً وخاصة بالشؤون العسكرية والشواهد عبر التاريخ كثيرة لعل آخرها العراق وأفغانستان، ولكن كيف الأمر مع روسيا؟
تقول صحيفة «ذا صن» البريطانية إن الولايات المتحدة ستنشر صواريخها من نوع «دارك إيغل» فرط الصوتية في ألمانيا والتي تبلغ سرعتها 4000 ميل في الساعة وسوف يستغرق وصولها من ألمانيا إلى موسكو 21 دقيقة ونصف الدقيقة، ليرد الخبير العسكري الروسي أليكسي ليونكوف على قناته على تلغرام بحسب «موسكوفسكي كومسوموليتس» أنه عند ظهور «دارك إيغل» في أوروبا، سترد روسيا بالتناظر، فتنشر صواريخها فرط الصوتية، ذات السرعات الأعلى من الأميركية، والتي يصل مداها إلى 5000 كم مع العلم أن المسافة من موسكو إلى أقصى غرب أوروبا، أقل من 4 آلاف كيلومتر في خط مستقيم.
ولا ننسى أبداً رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نشر هذه الصواريخ الأميركية في أوروبا عندما توعد بضربة انتقامية لا تقتصر على قواعد هذه الصواريخ، إنما وتشمل مراكز اتخاذ القرار بإطلاقها، فهل تغامر أوروبا بالانخراط أكثر في المخططات الأميركية ضد روسيا، أو بالأحرى هل تستطيع رفض الإملاءات الأميركية وتغليب مصالحها الوطنية عليها، أم إنها مسلوبة الإرادة وغير قادرة على مواجهة واشنطن حتى في قول لا؟!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.