استراتيجية بايدن الجديدة في سورية…

جريدة البناء اللبنانية-

رنا العفيف:

الشرق السوري ميدان المعركة الأخيرة مع داعش، ومدخل المشروع الأميركي في سورية، أيّ نحن أمام تغيير تكتيكي في المشهدية، ما لم يكن هناك استراتيجية جديدة تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية في شمال شرق سورية بخلط الأوراق من جديد، عوضاً عن المشاريع التي عجزت عن تحقيقها، لتعيد التموضع في شمال البلاد وشرقها، للفت انتباه أنقرة وموسكو، لإيصال عدة رسائل لهما، عبر الميدان السوري، من خلال إعادة تفعيل نشاطها المباشر بالتمويل والتسليح لما يسمى «فصيل ثوار الرقة»، والاعتماد على فصائل من المكون العربي، لأهداف تتعلق بمصالحها…
وفقاً لهذة الخطوة، استدعت تفعيل المشروع القديم، لإبعاد قسد وملء الفراغ بمكون عربي، وهذا ما يجعلنا نطرح السؤال الآتي، هل غيّر الرئيس الأميركي جو بايدن استراتيجيته تجاه سورية، أم أنه غيّر الأدوات فقط؟
طبعاً الولايات المتحدة الأميركية، قامت بعملية تبديل في الأدوات، والأدوار، فضلاً عن إقامة قاعدتين عسكريتين تشملان سككاً عسكرية ومهبطاً للطائرات، وفي الوقت نفسه بعثت برسائل طمأنة إلى الأتراك لجهة إبعاد قسد، إذ ترافق هذا مع تدريب مسلحين في محيط التنف وزيادة عددهم، وعملت على ربط التحوّلات على مستوى الإقليم التي تجمع أطراف ربما كانت لا تلتقي بهم، لغاية في استراتيجية الحضور الأميركي في شمال سورية، بحجة القضاء على داعش كما تدّعي.
إلا أنّ هذا فعلياً غير صحيح، فهي تدعم الإرهاب، وتمدّه بالسلاح والعتاد اللوجستي، لتنفيذ مشروعها القائم، بعد أن عجزت عنه وهو تقسيم سورية، وتخلت عن فكرة انسحاب قواتها من سورية، لأنّ ما تريده الولايات المتحدة من سورية ما زال قائماً بالتعنّت، فوضعت مشروع الخيارات أمامها، عندما انتهى موضوع الاستهداف من حيث القدرة على التقسيم، وهذا طبعاً مرفوض قطعاً لسورية، وبالتالي اعتمدت على ملف تدوير الزوايا في مناطق الجزيرة، لتشكيل قوة عشائرية في منطقة الرقة، تمثل «فصيل ثوار الرقة» وعناصره العربية، لأنّ قسد أصبحت تشكل عبئاً ومشكلة على الولايات المتحدة في علاقاتها مع تركيا، عدا عن الإنفاق المالي والميزانية المكلفة، لذلك كان خيار الفصيل أو المكون العربي، هو الخيار الأنسب لواشنطن، لأنها ستمثل نفوذها، وبالتالي تكون الولايات قد بدأت بسحب البساط من تحت أرجل قسد، نظراً للمقاربة الروسية التركية التي تشغل بالها، ولطالما تعيد الإدارة الأميركية حسابات السيطرة على المنطقة، قامت باستخدام ورقة الضغط على قسد، بحسب سياسة التحوّلات في شمال شرق سورية، في حال كان المكوّن العربي أكثر ميولاً لتركيا من قسد، وتحديداً من جهة التوافق التركي الروسي، الذي يبرز نقاط استراتيجية الوجود الأميركي في سورية ومنها…
حجة الوجود الإيراني في المنطقة، والعمل على زعزعة أمن واستقرار سورية وإعاقة أيّ حلّ اقتصادي يربط ما بين طهران من جهة ولبنان والبحر المتوسط من جهة أخرى لطالما هناك مخاوف وقلق كبير من التنافس الاقتصادي أيضاً مع الصين، ومنع الدولة السورية من الوصول إلى حقول النفط في الشمال الشرقي السوري، إضافة لعوامل أخرى تتعلق بالأسباب الرئيسية بإطالة الحرب على سورية من خلال تواجدها العسكري، وهذا الأمر يعيق جميع الحلول السياسية في المنطقة، إضافة إلى النقطة الخفية التي تقودها الفكرة الأميركية للوصول إلى طموحها عن طريق البوابة المتحركة التي تقود مهامها العسكري في البلاد، قبل أن يسبق السيف العزل، فسرّعت خطواتها نحو غرف جديدة تقود فيها فصائل ثورية بديلة عن قسد، تحارب الدولة السورية، وبذلك تكون بصمات السياسة الأميركية في سورية لا تقتصر فقط على الميدان والضغوطات القسوى، وتجديد الحصار فقط، وإنما على سيناريو مرتقب للصراع مع موسكو…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.