الصحف الاجنبية: البيت الابيض تخلى عن مطلب تغيير النظام السوري

تناولت الصحف الاميركية كلام الرئيس الاميركي باراك اوباما عن اسباب ممانعته ارسال اعداد كبيرة من القوات الى المنطقة من اجل التصدي لتنظيم “داعش”، بالتزامن مع تخلي ادارة اوباما عن شرط تغيير النظام في سوريا. وقد نشر معهد اميركي تقريراً طرح خطة لوقف الحرب في سوريا تستند على وقف اطلاق النار وتقسيم البلاد الى مناطق سيطرة مختلفة.

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً كشفت فيه ان اوباما أخبر عددا من الصحفيين ان ارسال اعداد كبيرة من القوات البرية الى الشرق الاوسط قد يؤدي الى مقتل 100 جندي اميركي كل شهر وذلك في اطار رده على الضغوط الداخلية المتزايدة المطالبة بتصعيد العمل العسكري الاميركي ضد داعش.

وقالت الصحيفة ان اوباما، وخلال اللقاء المغلق مع الصحفيين في البيت الابيض يوم الثلاثاء الماضي، فسر رفضه اعادة نشر اعداد كبيرة من القوات في المنطقة، يعود الى أن الضحايا والتكاليف من وقوعها ستوازي تلك التي كانت في اسوأ مراحل الحرب على العراق.كما نقلت عن اوباما بان مثل هكذا التزام عسكري جديد قد يتطلب ما يصل الى 10 مليارات دولار في الشهر، ويؤدي كذلك الى اصابة ما يصل الى 500 جندي اميركي كل شهر،الى جانب عدد القتلى. وعليه اعتبر ان حجم التهديد لا يستحق مثل هذه الارقام.

باراك اوباما

كذلك نقلت الصحيفة عن اوباما تخوفه من أن يؤدي ارسال قوات الى سوريا الى منحدر خطير يتطلب بالنهاية نشر قوات ايضاً في معاقل ارهابية اخرى مثل ليبيا واليمن ما سيجعله مسؤولاً عن حكم اجزاء كبيرة من المنطقة. وأفاد التقرير ايضاً ان اوباما قد ابلغ الصحفيين انه لا يمكن ان يتصور ارسال اعداد كبيرة من القوات الى الشرق الاوسط الا في حال وقوع هجوم ارهابي خطير يعطل سير الحياة العادية في الولايات المتحدة.

الصحيفة افادت ان هذا اللقاء دام نحو ساعتين، وعقد قبل ساعات فقط من المناظرة الاخيرة للمرشحين الجمهوريين. كما أشارت الصحيفة الى استطلاعات الرأي التي اجريت مؤخراً والتي تفيد بان العديد من الاميركيين يعتقدون ان اوباما لا يأخذ التهديد الذي تشكله داعش بالجدية المطلوبة، وعليه لفتت الى الزيارة التي قام بها اوباما امس الخميس الى المركز الوطني لمكافحة الارهاب بعد زيارة مماثلة قام بها الى البنتاغون بغية التأكيد على ان ادارته تحقق النجاح في حربها ضد الارهاب وداعش. غير انها اشارت بالوقت نفسه الى ان بعض الديمقراطيين حتى باتوا يتحدثون عن الحاجة الى استراتيجية جديدة.

بدوره، معهد راند الاميركي المقرب من البيت الابيض نشر تقريراً يحمل عنوان “خطة سلام من اجل سوريا”، والذي قام باعداده كل من “Phillip Gordon”، وهو باحث في مجلس العلاقات الخارجية شغل منصب منسق البيت الابيض للشرق الاوسط بين عامي 2013 و 2015، وكذلك “James Dobbins” الذي يعمل كباحث في معهد راند نفسه وشغل منصب الممثل الخاص لوزارة الخارجية الاميركية لدى افغانستان وباكستان، وايضاً “Jeff Martini” وهو باحث في معهد راند.

التقرير شدد على ضرورة اعادة رسم اهداف المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم نحو عشرين بلداً. واعتبر الباحثون ان الهدف الحالي المتمثل باطار سياسي يشمل اصلاح المؤسسات السورية وتشكيل حكومة جديدة وتحديد “الجماعات الارهابية” وخطة لاجراء الانتخابات، يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن. واعتبروا انه وعلى ضوء الانقسامات العميقة بين اللاعبين الاساسيين حول مستقبل الرئيس بشار الاسد، فان العمل على اطار شامل هو وصفة للحرب المتواصلة والتشرد وانعدام الاستقرار، والتي تؤجج بدورها للراديكالية التي ادت الى صعود داعش.

بناء عليه، طرح معدو التقرير مقاربة محدودة اكثر مبنية على تسلسل مختلف، ورأوا ان المجموعة الدولية لدعم سوريا يجب ان تركز على تأمين وقف لاطلاق النار بشكل فوري واجراء الترتيبات المطلوبة لتطبيقه، على ان يأتي بعد ذلك اجراء المزيد من المفاوضات حول شكل الدولة السورية المستقبلية. واعتبروا أن هذه المقاربة أفضل بكثير من البديل الاساس الذي هو مواصلة أو حتى تصعيد الحرب.

كما اشار التقرير الى ان هذه الخطة البديلة تتضمن الحفاظ على وحدة سوريا، لكنها تستند في الوقت نفسه على حقيقة ان اجزاء مختلفة من البلاد يسيطر عليها جماعات عرقية مختلفة تساندها قوى خارجية مختلفة. وأضاف ان هذه القوى و”وكلاءها السوريين” قد يتفقون على تحديد والقبول بثلاث مناطق أمنية – احداها يسيطر عليها النظام في الغرب، واحداها يسيطر عليها الاكراد بشكل اساس في المنطقة الشمالية الشرقية، وأخرى تكون غير متصلة في الشمال و الجنوب تسيطر عليها “المعارضة المعتدلة”.و عليه لفتوا الى ان ذلك سيؤدي الى انشاء منطقة رابعة في وسط و شرق سوريا حيث تستهدف داعش من قبل جميع الاطراف الاخرى.كذلك قالوا ان القوى الخارجية التي سيكون لها دور بارز، بما فيما روسيا و ايران و الولايات المتحدة و تركيا و الاردن، ستضمن الالتزام بوقف اطلاق النار من قبل وكلائهم.

داعش

واشار معدو التقرير ايضاً الى ان انشاء هذه المناطق الآمنة قد يستوجب التخلي عن بعض المناطق من اجل تحديد خطوط الهدنة والامداد. وفي هذا السياق اعتبروا ان اصعب التنازلات بالنسبة لنظام الاسد يتمثل بترك بعض المناطق في حماة وحلب لتكون تحت سيطرة المعارضة السورية المعتدلة، لكنهم رأوا انه يمكن التعويض عن ذلك من خلال انسحاب “المعارضة المعتدلة” (او اقله قبولها بسيطرة النظام) على المناطق التي تمسك بها هذه المعارضة داخل المنطقة التابعة للنظام وسحب كتائبها العسكرية كذلك من اطراف دمشق.

واضاف التقرير انه وبعد وقف اطلاق النار ستقوم الامم المتحدة بجمع كافة الفصائل السورية التي وافقت على الخطة من اجل البدء بالتفاوض حول مستقبل الدولة الموحدة. غير انه اشار بالوقت نفسه الى ان اعادة توحيد سورية ستستغرق وقتا، “اذا ما كان ذلك ممكن اصلاً”، حسب ما ورد بالتقرير.

عليه تحدث معدو التقرير عن نشوء دولة فدرالية او كونفدرالية، واعتبروا ان التوصل الى اتفاق سيشمل على الأرجح المزيد من الحكم الذاتي، مثل تسليم مهمة حفظ الامن الى السلطات المحلية. وطرحوا كذلك شكلا من اشكال مشاركة السلطة بين الطوائف المختلفة وضمانات محددة للاقليات في كل منطقة، اضافة الى اصلاحات دستورية لاعادة توزيع السلطات المؤسساتية واجراء انتخابات لا يترشح لها الاسد.

واعتبر التقرير ان اعطاء الضمانات للنظام بانه يستطيع ان يواصل حكمه لدمشق ومدن اخرى في الناحية الغربية من البلاد قد تكون كافية لاقناع الاسد ورعاته بان وقف القتال يصب في مصلحتهم، خلافاً لمواصلة حرب مكلفة الى اجل غير مسمى.

ورأى التقرير ان وضع التسوية السياسية كشرط مسبق للسلام هو وصفة لمواصلة الحرب، حيث اعتبر أن اي شكل من اشكال السلام هو افضل من الحرب في هذه المرحلة.

من جهته، مجلس تحرير صحيفة “واشنطن بوست” نشر مقالة حملت عنوان “الولايات المتحدة تستلم لروسيا في قضية تغيير النظام في سوريا”، والتي تطرقت الى الكلام الذي قاله وزير الخارجية الاميركي جون كيري بعد اجتماعه والرئيس الروسي فلادمير بوتين يوم الثلاثاء الماضي. واعتبرت المقالة ان كلام كيري عن وجود رؤية مماثلة بين اميركا وروسيا حول سوريا انما يدل على تغيير الموقف الاميركي وليس الروسي، حيث قالت ان البيت الابيض يتراجع شيئا فشيئا عن الموقف المطالب برحيل الاسد.

كما لفتت الصحيفة الى ما قاله كيري في موسكو عن ان “الولايات المتحدة وشركاءنا لا يسعون الى ما يسمى تغيير النظام”، وكذلك الى اعتبار كيري طلب بعض جماعات المعارضة بتنحي الاسد بانه لا يمكن الانطلاق منه – وذلك لان الولايات المتحدة وافقت على بقاء الاسد خلال الاشهر الاولى القليلة من “العملية الانتقالية” على الاقل.

الصحيفة أشارت الى كلام كيري عن توافق مع بوتين على ان تترك قضية اختيار قيادة البلاد للسوريين انفسهم، ورأت ان هذا الموقف هو وصفة للطريق المسدود – خاصة و ان الاسد يقول انه يرفض التفاوض مع اي من المعارضين الذين تسلحهم او تساندهم الحكومات الخارجية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.