القوات الأميركية تغيير خرائط انتشارها في سوريا

في تناقض واضح بين التصريحات السياسية والتحركات العسكرية تواصل القوات الأمريكية تغيير خرائط انتشارها في شمالي غرب سوريا، لتقترب أكثر من حقول النفط السورية، رغم تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية بأن القوات الأمريكية الموجودة في سوريا “لم تعد مسؤولة” عن حماية تلك الحقول.
وكشفت مصادر محلية أن الأيام الثلاثة الماضية شهدت تسيير دوريات أمريكية، بصورة مستمرة، في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة الحسكة من المالكية إلى القحطانية، بالإضافة إلى تحليقٍ للطيران المروحي لحماية تلك الدوريات، وأضافت المصادر أن تلك التحركات تأتي بالتوازي مع تحضيراتٍ لبناء قاعدة أمريكية في قرية عين ديوار في ريف المالكية (أغنى المناطق النفطية شمال شرق سوريا).
ويأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه مناطق شرق الفرات السوري تنافساً عسكرياً بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا التي عبرت إلى شرق الفرات السوري بالتزامن مع الاجتياح التركي نهاية 2019 تحت مسمى عملية “نبع السلام”، على الفور تمركزت القوات الروسية في قواعد أمريكية أُخليت في شمال شرقي سوريا، كقاعدة “السعدية” في منبج و”خراب عشق” في عين العرب بريف حلب، و”قصر يلدا” بريف الحسكة، وسط مساعٍ لتكريس وجودها العسكري هناك.
وفي هذا الصدد أشارت المصادر إلى أن التحرك الأمريكي يأتي بعد عدّة أسابيع، على فشل مسعىً روسي بإنشاء قاعدة عسكرية في منطقتَي عين ديوار ودير غصن في ريف المالكية، بهدف النفاذ إلى مناطق النفط في الحسكة، قبل أن تتراجع على ضوء تحريض “قسد” للمدنيين آنذاك على التظاهر ضدّ الوجود الروسي في مناطقهم، لتحول “سوريا الديمقراطية” دون أيّ تمركز روسي هناك، قد يتطور مستقبلاً إلى عودة تدريجية للقوات السورية، لكن القوات الروسية -وفقاً لمصادر “أثر”- لا تزال حتى اليوم تحتفظ بتواجدٍ خاطف في المنطقة، حيث يتردد جنودها يوماً أو يومين، دون أن يقيموا أي نقاط تمركز دائم لهم.
ويظهر من خلال ما يجري أن اختيار الأميركيين لمنطقة عين ديوار يصب في هدفين استراتيجيين لدى الولايات المتحدة، الأول قطع الطريق أمام موسكو للتمدّد باتجاه مناطق النفط الاستراتيجية التي من شأنها أن تخفف من الضغط الاقتصادي على دمشق، وهو ما لا تريده واشنطن قبيل تحقيق شروطها السياسية، أما الهدف الثاني فهو تمكين مناطق نفوذها عند المثلث الإستراتيجي (سوريا – تركيا – العراق).
وفي هذا السياق يرى الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني للدراسات الاستراتيجية ديفيد دي روش أن “إنشاء قاعدة أميركية عند الحدود بين سوريا والعراق وتركيا هو إعادة تموضع روتيني، وأن إدارة بايدن تعيد مراجعة الوجود الأميركي على الأرض في سوريا”.
ويضيف دي روش أنه ليس هناك الكثير من الفرق بين رؤيتي إدارتي ترامب وبايدن في سوريا، وأن انسحاب واشنطن من العراق أعطى مساحة لإيران وهو ماتسعى واشنطن إلى تجنبه في سوريا.
وكان قد صرح المتحدّث باسم وزارة الدفاع، جون كيربي في التاسع من الشهر الجاري، أن العسكريين المنتشرين شمال شرقي سوريا، وعددهم حاليا نحو 900 عسكري، موجودون لدعم المهمة ضد تنظيم داعش في سوريا، وليس لحماية حقول النفط. في تعديل للأهداف التي حدّدها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في السيطرة على النفط.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.