«المستقبل» وبصمات «إيباك»: ماثيو ليفيت مثالاً

Al-Mustaqbal newspaper

 

موقع سلاب نيوز ـ

حمزة الأمين:

التراشق الإعلامي بات من بديهيات السجال السياسي في لبنان، وتعتبر الصحف الموجهة أو الناطقة باسم التيارات السياسية من أهم منابر التراشق الإعلامي، لكن صحيفة المستقبل تجاوزت حد التراشق الإعلامي وبلغت مرتبة التعاون فضلاً عن التناغم مع عدو لبنان وماكيناته الإعلامية.

فقد نشرت صحفية المستقبل مطلع الشهر الحالي، وعلى مدى ثلاثة أيام، مقالاً من ثلاث حلقات لمن أسمته “الباحث والكاتب والسياسي الشهير ماثيو ليفيت” معرفة عنه بـ” عضو معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب”.

المقال يحمل اسم الكتاب الذي يعتزم ليفيت، وبحسب الصحيفة، نشره في وقت لاحق “البصمات الدولية لحزب الله” والذي يدعي الكاتب أنه يكشف خلاله تفاصيل عن “شبكات تهريب وتبييض تابعة للحزب في أوروبا و أميركا”.

لا يخفى على أحد أن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى هو معهد بحث أمريكي تأسس في سنة 1985 من قبل لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية المعروفة اختصارا بـ “أيباك” ومقره واشنطن، وحكماً هذا يعني، وبناءا على السياسة الأمريكية الداعمة للكيان الغاصب، أن هذا المعهد تأسس لدعم المواقف الإسرائيلية.

صحيفة المستقبل التي ترجمت مقال ليفيت، بدت كما لو أنها سجلت نقطة في مرمى الخصم، علماً أن تلك الاتهمات من قبل “إسرائيل” عبر وكلائها في أميركا والعالم، ليست الأولى من نوعها، وما هي إلا حلقة من سلسلة طويلة من الاتهامات والتلفيقات، والتي يهدف العدو من خلالها إلى تشويه صورة المقاومة، وضرب قدسيتها.

كان بإمكاننا القول أن صحيفة سعد رفيق الحريري قد وقعت في الفخ، لكنّ النقل الفاضح لما تتبناه تل أبيب وواشنطن عبر المعهد الصافي الانتماء، ووضع صورة screenshot للمقال تبين هوية المصدر، ما هو إلا إعلان صريح من تلك الصحيفة ومن تمثل، عن أننا لا نخجل من التعاون بل التحالف مع الأعداء من أجل النيل من المقاومة وتشويه سمعتها فضلاً عن التشجيع على ضربها.

ما ظنته صحيفة المستقبل هدفاً في مرمى الخصم، ما كان سوى نقطة سوداء تضاف إلى السجل الحافل لها، وللتيار الذي تمثل، من التناغم والتقاطع (عن قصد أو بدونه) مع العدو وماكيناته الإعلامية في داخل الكيان أو في العالم. باختصار، صحيفة المستقبل تنقل عن معهد إسرائيلي في واشنطن مقالاً ينال من حزب الله والمقاومة، وصاحب المقال هو كاتب متخصص في اتهام حزب الله وفقا لما تمليه عليه التزاماته الاستخباراتية، فالرجل شغل العديد من المناصب الاستخباراتية، منها نائب مسؤول “وكالة الاستخبارات والتحليل” وهي إحدى الوكالات الاستخبارية الأمريكية الستة عشرة.

العلاقة بين تيار المستقبل ومؤسسات صهيونية في الولايات المتحدة ليست بجديدة، فقد حصل أن شارك معهد رفيق الحريري في واشنطن في اجتماع لجنة إيباك، حيث حضرت مديرة المعهد ميشال ديون في الجلسات إلى جانب جنرالات صهاينة ومنهم من شارك في حرب تموز 2006، إضافة إلى بنيامين نتنياهو وشمعون بيريز، بعدها أصدر مكتب بهاء الحريري، ممول المعهد، بياناً ادعى فيه أنه لم يكن على علم بمشاركتها في المؤتمر، علماً ان مشاركتها كانت بصفتها مديرة لمركز رفيق الحريري لا بصفتها الشخصية بحسب ما هو مذكور في برنامج المؤتمر على موقعه الإلكتروني، ولم ينسَ سعد الحريري أن يصدر بياناً يدافع فيه عن شقيقه، ويهاجم جريدة الأخبار، متهماً إياها بتعمد تشويه اسم والده وعائلته وتياره السياسي، مع العلم أن من أراد توجيه السهام نحو التيار والعائلة والمؤسس ليس بحاجة إلى اختلاق ما يشوه الصورة، بل يحتاج إلى قليل من البحث في ماضي وحاضر “المستقبل”.

«تدخّل في سوريا سيدي الرئيس» هكذا ناشد رئيس كتلة المستقبل، فؤاد السنيورة، الرئيس الأمريكي باراك أوباما طالباً بأن يقوم بالتدخل الحاسم في سوريا. ولعل هذه المناشدة تكشف سر القبل والدموع التي أغدقها السنيورة على العرب والأمريكيين إبان عدوان تموز 2006، ولعلّها تبين من قصد الإسرائيليون حينما صرحوا أنهم تلقوا اتصالات من جهات لبنانية تطلب من العدو إكمال الحرب حتى القضاء على المقاومة.

إذاً، نشاط تيار المستقبل لم يعد يقتصر على التناغم في الخطاب والمطالب مع العدو وماكيناته الإعلامية، بل تعداه إلى التعاون والتنسيق، وهذا برسم ما تبقى من الدولة اللبنانية، وبرسم السلطة القضائية. والسؤال الكبير الذي يفرض نفسه: هل يعتبر النظام اللبناني أن من يتعاون معهم تيار المستقبل هم أعداء لبنان؟ وهل يستحق هذا السجل الحافل من التعاون محاسبة مرتكبيه بتهمة الخيانة العظمى، وبتهمة تهديد الأمن القومي للجمهورية اللبنانية ؟ .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.