الموت المفاجئ في ملاعب كرة القدم..حوادث حولت المباريات إلى جنائز

sport - Morosoni

 

موقع ايلاف ـ

ديدا ميلود:

أصبحت حوادث الموت المفاجئ المتكررة للاعبي كرة القدم أثناء التدريبات أو خلال المباريات الرسمية منها و الودية ظاهرة خطيرة تهدد سلامة ممارسي المستديرة وتؤرق الاتحاد الدولي للعبة والاتحادات المنضوية تحت مظلته.
دقت حالات الموت المفاجىء لعدد من اللاعبين في مختلف ملاعب العالم في القارات الخمس ناقوس الخطر و ضرورة البحث عن الأسباب و إيجاد حلول وقائية أو علاجية للظاهرة بعدما تزايد عدد الحالات إلى حد أصبح معه السكوت أمراً لا يمكن الاستهانة به .

و رغم أن العالم عرف حالة الموت المفاجئ للاعبين قبل حلول الألفية الثالثة إلا أن وفاة النجم الكاميروني مارك فيفيان فوي في شهر يونيو عام 2003 في بطولة كأس القارات بفرنسا قد طرح الموضوع بشكل نقاش جدي و وعاجل وذلك في أعقاب سقوطه في غيبوبة داخل ارض ملعب ليون.

حيث أستوجب ذلك فتح كافة الاتهامات من قبل مكاتب الجهات المعنية بما فيها وسائل الإعلام من خلال انتقاد الإجراءات الطبية المعتمدة في مختلف البطولات على غرار تأخر التدخل السريع أو ضعف أداءه أو مدى جاهزية سيارات الإسعاف المتواجدة في الملعب لإنقاذ المصابين ، خاصة وأن إتهامات وجهت في حالة الكاميروني فوي بتأخر تدخل الجهاز الطبي لإنقاذ حياته و تأخر دخول سيارة الإسعاف بسبب عراقيل وجدتها في الملعب، و دفعت هذه الحالات الفيفا إلى مراجعة و تشديد الإجراءات التنظيمية المتبعة في الملاعب خاصة إن كرة القدم تحتل المرتبة الثالثة في الرياضات الأكثر عرضة لهذه الظاهرة بعد رياضة سباق الدرجات و سباقات السرعة في ألعاب القوى.

حالات وفاة مبكرة

و مما زاد من حدة الجدل و النقاش في موضوع الموت المفاجئ إن اللاعبين الذين توفوا كانوا في ريعان شبابهم و أعمارهم لم تصل إلى سن الثلاثين أي انه يفترض أن يكونوا في قمة لياقتهم ، غير أن الموت المفاجئ كشف عكس ذلك ، كما الظاهرة حدثت في ملاعب من الطراز الرفيع يشهد لها بحسن التنظيم ، و في مدن و بلدان تتوفر على إمكانيات طبية متطورة ، و حدثت في أندية يتوافر لها كوادر طبية متميزة.

و رغم كل الإجراءات المتشددة التي اتخذها الفيفا بعد حادثة الكاميروني فوي إلا أن الموت المفاجئ لم يوليها أي اهتمام و استمر في حصد أرواح اللاعبين و تعرض آخرون لازمات قاتلة نجح الأطباء في إنقاذ بعضهم ، و حسب الفيفا فأن هناك 20 ألف حالة وفاة يتعرض لها ممارسي كرة القدم في العالم كل عام و هو عدد ضخم جداً حتى و إن كان الإعلام لا يركز إلا على وفاة لاعبي الأندية المعروفة أو التي تعرفها بطولات هامة تكون فيها الصحافة حاضرة بقوة لتناول الحادثة بعد وقوعها.

و رغم أن الموت سواء كان داخل الملعب أو خارجه يبقى قضاء و قدر من الله إلا أن غياب الأسباب الواضحة فرض على المعنيين تكثيف البحث عنها ذلك أن إيجاد السبب الحقيقي الذي يؤدي إلى الوفاة اللاعب في ريعان شبابه تزرع الطمأنينة في نفوس بقية اللاعبين و تجعلهم يستمرون في مسيرتهم بدون عقدة الخوف و العكس يحدث في حال بقيت الأسباب مجهولة أو غامضة مما يجعل أي لاعب يفكر في الاعتزال و يخوض المنافسات و هو في وضع نفسي سيئ ينعكس سلباً على مردوده ، بل و يؤثر حتى على الجماهير المتواجدة في المدرجات و على زملائه اللاعبين الذين أصبحوا يمسكون بقلوبهم كلما سقط لاعباً على الأرض للحظات بعد تفشي ظاهرة الموت المفاجىء.

إنحصارها في سببين

و حتى الآن لا تزال الأسباب الحقيقية غائبة و تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات رغم أن التجارب السابقة حصرتها في سببين لا ثالث لهما ، الأول : يتعلق ببلع اللاعب لسانه و هي حالة معروفة في الملاعب منذ سنوات طويلة بعدما تعرض لها الكثير من اللاعبين بعضهم توفي بسبها مثل التونسي لاعب الترجي الهادي برخيصة و آخرون نجوا منها أمثال المهاجم الجزائري عبد الحفيظ تاسفاوت مع الخضر في نهائيات كأس أمم أفريقيا 2002 و قبله مواطنه الحارس العربي الهادي في مونديال المكسيك 1986 ، و هي حالة ناجمة في الغالب عن تدخل خشن من قبل المنافس أو سقوط عنيف على أرضية الملعب و علاجها متوقف على التدخل السريع من قبل الجهاز الطبي للفريق ، و الحقيقة إن هذا السبب و رغم تكراره إلا انه لم يؤثر على نفسية اللاعب و لم يصل إلى درجة ترهيبهم خاصة مع تشدد الحكام مع التدخلات الخشنة التي تعرض أصحابها لعقوبات ردعية صارمة فضلا عن تطور أرضية الملاعب المزروعة طبيعيا أو صناعياً و التي تشكل حماية للاعب من الاصطدام.

أما السبب الثاني فمرتبط بصحة قلب اللاعب و ما يمكن أن يتعرض له من أزمات بشكل مفاجئ و غير متوقع يجعل الأطباء عاجزين عن ترقبها رغم التطور الهائل الذي عرفته الوسائل و الأجهزة الطبية في هذا الشأن ، و زادت حيرة الأطباء بعدما تأكدوا بان هناك حالات لا تظهر على قلب اللاعب إلا بعد وفاته و يصعب أو ربما يستحيل كشفها مهما تعددت الفحوص و تطورت الأجهزة قبل حدوث الأزمة القاتلة خصوصا أن الأزمات القلبية لا تتعلق فقط بانسداد الشرايين ، و في هذا السياق هناك حالات تعرض لها لاعبين نجوم بشكل فجائي كشف عنها الأطباء بالصدفة ، و كان يمكن أن تمر عنهم مثل حالة المهاجم الإيطالي انطونيو كاسانو مع نادي ميلان الإيطالي ، و النيجيري نوانكو كانو مع نادي إنتر ميلانو الإيطالي و اضطروا للقيام بعملية جراحية و من ثم العودة للممارسة بشكل طبيعي دون أن تعترض مسيرتهم أي مشاكل صحية بعدها.

الفيفا يسعى لتكثيف إجراءت الوقاية

و لمكافحة الظاهرة يركز الفيفا على تشديد الإجراءات الوقائية من منطلق أن الوقاية خير من العلاج فاتخذ الكثير من القرارات الصارمة عقب كل حالة وفاة خاصة في البطولات التي يشرف عليها بشكل مباشر على غرار نهائيات كأس العالم منها فرض ملفات للمتابعة الطبية للاعب قبل إنطلاق الموسم و قبل أي مسابقة ، بل و أصبح يقدم خاصة للاعبين اليافعين دروس تتعلق بكيفية تقديم الإسعافات الأولية العاجلة قبل وصول الطبيب ، ذلك أن ثواني قليلة بإمكانها إنقاذ حياة لاعب ، كما أعطى تعليمات صارمة للحكام بضرورة الإسراع في إعطاء الضوء الأخضر للطبيب بدخول الملعب و اخذ هم بعين الاعتبار إشارات اللاعبين ، أما أهل الاختصاص فيبقون على الباب مفتوحا أمام جميع الاحتمالات حتى و أن أكدوا على فعالية الإجراءات الطبية المتخذة و التي انقدت العديد من اللاعبين مثلما حدث مع المدافع الفرنسي ليليان تورام الذي كشفت الفحوص الطبية ضرورة توقفه عن اللعب قبيل توقيعه عقد مع باريس سان جيرمان عام 2008 ، لكن خبراء القلب يرون بأن الحالات الجديدة تبقى واردة خاصة بعدما كشفت دراسة ألمانية دور العيوب الجينية في حدوث النوبات القلبية القاتلة دون أن تعطي إشارات مسبقة.

النقاد يحملون الروزنامة

و بالمقابل فأن النقاد وجدو في ظاهرة الموت المفاجئ فرصة لا تعوض للتهجم على كثافة الروزنامة السنوية للاعبين منذ منتصف التسعينات و التي تجبرهم على خوض عدد كبير من المباريات مما قد يصيب قلوبهم بالإجهاد المؤدي إلى الموت خاصة أنهم لا يستفيدون من راحة كافية لاستعادة كامل لياقتهم و يرون بأن اللاعبين أصبحوا يتقاضون رواتب خيالية لكنها على حساب صحتهم بل و حياتهم.

و ازدادت مصداقية هذا التفسير بعد تقرير مفصل نشرته مجلة ” فرانس فوتبول ” قبل سنوات تحدث فيه عن تقلص العمر الافتراضي للاعب المحترف من 12 سنة إلى ست سنوات فقط حتى و إن كان مردودهم قد زاد ، غير أن هذا الطرح لا يلقي إجماعا ذلك انه لم يسبق أن تعرض احد لاعبي الأندية الأوروبية العريقة أمثال برشلونة و ريال مدريد و مانشستر يونايتد و بايرن ميونيخ و غيرهم من الأندية ، و التي تخوض مواسم شاقة ممتالية فضلا عن مشاركة لاعبيها مع منتخباتهم في بطولات محلية و دولية لا تتوقف ، و مع ذلك لم يتعرض أي لاعب منها للموت المفاجئ مما يطرح علامة استفهام بل أن من توفوا في الملاعب يلعبون لأندية متواضعة لا تشارك سوى في بطولة واحدة مثلما حدث للاعب نادي ليفورنو الإيطالي الناشط في دوري الدرجة الثانية كما أن وفاة لاعبين في سن العشرينات رفع من حدة غموض هذا الطرح في وقت يواصل لاعبين نشاطهم الاحترافي على بعد أشهر أو أعوام قليلة من بلوغ الأربعين.

أشهر عشر وفيات عرفتها ملاعب العالم :

1- الكاميروني مارك فيفيان فوي : سقط أرضا في غيبوبة على ملعب مدينة ليون في نصف نهائي كأس القارات 2003 ضد كولومبيا و قال الأطباء الذين تولو أمره إن وفاة اللاعب كانت طبيعية رغم أن منظره أثناء سقوطه و إخراجه من الملعب لم يكن يوحي بان الوفاة طبيعية و أثارت تلك الوفاة الكثير من علامات الاستفهام تتعلق بالإسعافات الأولية و مدى جدواها في مثل تلك الحالات و الحاجة إلى مراجعتها.

2- المصري محمد عبد الوهاب : توفي في طريقه إلى المستشفى بعدما سقط أرضا خلال حصة تدريبية لنادي الأهلي عن عمر 22 سنة في أغسطس 2006 بعد موسم شاق خاضه محلياً و قاريا مع الأهلي و مع المنتخب المصري و كشف التشريح أن سبب وفاته نزول حاد في الدورة الدموية للاعب الذي اشتهر ببنية جسدية قوية و لياقة عالية.

3- التونسي الهادي برخيصة : توفي في يناير 1997 في مباراة ودية جمعت ناديه الترجي بنادي اولمبيك ليون الفرنسي عن عمر 27 سنة و السبب بلعه لسانه مما جعله يتعرض لنوبة قلبية و عجز الأطباء عن إنقاد حياته.

4- الإسباني انطونيو بويرتا : توفي عن عمر 22 سنة في مباراة ناديه اشبيليا ضد خيتافي في بداية الدوري الاسباني شهر أغسطس 2007 و كشف التشريح الطبي أن سبب الوفاة هو ضعف الشريان الأيمن لقلب اللاعب.

5- المجري ميكلوس فيهر : توفي مباراة للدوري البرتغالي في الـ 25 يناير 2004 جمعت ناديه بنفيكا بفيتوريا غيماراش اثر أزمة قلبية عن عمر يناهز 24 سنة .

6- الجزائري قايد قصبة : توفي عام 1999 في احدى مباريات ناديه ترجي مستغانم الذي كان و لا يزال ينشط في بطولة للدرجة السفلى و سبب الوفاة هو سكتة قلبية ناجمة عن جهد مضاعف قام به اللاعب قايد.

7- المغربي يوسف بلخوجة : لاعب الوداد البيضاوي الذي توفي عام 2001 في نصف نهائي بطولة كاس العرش أمام الغريم الرجاء البيضاوي بسبب مضاعفات أزمة قلبية حادة تعرض لها في الملعب.

8- الإيطالي بيير ماريو موروسيني: الذي سقط أرضا في حالة غريبة أثارت ذعر الحاضرين في الملعب بعدما حاول يائساً الوقوف على قدميه دون جدوى و ذلك في مباراة ناديه ليفورنو أمام بيسكارا العام 2012 و بعد مرور نصف ساعة ، و توفي بعدما نقل إلى احد المستشفيات القريبة عن عمر 25 سنة و أرجعت التقارير الطبية سبب الوفاة على الأرجح لازمة قلبية مفاجئة.

9- الإكوادوري كريستيان بنيتيز : توفي في يوليو المنصرم خلال مباراة ودية مع ناديه الجيش القطري المنضم لتوه إليه عن عمر يناهز 27 سنة و كشفت الفحوص أن الوفاة ناجمة عن سكتة قلبية عكس ما تم تداوله مباشرة عقب إعلان الوفاة بان نتيجة مضاعفات التهاب الزائدة الدودية.

10- الاسكتلندي جوك ستاين : مدرب منتخب بلاده الذي سقط اثر أزمة قلبية في أيلول 1985 متأثرا بفرحة عارمة غمرته بعد تسجيل هدف التعادل في مرمى ويلز أهل اسكتلندا لنهائيات مونديال مكسيكو 1986.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.