انذار “عكاظ ” وهجمات الإرهاب

 lebanon-okaz-threat

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

يوم الثلاثاء الماضي الواقع في 17 حزيران نشرت صحيفة “عكاظ” السعودية شبه الرسمية وفي زاوية الرأي السياسي مقالاً أنذرت فيه اللبنانيين من اجتياح شامل يدمر الدولة اللبنانية ولا يبقي شيئا من البلد إذا لم ينتخب رئيس في اليوم التالي أي الأربعاء الماضي ويوم الجمعة وقع تفجير ضهر البيدر الانتحاري أي بعد ثلاثة أيام من ذلك المقال وأمس ليلاً كان التفجير الانتحاري في الضاحية الجنوبية بينما تواردت التقارير الأمنية الاجنبية إلى الدولة اللبنانية عن مخطط إرهابي تكفيري واسع النطاق من أهم أهدافه محاولة اغتيال رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل الأستاذ نبيه بري.

إن الكلام عن تدمير لبنان وعدم بقاء شيء منه في افتتاحية “عكاظ ” يصح في وصف النتائج التي يمكن أن تسفر عليها جريمة كبرى كاغتيال الرئيس نبيه بري لا سمح الله وبالتالي من الواضح أن انذار عكاظ كان اشارة إلى انطلاق مخطط ارهابي تكفيري له غاية سياسية محددة هي لي ذراع القوى اللبنانية التي يتهمها حلفاء المملكة في لبنان بتعطيل الانتخابات الرئاسية مع تبنيها لترشيح العماد ميشال عون للرئاسة هذا مع العلم أن المملكة تقول في العلن اضافة إلى حرصها على الاستقرار اللبناني أنها داعمة لحكومة الرئيس تمام سلام التي شكلت وهيئت وسهلت أمور ولادتها وإقرار بيانها الوزاري بخلفية قدرتها على إملاء الفراغ الناتج عن شغور  رئاسة الجمهورية بالآليات الدستورية التي تجري مناقشتها داخل مجلس الوزراء.

إن الأمر المثير هو أن هذا الكلام الذي نطقت به “عكاظ” ينسجم مع عقيدة توظيف الإرهاب سياسياً في تصرفات وسلوكيات المملكة السعودية التي تعتبر من الدول الداعمة لشبكات التكفير في سوريا والعراق وقد لاحت شبهات عن احتضانها أو تورط بعض مسؤوليها في دعم واحتضان جماعات تكفيرية نفذت هجمات سابقة في لبنان وبالتالي يزداد القلق إزاء هذا الاشتباه بعد ظهور بندر بن سلطان في الواجهة السعودية مجدداً من خلال مشاركته في الوفد الملكي الذي حضر في قمة الطائرة السعودية على أرض مطار القاهرة حاملاً صفة أمين عام المجلس الوطني للأمن في المملكة وبندر بن سلطان هو الشريك القاعدي للولايات المتحدة منذ انطلاق جماعات التكفير والإرهاب من أفغانستان في الثمانينات قبل ثلاثين عاماً في مرحلة الصراع ضد الاتحاد السوفياتي السابق وقد برز دوره مرة أخرى وعلى أوسع نطاق عندما طلب دايفيد بترايوس المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز اعادة بندر إلى رئاسة المخابرات السعودية وانطلقت بعد ذلك موجة الإرهاب القاعدي في اطار الحرب على سوريا قد بات غير خفي عن الأنظار سياسياً ان المملكة بمنطقها السياسي تسعى الآن لتوظيف غزوة داعش في محافظة نينوى العراقية لإحداث تغيير هيكلي في السلطة العراقية وفي الجغرافيا السياسية العراقية لعزل الرئيس نورى المالكي بهدف عزل العراق عن التواصل مع سوريا وايران وقد قرأ كثيرون من حلفاء المملكة في لبنان بغزوة داعش تحولاً مزعوماً في توازن القوى على صعيد المنطقة لصالح المحور السعودي أي حلف العدوان على سوريا في مجابهة المحور المقاوم المقابل الذي يضم ايران وسوريا والمقاومة ولمثل هذا التصور انعكاساته في الحسابات اللبنانية.

إن عقيدة توظيف الإرهاب لإحداث تغييرات في المعادلات السياسية التي تحرك نهج العديد من حكومات المنطقة في السنوات الأخيرة وبالذات منذ انطلاق العدوان على سوريا هي عقيدة دموية مدمرة يبدو أنها تستخدم اليوم ضد لبنان.

حكومة الرئيس تمام سلام نجحت في تأمين التغطية اللازمة للجيش اللبناني وللمؤسسات الأمنية اللبنانية في مكافحة الإرهاب وجماعات التكفير وفي تفكيك الشبكات الإرهابية على الارض اللبنانية والموجة الجديدة التي هي تعبير عن الاجتياح الوارد في انذار  ” عكاظ ” تحمل معها شبهات سياسية واضحة فلو كان قصد المملكة تعجيل انتخاب رئيس بصورة هادئة وسلمية لتوجب أن تبلغ الرئيس سعد الحريري صديقها الموثوق بضرورة تعجيل تفاهمه مع العماد عون لإيجاد مخرج سليم للاستحقاق الرئاسي ولكن أن تكون عصا الإرهاب هي الأداة المستخدمة في التهويل على اللبنانيين وعلى القيادات اللبنانية لانتخاب رئيس كيفما كان فذلك أمر آخر ينبغي النظر إليه بكل دقة ووضوح إنه استهداف لأمن واستقرار اللبنانيين لمحاولة صرف الضغوط الارهابية في تغيير للمعادلات السياسية على غرار ما يجري في العراق والمحرك لتلك السياسة هو الخوف من نتائج الانتخابات الرئاسية السورية وانعكاسها على معادلات المنطقة وتوازناتها ومن المعلوم تماماً أن تلك الانتخابات جلبت جون كيري وزير الخارجية الأمريكية على عجل إلى بيروت وعلى ما يبدو تدفع تلك النتيجة المملكة العربية السعودية لتحريك خيوط التشغيل الموجودة في قلب شبكات التكفير والإرهاب لخلق مناخ ضاغط على الاستحقاق الرئاسي وعلى حياة اللبنانيين.

هذا الواقع يضع حكومة الرئيس سلام أمام تحديين كبيرين التحدي الأول هو عدم امكانية الفصل بين مكافحة الإرهاب واتخاذ موقف واضح من داعميه ومشغليه ومموليه ومسلحيه والتحدي الثاني هو أن الأمن الوقائي الذي تحدث عنه رئيس مجلس الوزراء كنهج في مجابهة الإرهاب وهو محق في ذلك بات يطرح على الدولة اللبنانية عملية عاجلة لتفعيل الاتفاقات الثنائية بين سوريا ولبنان لأن التصدي للخطر المشترك لا يكون بغير العمل المشترك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.