تايوان.. خط أحمر

صحيفة البعث السورية-

هناء شروف:

يسلّط الوضع الدولي الضوء على حاجة الصين والولايات المتحدة للتعاون في مختلف المجالات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي، كما أن التأثير العالمي للنزاع الممتد بين روسيا وأوكرانيا أصبح محسوساً بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم، فقد وجّهت الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، والتعديلات التي طرأت على سلاسل الصناعة ضربة قوية لمعظم اقتصاديات العالم، مع اشتداد أزمتي الطاقة والغذاء والمخاطر المالية في بعض البلدان.

في ظلّ هذه الخلفية، أصبحت الدلالات العالمية للعلاقات الصينية الأمريكية أكثر أهمية، لذلك هناك حاجة ملحة لإعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى مسارها الطبيعي. ولكن من أجل ذلك هناك حاجة للحفاظ على الاتصالات والتبادلات المنتظمة، وزيادة وتيرة الاتصالات الصريحة والعميقة، سواء على الصعيد الثنائي أو القضايا الدولية الرئيسية.

إحدى الفرضيات المهمّة لهذا هو أن الولايات المتحدة بحاجة إلى رؤية الصين بطريقة موضوعية وعقلانيه، لكن الإدارتين الأمريكيتين الأخيرتين نظرتا إلى العلاقات الصينية الأمريكية، وعرفتها من منظور المنافسة الإستراتيجية، وواصلت الترويج لما يُسمّى بنظرية التهديد الصيني، وحاولت بتهور احتواء الصين بطرق مختلفة.

لقد أدّت نظرة حكومة الولايات المتحدة إلى الصين إلى سوء تقدير أهداف التنمية للصين، وإساءة قراءة نوايا الصين، كما ضلل المجتمع الدولي فيما يتعلق بمبادرات الصين ومشاريع التنمية الإقليمية والعالمية. لهذا السبب تدهورت العلاقات الصينية الأمريكية بشكل كبير، وتقلص المجال أمام البلدين للعمل معاً لحلّ القضايا العالمية، وقد أشارت الصين مرات عديدة إلى أخطاء الولايات المتحدة الإستراتيجية، ولكن دون جدوى!.

ستكون مسألة تايوان اختباراً مهماً للولايات المتحدة، لأنها أكثر القضايا حساسية في العلاقات الصينية الأمريكية، والأساس الذي تقوم عليه العلاقات الثنائية، لكن الولايات المتحدة كانت تلعب بشكل متكرّر ورقة تايوان، وتقوم تدريجياً بترقية التبادلات مع تايوان على مختلف المستويات وفي مختلف المجالات مما يقوّض الأساس السياسي للعلاقات الصينية الأمريكية.

صحيح أن بايدن أكد أن الولايات المتحدة لم تغيّر سياسة صين واحدة، ولا تدعم استقلال تايوان، لكن الجانب الأمريكي كان يقول شيئاً ويفعل العكس تماماً، كما يتضح من خطاباته وأفعاله المناهضة للصين، وخاصة زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لـ تايوان في 2 آب الجاري.

في السنوات التي انقضت منذ أن أقامت جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية في عام 1979، كانت جميع الإدارات الأمريكية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري وجميع القوى السياسية على دراية كاملة بحساسية مسألة تايوان، لذلك إذا استمر الجانب الأمريكي في لعب ورقة تايوان فسيؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر جوهري بالعلاقات الصينية الأمريكية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.