تجنيس الأجانب في ادلب.. بماذ تفكر هيئة تحـ ـريـ ـر الـ ـشـ ـام؟

وكالة أنباء آسيا-

سامر الخطيب:

اتخذت ما تسمى “حكومة الانقاذ” الذراع المدني للهيئة الارهابية خطوة جديدة في مناطق سيطرتها في ادلب وهي إصدار بطاقات شخصية، واعتبرها البعض أسلوبا لتحصيل إيرادات مالية لصالح “الإنقاذ”، في سياق سياسة التمويل التي تتبعها، في استغلال واضح لمعاناة السكان، الذين يشكّل النازحون شريحة واسعة منهم، وتجاهل كبير لتدهور الأوضاع المعيشية في المنطقة.
وفرضت “الإنقاذ” على كل شخص أتم الرابعة عشر من العمر، من سكان مناطق سيطرتها في إدلب، استخراج بطاقة شخصية، عن طريق دوائر النفوس التابعة لها. واشترطت، من أجل استخراج بطاقات شخصية في إدلب، أن يكون المواطن يحمل محل قيد المنطقة التي يسكن بها، ولهذا فرضت إحضار أي إثبات شخصي، يحوي على أختام أمانة السجل المدني التي أصدرته، ومحل القيد ورقمه، عند تقديم طلب الحصول على البطاقة.
وقسّمت الإنقاذ مدينة إدلب وريفها إلى خمس وعشرين أمانة سجل مدني، تتوزع على المدن والبلدات التي تسيطر عليها، كما أحدثت ست أمانات للشؤون المدنية للمهجّرين من محافظات اللاذقية، طرطوس، حمص، درعا، القنيطرة، حماة، الرقة، دير الزور، الحسكة، مدينة حلب وريفها، دمشق وريفها.
وورأت تقارير صحفية معارضة ان فرض بطاقات شخصية في إدلب يأتي في إطار محاولات هيئة تحرير الشام لتثبيت سيطرتها على المنطقة، وجمع المعلومات عن سكانها، وبشكل خاص المهاجرين، الذين يشكّلون مشكلة بالنسبة لها، ولاسيما وأنهم من مناطق، بل حتى جنسيات مختلفة.
واستحدثت الهيئة في هذا الإطار سجل نفوس خاص بغير السوريين، سمته “دائرة المهاجرين الأجانب”، واستطاعت بذلك الحصول على بياناتهم، في ظل تحفظهم على تقديم أي معلومة خاصة بهم لأي جهة.
إلا أن هذه الخطوة أثارت مخاوف من قيام الهيئة الارهابية بمنح هويات سورية للارهابيين الأجانب، الذين يقدّر عددهم بأكثر من خمسة آلاف ارهابي، من أكثر من خمسين جنسية مختلفة، ما يعني إلغاء بياناتهم الحقيقية، والتعامل معهم بوصفهم سوريين.
ويرى مدير “تجمع المحامين السوريين” غزوان قرنفل، إن “إصدار بطاقات شخصية في إدلب، من قبل هيئة تحـ ـريــ ـر الشـ ـام، يساهم في إحداث تغيير ديمغرافي في شمال غرب سوريا، وخاصة إن لم يتم تضمين البطاقة الشخصية معلومات عن مكان وتاريخ الولادة، ما قبل عمليات النزوح والهجرة والتهجير، التي شهدتها سوريا خلال السنين السابقة”.
ويضيف في حديث صحفي: “منح الأجانب بطاقة شخصية أمر كارثي، إذ سيعتبرون بمثابة السوريين بعد حصولهم على البطاقة. وهذا يؤكد تصريحات احمد الشر ع الملقب بـ الجـ ـو لانـ ـي، زعيم الهيئة، حول عدم تخلي تحــ ـرير الشـ ـام عن المقاتلين الأجانب، الذين وصفهم بالأخوة آنذاك. عدا عن أنه يمكن لهؤلاء الأشخاص تزويد حكومة الإنقاذ بمعلومات غير صحيحة عن أصلهم”.

أحد الناشطين فضل عدم الكشف عن هويته قال ان : “هيئة تحـ ـرير الشـ ـام تحاول الظهور بمظهر الجهة التي تركز على تنظيم الأمور في مناطق سيطرتها بشكل مؤسساتي، عبر القيام بمشاريع، مثل إصدار بطاقات شخصية في إدلب، وذلك بهدف الحصول على الاعتراف والقبول من قبل المجتمع الدولي. لكنها في الواقع تهدف إلى ملاحقة المناهضين لها، وخاصة بعض الإعلاميين، ممن يتحدثون بشكل دائم عن الانتهاكات التي ترتكبها، وينتقدون سياساتها في المنطقة، واستيلائها على جميع القطاعات”.
وتبلغ تكلفة استخراج بطاقات شخصية في إدلب حوالي دولارين ونصف، الأمر الذي رآه بعض السكان اثقالا لكاهلهم برسوم جديدة، لتمويل هيئة تحـ ـر ير الشـ ـام، التي لم تكتف، بحسب المنتقدين، بالهيمنة على موارد المنطقة، مثل المعابر، وكل قطاعاتها الاقتصادية الحيوية، مثل المحروقات وإنتاج الخبز، بل تريد أيضا تحصيل الأموال من الناس بحجج مختلفة.
في سياق متصل نشر “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” مقالًا ذكر فيه أسباب وصعوبات عدم إمكانية شطب وإزالة “هيئة تحـ ـريـ ـر الشـ ـام” من قائمة “الإرهاب”.
وقال الباحث في الجماعات “التكفيرية” في شمال إفريقيا وسوريا، هارون زيلين وهو زميل “ريتشارد بورو” في معهد “واشنطن”، إن هناك ثلاثة أسباب لعدم احتمال إلغاء “الهيئة” من قائمة “الإرهاب” في أي وقت قريب، رغم تغيير سياساتها.
وتلخصت الأسباب التي وصفها الباحث بأنها خارجة عن إرادة “الهيئة”، بالأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، والاعتبارات السياسية لوزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين، والجمود المؤسسي العام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.