تركيا وإيران: بلح الشام وعنب اليمن!

موقع العهد الإخباري-

د.علي زعيتر:

هل يؤلف العدو المشترك بين قلوب الإيرانيين وقلوب الأتراك أم يبقى لبازارات السياسة الدولية الكلمة الفصل في قضايا من هذا النوع؟

بالأمس ضرب حزب العمال الكردستاني ساحة تقسيم في اسطنبول التركية، وقبل أيام ضربت عصابات هذا الحزب الساحات والميادين العامة في مدينة زاهدان الإيرانية، فيما يبدو وكأنها حفلة سُعار غربية تُنَفَّذ بأيادٍ متَّسخة بالعمالة والإرهاب.

لا أحد يعرف ماذا يجري بالضبط، فالحزب الذي عاود نشاطه الإرهابي على الأراضي الإيرانية منذ شهر ونيِّف تقريبًا، ها هو اليوم يفعِّل نشاطاته الإرهابية على الأراضي التركية، في مشهد يعيد للأذهان حلقات الترويع التي كان الحزب إيَّاه يقوم بها في تسعينيات القرن الماضي.

عادةً، عندما يمر أمامنا خبر حول تفجير إرهابي ما، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا الجماعات الارهابية التكفيرية بإدارتها الأميركية، وقلَّما يذهب فكر أحدنا إلى ما يسمى بـ”الجماعات العلمانية” التي تتبنى “العنف الثوري”، أو “الإرهاب” كوسيلة لفرض أجنداتها السياسية.

هذا النوع من الجماعات كان نشِطًا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وقد بقي كذلك حتى التسعينيات منه. لكن اليوم لم نعد نسمع له فحيحًا، فمن أين جاء “الحزب العلماني” القومجي بزخمه هذا؟ وكيف له أن يستعيد نشاطه في ظل تشابك المصالح التركية ــ الإيرانية ــ العراقية ــ السورية؟

لا داعي للاستغراق مطولاً في الإجابة، فالسبب برأينا واضح وضوح الشمس! فتِّش عن الولايات المتحدة الأميركية، وربيبتها “إسرائيل”!

يبدو أن التقارب التركي ــ الإيراني ــ العراقي ــ السوري قد أزعج المخابرات الغربية والإسرائيلية فأوعزت إلى أداتها الكردية تنفيذ أعمالها القذرة، في ما يشبه الرسالة السياسية ـ الأمنية غير المباشرة.

أو لعلها وحدة الساحات وفق رأي البعض. فنجاح الحزب الإرهابي في تنفيذ عدد من الأعمال التخريبية في إيران، قد أسال لعاب قادته، فأوعزوا إلى بعض أدواتهم التشغيلية في المربَّع العراقي التركي الإيراني السوري بتوسيع رقعة عملهم لتطال الأراضي التركية.

ولكن، من يدري هل يلعب مبدأ وحدة الساحات دورًا عكسيًّا، فيشجع كل من تركيا وإيران على خوض حرب برّية مشتركة ضد معاقل الحزب على الأراضي العراقية (كردستان العراق)؟ أم تكتفي الدولتان بردود فعل موضعية كما فعلت طهران بالأمس، حيث دكَّت صواريخها معاقل الحزب في كردستان العراق؟ وماذا عن حكومة بغداد؟ هل تدخل هي الأخرى على خط المواجهة، فتضع حداً لـ”عربدات” حزب العمال التي يقوم بها انطلاقاً من أراضيها؟

كل من جرب هذا النوع من اللعب والعبث لا زال لسان حاله يقول: لا أكلنا من بلح الشام، ولا طلنا عنب اليمن!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.