خاطرة “أبو المجد” (الحلقة السادسة والأربعون)

bahjat-soleiman1

موقع إنباء الإخباري ـ
الدكتور بهجت سليمان ـ سفير الجمهورية العربية السورية لدى الأردن:

(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير).

-1-

[ أخي السوري، لا تَدَعْ “نتنياهو” يدخل “دمشق” متخفياً بغترة وعقال سعوديين، وبِنِعال قطري. ]
*    الأستاذ الجامعي العراقي (د. عمر طاهر)

[ لِــنَــكُــنْ كَــرْبَـــلائِــيّــين، جميعاً]
يقول المثل الشائع:
(إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب)
إذا كان هذا صحيحاً، في مواجهة الأحمق، أو في أيّـام السلم، فإنّ الصحيح، في أيّــام الحرب، هو:
[إذا كان السكوت من فضة، فالكلام من ذهب]
ولا يكفي الكلام وحده، بل لابدّ من اتخاذ موقف واضح وضوح الشمس، لا يضع رِجْـلاً في البور، و رِجْــلاً في الفلاحة، ولا يختبئ خلف الرابية، منتظراً مَــن سيكون المنتصر.
الواجب الأخلاقي والوطني، يقتضي من جميع الشرفاء، أن يكونوا (كربلائيين) أي أن يكونوا مشاريع شهداء، باختيارهم، دفاعاً عن الوطن، في مختلف المواقع التي يحتاجهم فيها الوطن.. وذلك أفضل بمئات المرات من أن يصبحوا شهداء، بغير اختيارهم، فَــيُــصابوا مثلاً في تفجير سيارة ملغومة، أو في رشقة هاون عشوائية، أو في اغتيال رخيص…
لِـــنَكُــنْ (كربلائيين) من أجل أن ينتصر الوطن، في مواجهة (الانتحاريين) الذين يعملون على تدمير الوطن.. ذلك أنّ المفهوم المعاصر لــ(الكربلائيّــة) هو الاستعداد للموت، بشرف، وبإحساس عميق بالسعادة، وبالرضا عن النفس.. وَمَنْ يستعدّ لملاقاة الموت، بهذه الطريقة، تُــوَهَــبُ له الحياة، عندما ينتصر وطنه، سواء نال الشهادة، أم لم يظفر بشرف نَــيْــلِــها.
وبالمناسبة كم يخطئ مَن يظنّ أنّ (الحسين بن علي) وَقْفٌ على فئة معيّنة، أو على شريحة محدّدة من المسلمين.. إنه (سِبْط) رسول الله الأعظم، ورسول الله، لجميع المسلمين، بل لجميع العالمين.. ويخطئ مَن يظنّ أنّ الحديث عن (كربلاء) مِلْكٌ لجهة دون أخرى.. إنّها أيضاً، مِلْكٌ لجميع المسلمين، ولجميع العالمين، من حيث معناها وقِيمُها النبيلة الغيرية الوجدانية الرفيعة.
كما يخطئ مَن يظنّ أنّ الكلام عن (كربلاء) أو (عاشوراء) له بُعْدٌ طائفي أو مذهبي، اللهمّ إلّا لمَن كان غارقاً في العصبية الطائفية والمذهبية، منذ نعومة أظفاره، ذلك أنّ الطائفيين والمذهبيين، عاجزون عن مقاربة جميع المسائل القيمية الإنسانية والأخلاقية الراقية، إلّا مقاربات ضيّقة تعصبيّة، تَتَشَوَّهُ فيها، معاني (الحق والخير والجمال).
وأكثر ما يثير حفيظة هؤلاء الغرائزيين، هو مجرّد سماع كلمة (كربلاء) لأنّهم يعرفون بأنّها من أكثر المواقف البارزة والمفصلية في تاريخ الإسلام، ويعرفون بأنّ التعامل الإنساني الراقي مع هذه المناسبة التاريخية، بما يسمح بالتسلّح بها، تسلّحاً إيجابياً وخلّاقاً ومبدعاً، سوف يمكّن المتسلّحين بها، من تحقيق المعجزات.. ولأنّ الظلاميين التكفيريين التدميريين، يريدون، للآخرين، استخدام معنى هذه المناسبة التاريخية، استخداماً سلبياً ضغائنياً غرائزياً ثأرياً، من أجل تبرير ظلاميتهم، هم، وتمرير إجرامهم ودمويتهم وإرهابهم.. ولذلك، من واجب الجميع – من هنا أو من هناك – تحاشي الوقوع في هذا الفخ.. ولكن عليهم، أيضاً، أن لا يتخلّوا عن استخدام هذا السلاح (الكربلائي) المفعم بروح التضحية والغيرية والإيثار، دفاعاً عن القضايا الكبرى.. وهذا هو بالضبط ما يُرْعب الأعداء ويثير هلعهم وقلقهم.

-2-
[ الشعب السوري “والكربلائية المعاصرة” ]
يخطئ من يظن، أنّ العمليات الانتحارية، والتفجيرات، وقذائف الهاون، سوف تَفُتّ في عضد الشعب السوري، أو يمكن أن تنال من معنوياته، أو أنّها ستدفعه إلى الانفصال، عن دولته وجيشه وقيادته الوطنية، أو أنّها يمكن أن تحقّق للإرهابيين ولأسيادهم، ما عجزوا عن تحقيقه، في محاولاتهم المتلاحقة الفاشلة، لاحتلال دمشق….. ومَن لا يصدّق ذلك، ما عليه، إلاّ أن يشاهد معنويات المصابين، في تفجيرات حيّ المزرعة بدمشق، التي بلغت عنان السماء، وأن يرى السخرية، على وجوه الناس، الذين كانوا موجودين، في منطقة الانفجار… وقد كان البطل التاريخي (يوسف العظمة) أشهر كربلائي سوري، في القرن العشرين، عندما ذهب لملاقاة الغازي الفرنسي، وهو يعرف أنّ “الشهادة ” تنتظره في (ميسلون).
وأمّا تلك المعارضات العفنة، التي لا زالت تجترّ مواقفها البائسة، حول تحميل (النظام السوري) المسؤولية المباشرة، أو غير المباشرة، عن هذه التفجيرات الإرهابية الإجرامية، فإنّها تبرهن، بذلك، عن اختزانها لتلال هائلة من الانتهازية المحمومة والمسمومة، ولا زالت تتحدّث باللغة نفسها، التي كانت تتحدث بها، منذ بداية الحرب الكونية على سورية، عندما كانت تصوّر نفسها، ملائكة وقدّيسين، وتنكر إنكاراً كاملاً، وجود أيّ سلاح أو مسلحين، في أوساط الجهات التي وقفت وتقف، ضد الدولة، أو تمرّدت عليها… وعندما انقطع الشك باليقين، وأعلنت العصابات الإرهابية المسلحة، عن نفسها، تسابقت تلك المعارضات البائسة، لكي تؤمّن الغطاء السياسي، لهذه العصابات، ولكي تبرّر لهؤلاء القتلة المجرمين، جرائمهم وفظائعهم الشنيعة، عبر القول بأنّ ما يقوم به هؤلاء، كان رداً على استخدام (النظام السوري) للسلاح!!!!!!!!.
في كل يوم تَقْتُلون من شعبنا، مزيداً من الأبرياء، وكأنكم تجهلون، أنّ تنامي الشهداء والمصابين، من أبناء شعبنا وجيشنا، لن يزيدنا، إلاّ إصراراً، على سحقكم وتخليص سورية، من جراثيمكم وسفالاتكم، مهما كان الثمن، ومهما طال الزمن – وهو لن يطول كثيراً – ومهما كانت التضحيات ومهما كانت التحديات.
إنّ الدولة الوطنية السورية (بشعبها وجيشها وقيادتها وقائدها “الأسد”) سوف تعطيكم دروساً، في معنى (الكربلائية المعاصرة) بمفهومها الحديث، الذي يعني (الاستعداد المليوني للشهادة، والكفيل بتحقيق النصر)، وليس فقط، بمفهومها التقليدي… والمفهوم المعاصر لها، يتجلّى باستعداد ملايين السوريين (من مدنيين وعسكريين، ورجال ونساء، وشبان وشابات) للشهادة، دفاعاً عن كرامة الوطن وحقه في الحياة الحرة الكريمة، في مواجهة قطعان الظلاميين التكفيريين التدميريين، وعصابات الإجرام والتهريب والسطو والخطف والاغتصاب… هذه العصابات المنفلتة، والقطعان الهائجة، المدعومة والمحتضنة، من أعراب الغاز والكاز، ومن النسخة الكاريكاتيرية العثمانية “الاردوغانية”، لن تبوء، هي وأسيادها، إلا بالخزي والعار، وسوف تكون الأرض ، مقبرة لجثامينهم النتنة، ومقبرة لمشاريع أسيادهم في المحور الصهيو- أميركي، وسوف تكون سورية الجديدة المتجددة، مركز النور والإشعاع الوطني والقومي والحضاري، للأمة العربية، بكاملها، وسوف يتسابق (عربان الغاز والكاز) لاسترضاء سورية، والوقوف (عند خاطرها) عندما سيجدون سيّدهم الأمريكي، قد سبقهم، بعد حين، للوقوف (على خاطر سورية).. ومَن يشكّ في ذلك، فَلْيعُدْ، سنين عديدة، إلى الوراء، وَلْيتذكّر، كيف أنّ ثلاثة رؤساء أمريكان، جاؤوا إلى (دمشق العرين) للوقوف (عند خاطر) رئيسها الخالد “حافظ الأسد”، بينما الرئيس “حافظ الأسد” غادر دنيانا، هذه، إلى الرفيق الأعلى، دون أن يلوّث يديه ولا قدميه، فلم يلوّث يديه، بمصافحة الإسرائيلي، ولم يلوّث قدميه، بملامسة أرض الولايات المتحدة الأمريكية .

-3-
[  مَن الذي يريد إلغاء الآخر؟؟ ]

عندما قام القائد القومي والوطني الكبير (حافظ الأسد) بحركته التصحيحية، في السادس عشر من تشرين الثاني، عام (١٩٧٠) بدأ على الفور، بوضع الأسس الراسخة، لبناء سورية الجديدة، سواء من حيث إشادة بنية تحتية متينة… أو من حيث قيام التعددية الحزبية والسياسية وتوسيع المشاركة في صناعة القرار، إلى الحد الأقصى، الذي تسمح به الظروف المحلية القائمة… أو من حيث سياسة الانفتاح على العالَم عامة، وعلى البلدان العربية الأخرى خاصة، ورفع شعار (التضامن العربي) بغرض نصب جسور متينة، مع مختلف الدول العربية، بدلاً من سياسة بناء السدود معها، واستطاع تحويل سورية من (لعبة) إلى (لاعب) باعتراف جميع السياسيين في العالَم، وَوَضَعها في المكان اللائق بها، على خارطة الكون، والغرض من ذلك، هو توظيف كل ما يمكن توظيفه من الطاقات العربية وغير العربية، في مواجهة التحدّي الوجودي الأكبر والأعظم، للأمة العربية، بكاملها، وهو (التحدي الصهيوني) وبدأ على الفور، بتحويل الجيش العربي السوري الصغير نسبياً، إلى جيش كبير نسبياً، ومحترف، وعقائدي، ومسلّح بالأسلحة الحديثة التي، تحقق له إمكانية، مقارعة العدو الصهيوني، إلى أن خاض به (حرب تشرين) في السادس من تشرين الأول عام (١٩٧٣) بالتنسيق مع جمهورية (مصر) العربية، ولكن (أنور السادات) غدر بسورية، ولم يقم بتنفيذ الخطة العسكرية المتفق عليها، بين الدولتين، وتوقف عند تنفيذ الجزء الأول من الخطة، فانتقل معظم الثقل العسكري الإسرائيلي إلى الجبهة السورية، الأمر الذي غيّر مسار الحرب، ووفّر للعدو الإسرائيلي، الفرصة المناسبة، للانفراد بسورية، ومنعها من تحرير أرضها المحتلة في الجولان، ذلك أنّ (السادات) تعامل مع الحرب، كـ: (حرب تحريك) على عكس سورية، التي تعاملت معها، على أنها (حرب تحرير)، واستمرت سورية، في خوض حرب استنزاف مع إسرائيل، لشهور عديدة لاحقة… ومنذ ذلك الحين، ابتدأ التباعد والفراق بين القيادة السورية والقيادة المصرية، التي انخرطت (خطوة فخطوة) في المخطط الصهيو- أميركي للمنطقة، ولأنّ سورية، رفضت الانخراط في هذا المخطط، وقرّرت مواجهته وإجهاضه، بكل ما تستطيع من قوّة.. حينئذ، حرّك المحور الصهيو- أميركي، احتياطه الاستراتيجي، والذي هو (الإخوان المسلمون) وبدؤوا بعمليات الاغتيال والتفخيخ والتفجير والعمليات الانتحارية، واستمر إجرامهم ذاك، منذ عام (١٩٧٥) حتى عام (١٩٨٢)، وقتلوا آلاف الأبرياء من أبناء الشعب السوري والجيش السوري.. ومع ذلك، حاول الرئيس حافظ الأسد، استيعابهم، ومدّ يده لهم، ودعاهم، في خطاب له، أثناء المؤتمر القطري السابع لحزب البعث العربي الاشتراكي، في نهاية عام (١٩٧٩) إلى الحوار، والمشاركة في بناء الوطن وفي تحمّل المسؤولية… فماذا كان جوابهم؟ كان جوابهم، حينئذ: (على حافظ الأسد، أن يستقيل، قبل أن يبدأ الحوار!!!) وماذا كانت النتيجة، بعدئذ؟ كانت النتيجة، أنّها (على نفسها، جَنَتْ براقش) وجرى وضع حدّ لهم، وعاد الوطن السوري، إلى حياته الطبيعية ومساره ومسيرته.

والسؤال: ألا يكرّر التاريخ نفسه، الآن، وإن كان بشكل، أكثر شراسة وإجراماً ودمويةً ودماراً وخراباً؟؟ نعم، إنه كذلك، بعد أن أيقنوا أنّ الرئيس (بشّار الأسد) ليس عملاقاً، بطوله، فقط، بل هو أيضاً، عملاق بوطنيته وبقوميته وبصلابته وبمبدئيته وبحنكته، وتأكّدوا بأنه من (فرسان المقاومة) وليس من (نعاج المساومة)… حينئذ، قرّروا شنّ حرب طاحنة على سورية، بغية أخذها، بالقوة، إلى الخندق الصهيو- أميركي، وتحويلها إلى تابع ذليل، يدور في الفلك الإسرائيلي، ونفضوا الغبار، ثانية، عن احتياطهم الاستراتيجي (الإخوان المسلمين) وأضافوا إليهم، هذه المرّة، مختلف عصابات الإرهاب الظلامي التكفيري التدميري، التي فرّختها (الوهابية السعودية) بدءاً من إرهابيّي (القاعدة) وليس انتهاء بـ(جند الشام) و(أحرار الشام) و(غرباء الشام) و(جبهة النصرة)، وكلّف المحور الصهيو- أميركي، أذنابه في (أنقرة) و(مستعمرة آل: سعود في الحجاز والجزيرة العربية) و(مشيخة آل: ثاني في قاعدة قطر العسكرية والإعلامية) بصفتهما – أي السعودية وقطر – أسوء نظامين على وجه الأرض، فساداً وديكتاتوريةً وتخلّفاً وبدائيةً وفسقاً وظلماً (رغم ثرائهما الأسطوري)، وبصفتهما الخادم الأمين لكل ما يحتاجه أو يشير إليه (العمّ سام) وخاصةً في ما يتعلق بخدمة الكيان الإسرائيلي، ولذلك جرى تكليفهما، بالإضافة إلى سلطنة بني عثمان الأردوغانية الجديدة، باحتضان وتمويل وتسليح وتدريب وتنظيم واستيراد، عشرات الآلاف من هؤلاء الظلاميين والمرتزقة والخارجين على القانون، وزجّهم في حرب داخلية طاحنة، ضد الدولة الوطنية السورية (شعباً وجيشاً وقيادةً وقائداً) واختلقوا واصطنعوا لهم تعبيرات سياسية، من (مجلس استنبول) إلى (إتلاف حمد) وجعلوا من (الإخوان المسلمين) العمود الفقري، لهذه التعبيرات، وطعّموا هذه التعبيرات السياسية المختلقة ببعض الأشخاص ذوي الماضي اليساري (المشبوه) بغرض إظهارها بِحُلّة مدنيّة، تخفي وتزوّر حقيقتها.. وهؤلاء ممّن سبق لهم الانخراط في الحرب الإرهابية التي شنّها الإخوان المسلمون، في سبعينيّات القرن الماضي، ضد الدولة الوطنية السورية، وفي مقدّمتهم الرمز الشيوعي البارز (رياض الترك) الذي أعلن حينئذ، استعداده للتحالف مع الشيطان ضد (النظام السوري)، وهو نفسه، الآن، مع بعض الزمر اليسارية المتأمركة يقفون ثانيةً، في خندق أصحاب وأذناب الحرب الدولية الصهيو- أطلسية الإرهابية على سورية.. ولم يكتفوا بذلك بل كلّفوا أيضاً تكفيريّي وظلاميّي (الوهّابية) بتخريب وتدمير كل ما تصل إليه، أيديهم، في سورية، وباغتيال وتفجير كل مَن تطوله أيديهم في سورية، بغرض معاقبة الشعب السوري بكامله، لأنه شعب لا يعرف الانحناء ولا الركوع (إلا لله عزّ وجلّ) /وهذا هو حال أكثر من ثلاثة أرباع الشعب السوري/… وأمّا الباقون، فقد اصطادتهم (الوهّابية السعودية) في بعض الأرياف والضواحي، عبر استغلال الحاجة والفقر والجهل والبطالة، وخاصة، بعد أن كان المحور الصهيو- أمريكي، قد أوعز لـ: (آل سعود) بأن لا يتركوا الساحة، مفتوحة، أمام المفهوم التحرري للإسلام، المعادي للغرب الاستعماري، ولإسرائيل، الذي جاءت به الثورة الإيرانية عام (١٩٧٩)، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، ونواطير النفط في العائلة السعودية، يخصّصون خمسة مليارات دولار، سنوياً، لنشر المفهوم الوهّابي الظلامي الإقصائي الإلغائي البدائي للإسلام، في جميع الدول العربية والإسلامية وفي مختلف دول العالَم، التي يعيش بعض المسلمين بين صفوفها، وإغراقه في تفاصيل التفاصيل وجزئيات الجزئيات، وإبعاد المسلمين، كلياً، عن التفكير بالصراع مع إسرائيل، وتحويله إلى صراعات داخلية متواصلة، بين المسلمين أنفسهم… وهذا هو سرّ شراسة الإجرام والدمار الذي نزل بسورية، قياساً لما كان عليه الأمر في المرة الأولى، منذ أكثر من ثلاثين عاماً، بعد أن أضيف (الوهّابيون) إلى (الإخوان المسلمين) في الحرب الكونية الإرهابية الحالية، على سورية.

ورغم الصمود الأسطوري للشعب السوري والدولة السورية والقيادة السورية، في وجه هذه الحرب الكونية، فإنّ أدوات هذه الحرب وتعبيراتها السياسية والإعلامية، تكرّر الخطيئة نفسها، التي ارتكبتها منذ أكثر من ثلاثين عاماً، عندما تقول بأنها لن تقبل بالحوار إلاّ بعد (رحيل الرئيس بشار الأسد)… حسناً، انتظروا، لتروا مَن هو الذي سيرحل، ومَن هم الذين سيجري ترحيلهم، إلى مزابل التاريخ، ومَن الذين سوف يطالب الشعب السوري، بتعليق مشانقهم في الساحات العامة، عقاباً لهم، على ما ارتكبوه من جرائم الخيانة العظمى، عندما خانوا وطنهم وباعوا أنفسهم، للأمريكي والبريطاني والفرنسي والألماني والتركي والقطري والسعودي….. وَلْتَتَحَمّلوا مسؤولية تبديد وإضاعة الفرصة، في إمكانية أن يصفح الشعب السوري عنكم، فيما لو أقلعتم عن غيّكم وضلالكم، والتحقتم بطاولة الحوار، وتحلّيتم بأدب الحوار، بدلاً من المكابرة وخداع النفس، والوقوع في الخطيئة نفسها، التي وقعتم فيها، منذ ثلاثة وثلاثين عاماً، ودفعتم ثمنها غالياً، خاصة وإنكم تعلمون جيداً، أنّ جميع محاولاتكم لإلغاء الدولة السورية، قد تكسّرت وتتكسّر، الآن، على أسوار دمشق.

-4-

دول الاستعمار القديم والجديد (الأوربي والأمريكي) تريد (رحيل الرئيس الأسد) بالدبلوماسية، حفاظاً على ماء وجهها، بعد فشلها في تحقيق ذلك، بالقوّة!!!!. وسلاجقة أردوغان – أوغلو، يريدون (رحيل الرئيس الأسد) لكي يبقوا هم، حكاماً، لتركيا (على الأقل)!!!!. ونواطير الغاز والنفط (السعودي- القطري) يريدون (رحيل الرئيس الأسد) لكي لا يرحلوا، هم، ولكيلا تتهاوى أنظمتهم المنخورة، ولكيلا تلفظهم، مجتمعاتهم المقهورة، ولكيلا يستبدلهم أسيادهم الأمريكان، ويرموا بهم، من النافذة، كالفئران الميتة، ولكيلا يركل المحور الصهيو- أمريكي، بأقدامهم، هذه المستحاثات المسعورة…. ولكن الشعب العربي السوري وجيشه الوطني العملاق (كجزء من هذا الشعب) رفض ويرفض الخنوع والخضوع، ودفع ويدفع أثمانا باهظة، وقدّم ويقدّم، تضحيات هائلة، من أجل أن يبقى، حراً أبياً عزيزاً كريماً، يضرب المثل، لجميع شعوب المنطقة، بأنه:
(إذا الشعب يوماً، أراد الحياة……. فلا بد أن يستجيب القدر ).
ولكي يعلم العالم، أجمع، بأنّ (الشعب) و(الجيش) و(الأسد) روح واحدة، وجسد واحد، لا يفصله عن بعضه، إلّا الذي خلقه.

-5-
[  بين (حرية التعبير) و (حرية التبعير) ]

الإعلام الغربي الحرّ، هو إعلام (موجّه) بمعظمه، وتُتْرَك له هوامش واسعة، يتبارى فيها إعلاميّوه، في مَن يتفوّق على غيره، في تقديم الخدمات اللازمة، لمموّلي هذا الإعلام.. مع وجود جُزُرْ متفرّقة، من الوسائل الإعلامية، متّفلّتة من أيّ قيد، ولكنها حالات فولكلورية تزيينيّة، وحتى تضليليّة، لا تعبّر عن السياق العام للإعلام الغربي (الحرّ).. أمّا الإعلام العربي (الحرّ) (جداً) فهو إعلام (مقيّد) بأغلبيته الساحقة، مهما حاول طلاء وجهه بمساحيق تجميلية، تموّه حقيقة توجّهه الحقيقي ودوره الوظيفي.
وعلى الرغم، من أنّ (حرية التعبير) حق لكلّ إنسان في هذا العالَم.. فإنّ الشبكة الإعلامية الأخطبوطية الهائلة، المُدارة صهيو-أمريكياً، بما في ذلك فروعها، في المنطقة العربية، المموّلة تمويلاً بترو دولارياً وغازياً.. يتحوّل هذا الحق، عبر أثيرها أو على صفحاتها، من (حق التعبير) إلى (حق التبعير) وأفضل الأمثلة على ذلك، هي تلك الفضائيات النفطية والغازية، وجرائد تلك الكيانات الوظيفية التابعة، والآلاف من مواقعها الإلكترونية المتعيّشة، ارتزاقياً، على فَضَلات البترو دولار.. حيث تبذل بيادق هذا الإعلام ومرتزقته، جهوداً محمومة، يتجاوزون فيها قَلْبَ الحقائق والوقائع، بِجَعْلِها تسير على رأسها، بدلاً من السير على قدميها، إلى جَعْلِها تسير، مثلهم، على أصابع يديها (أي تسير على أربع)، وتجدهم يردّدون – وخاصةً في الفترة الأخيرة – لاَزِمَة اتّهامية، مضمونها (توجيه تهمة التعامل والتواطؤ والتناغم مع إسرائيل، لمختلف قوى المقاومة والممانعة، ولمعظم الرموز الوطنية والقومية الشريفة).. أي أنّ مجنّدي المارينز الإعلامي الأعرابي المتصهين، ومرتزقته وبيادقه، لا يكتفون بممارسة الخيانة، بل يقومون بترحيل هذه التّهمة، إلى خصومهم وأعدائهم من رموز وقوى وقيادات المقاومة والممانعة والوطنية والقومية.. إنّهم – باختصار – يمارسون فِعْلَ (الخيانة) جهاراً نهاراً، ثم يعملون على طَمْسِها وإخفائها، بواسطة ترحيل التّهمة، إلى أعداء إسرائيل الحقيقيين، ويواكبون ذلك، بِرَفْعِ عقيرتهم وتسويق أنفسهم، كقدّيسين وأولياء، لا يَبْتغون جزاءً ولا شكوراً، إلاّ العمل على تحقيق طموحات الشعوب وحقّها في الحرية والديمقراطية!!!!.. أي أنّهم، يمارسون (الخيانة.. مرفوعة الرأس) حسب قول المبدع الراحل (الصادق النيهوم) ويصرخون ويولولون، إذا عَرَّاهم أحد أو سَمَّاهم أو وَصَّفَهم بما هم فيه، وهو (الخيانة)، بمعنى أنّ (فِعْلَ الخيانة) مسموح ومشروع، بل يتحوّل، عند هؤلاء، إلى مفخرة ومأثرة، عبر تسويقها كذلك.. وأمّا (الحديث عن الخيانة) فَأمْرٌ ممنوع، عند الآخرين، لدى هؤلاء، تحت طائلة (إقامة الحدّ) على كل مَن تسوّل له نفسه أن يصف (الخائن) بـ(الخيانة)!!!.
إنّ أسلوب بيادق (حرية التبعير) صار مكشوفاً للعامّة والخاصّة، فهم يوصّفون الواقع، رغبوياً وضغائنياً وتجزيئياً، ثم يقلبون الوقائع، فيجعلون من النتيجة سبباً، ومن السبب نتيجة.. ويتجاهلون كلياً، الأسباب الحقيقية في وجود الوقائع التي يقومون بتوصيفها، رغم توصيفاتهم المشوّشة والمشوّهة.. إنّ هذه البيادق الإعلامية المتعفّنة المتخلّعة (من لاعِقي أحذية نواطير النفط والغاز) ليست أكثر من شُعَيْرَاتٍ في أذناب أسيادها النفطيين والغازيين، المنبطحين أمام المحور الصهيو-أمريكي، بحيث كلما هزّ أو حرّك (العمّ سام) أذنابه النفطية والغازية، تتحرك هذه الشعيرات الإعلامية، أوتوماتيكياً، بالاتجاهات المختلفة التي تتحرك بها تلك الأذناب.

-6-
(النظام السوري، يقتل شعبه!!!) و(“بشار الأسد” قاتل الأطفال”!!!) مقولات، اخترعتها وعمّمتها، آلة الإعلام الصهيو-أميركي الهائلة، وأذنابه النفطية والغازية، لكي تنشر الغبار والدخان والضباب، على ما يقوم به، هؤلاء، من جرائم فظيعة، بحق الشعب السوري والوطن السوري، بشكل لم يشهد له التاريخ المعاصر، مثيلاً، ولكي يحجبوا ويخفوا، مسؤوليتهم الكاملة، عن ذبح الشعب السوري، وعن قتل أطفاله وشبابه ونسائه وكهوله، وعن تدمير مقدراته وتاريخه.. والأكثر سوءاً من هؤلاء، هم بعض المعارضين السوريين، الذين يرددون، بشكل ببغاوي، هذه الأقاويل، لأنّهم – أي هذا البعض من المعارضين – لا يتجاوز رصيدهم الشعبي، صفرا مكعباً، ولذلك تجدهم، يزعقون على الشاشات، ظناً منهم، أنّهم بذلك، يصنعون لأنفسهم، أوزاناً، معدومة على أرض الواقع… إنّ هؤلاء وأسيادهم وأسياد أسيادهم، ليسوا أكثر من مجموعة حمقى، عندما يتوهمون، أنّ الشمس، يمكن أن يجري حجبها، بغربال.. وهؤلاء، ينطبق عليهم المثل: (عندما تشير بإصبعك، إلى الشمس”أو القمر” ، ينظر الأحمق، إلى الإصبع، لا إلى الشمس، أو إلى القمر).

-7-
(هل تعلم، مَن هم “الهراطقة، الزنادقة، المارقون، الروافض، الطائفيون، المذهبيون” في قاموس “الوهّابية التلمودية” و”الإخونجية البريطانية”؟):
إنّهم جميع المسلمين، من مختلف الطوائف والمذاهب الإسلامية، الذين يرفضون المشاريع الصهيو – أميركية، ويقفون ضدها، ويناضلون لإفشالها!!!!!!!!!!!!!!!.
(وهل تعلم، مَن هم “المسلمون المؤمنون العابدون الزاهدون المخلصون وكاملو الإسلام” في قاموس “الوهّابية التلمودية” و”الإخونجية البريطانية”؟):
إنّهم، كل مَن يقفون في الخندق الأمريكي، وينالون بركة الرضا الإسرائيلي، ويحظون باحتضان نواطير النفط والغاز، وفي مقدمة هؤلاء (المعترف بإسلامهم الكامل): أتباع الديانات الأخرى، من غير المسلمين!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.

-8-
[ فَلْيَخْرَسْ هذا (العِبْريّ اللّا نبيل) ]

·       وَلْيَتَوقَّفْ عن اجترار ما قَبَضَ ثمنَه مقدَّماً، بملايين الدولارات، من أسياده نِعاج الغاز والكاز.. وَلْيخجل على نفسه، هذا المسمّى (نبيل العربي) عندما يطالب الرئيس الأسد… بتسليم صلاحياته!!.

ألا يكفي هذا المأفون أنه، أذعن لإملاء الجاسوس الإسرائيلي (حمد بن جاسم بن جبر) عندما أملى عليه، تجميد عضوية سورية في ما كان يسمّى (الجامعة العربية) ومع ذلك لا يرى هذا العديم النبل والعديم العروبة، حَرَجاً، في أن يَدُسَّ أنفه، في ما عجز عنه مشغّلوهُ القطريّون، وأسيادُ مشغّليِه الإسرائيليون، وأسيادُ أسيادِ مشغّليِه الأطلسيون من أمريكان وأوربيين.

·       وبالمناسبة يقول أحد مجنّدي المارينز الإعلامي الأعرابي المتصهين: (لن تسمح السعودية وقطر وأمريكا!!! بهزيمة الثورة في سورية، أو انتصار الأسد).

يا سلام: السعودية ثورية (ونحن لا نعرف) وقَطَر ثورية (ونحن لا نعرف) وأمريكا لا هَمَّ لها إلّا دعم ثورات الشعوب (ونحن لا نعرف)!!!!!.. ألا يكفي أن تكون هذه الجهات الثلاثة ضد (انتصار الأسد) لكي يكون مؤكّداً، بأنّ الأسد وشعبه وجيشه، سوف ينتصرون؟.

-9-
[ “إتلاف حمد” في اجتماعه في “القاهرة” يطالب – فقط !!!- بوضع الرئيس السوري، والقيادة العسكرية السورية، والقيادة الأمنية السورية، خارج أي عملية سياسية!!!!!!!! ]
تصوروا هذه العيّنة من (المعارضة)؟! فمَن هو الذي يعيش خارج هذا العالم؟! ومَن هو المنفصل عن الواقع؟! ومَن هو الغارق في أوهامه وأحلامه وتمنياته ورغباته؟! ومَن هو الأخرق الذي يجهل ألف باء السياسة، كتعبير عن ميزان القوى؟! …. ثم مع مَن يريد (إتلاف حمد) الحوار، إذن؟؟ هل يريد الحوار، مع (باعة العصير، والبسطرمة، والبليلا، فقط ؟؟!!)، أم يتحاورون مع أنفسهم؟؟ أم يتحاورون، فقط، مع أسيادهم؟؟!!.. عذراً، ماذا قلت؟: يتحاورون مع أسيادهم؟؟!! فهؤلاء، لا يحاورهم أسيادهم، بل يستخدمونهم ويأمرونهم ويُمْلُونَ عليهم، إلى أن يسفكوا آخر قطرة دم، يستطيعون سفكها، من دماء السوريين، ثم يرمونهم، في أقرب حاوية زبالة!!!.
هذا هو وضع “إتلاف حمد” الذي “يتفشخر” الآن، و”يتمنفخ” كما يحلو له، وكأنه يجهل، أنّ مصيره، لا يحتاج إلاّ لتصريح واحد من الخارجية الأمريكية، لكي يصبح هباءً منثوراً، كما حصل مع سلفه “مجلس استانبول”.

-10-
لقد ثَبَتَ بما يقطع الشكّ باليقين، أنّ سَوِيّــة التفكير السياسي، لدى تنظيمات (الإخوان المسلمين) متدنيّــة جداً، وهي دون الوسط بكثير، ومَن يقرأ تحليلاتهم ومقارباتهم السياسية أو يتابع سلوكهم السلطوي، في (مصر) و (تونس) خاصةً، يُفاجَــأ بِــكَــمّ الجهل والسذاجة المختزنة في عقولهم، والمترافقة مع كَــمّ كبير من الضغينة والثأرية..
وأكبر دليل هو اختلاف (إخوان مصر ) مع أفضل عقل عندهم وهو (عبد المنعم أبو الفتوح) و اختلاف (إخوان الأردن) مع أفضل عقل عندهم وهو (رحيل غرايبة) واختلاف (إخوان تونس الذين سمّوا أنفسهم “نهضة”) مع الرجل الثاني عندهم، وهو المؤسس الحقيقي للنهضة..
لماذا؟ لأنّ (الإخوان المسلمين) بتركيبتهم البنيوية، هم مجموعة طارِدة لكل العقول المتميّــزة، وجاذِبة لكل العقول البائسة.. ولذلك ذهب ويذهب (الإخوان المسلمون) إلى الهاوية، بسرعة قياسية.

-11-
[ لم يَــنْــسَــوا شيئاً، ولم يتعلّــموا شيئاً ]

عندما سقط (آل بوربون) ومليكهم “لويس السادس عشر” في باريس، عام (1789) إثر قيام الثورة الفرنسية.. وتتالت التطوّرات إلى أنّ هُــزِم (نابليون) في (واترلو) عام (1814) وعاد (آل بوربون) إلى حكم فرنسا.. وقد تبيّــن بعد عودتهم إلى الحكم، أنهم لم يأخذوا أيّ دروس مستفادة، من جميع التحديّــات التي واجهوها وواجهتها فرنسا، فقيل فيهم القول الشهير (“آل بوربون” عبر ربع قرن، لم ينسوا شيئاً، ولم يتعلّــموا شيئاً)..
وهذا ما ينطبق تماماً على (الإخوان المسلمين) وحلفائهم المضارِبين من بقية التنظيمات الظلامية التكفيرية، وعلى مُـحْـتَـضِـنِـي (الإخوان المسلمين) من نواطير النفط والغاز، وعلى المراهِـنين على (الإخوان المسلمين) في المحور الصهيو- أمريكي.. وكل ثرثرات هؤلاء عن (سقوط النظام السوري) أو عن (رحيل الأسد) لا تساوي الحبر الذي تُــكْـتَـب به.. وهؤلاء الثرثارون، أنفسهم، هم أوّل من يعرف ذلك.
سوف يسقط هؤلاء ومشروعهم ومشغّــلوهم والمراهنون عليهم، في سورية، وسوف تعود سورية، قلعةً للعروبة، مهما كان الثمن.
وينطبق على هؤلاء، تماماً، قول “سنتيانا”:
[ إنّ الذين لا يقرؤون التاريخ، هم وحدهم، المحكوم عليهم بتكراره ]
وبالمناسبة، فإنّ قراءة التاريخ، لا تعني استظهاره وحفظ دروسه، بل تعني التعلّـم من دروسه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.