سورية و بايدن و بوتين

صحيفة تشرين السورية-

د . فؤاد شربجي:

في فيلا راقية على ضفاف بحيرة جنيف سيجتمع الرئيسان بوتين و بايدن ليتباحثا في قضايا بلديهما والعالم، وستكون سورية حاضرة في هذه المباحثات كقضية جيو- سياسية و كموقف يتبناه الرئيس بوتين، فكيف ستؤثر هذه القمة على سورية و قضيتها ؟؟
من الواضح أن الرئيس بايدن سيتعامل مع سورية كـ« قضية إنسانية» و كما قال مستشار الأمن القومي الأميركي سيضغط بايدن كي يدفع روسيا و الصين لتساعدا في فتح المعابر الثلاثة لإدخال المساعدات الإنسانية، و يبدو أن بايدن سيؤجل أي حديث آخر يتعلق بسورية بترداد العبارات الفلكلورية حول إعادة الإعمار و اشتراط التعامل الإيجابي السوري مع العملية السياسية للإسهام به، و هكذا فإن إدارة بايدن تعمل على خطين بشأن سورية: الأول إعلامي إيديولوجي؛ يتمثل بالتظاهر بتبني القضية الإنسانية و المساعدات و المعابر ، و الثاني سياسي؛ يتجلى بإبقاء الحال الساكنة للوضع السوري مطوقاً بالإجراءات القسرية أحادية الجانب و بالحصار الجائر و بمنع أي تعاون معها، كل ذلك لا يعني سوى استمرار الحرب الاقتصادية ضد سورية و شعبها لإركاعها و استغلال قضية اللاجئين كستار تستر به الإدارة الأميركية عورتها و جرائمها ضد الشعب السوري و لقمة عيشه و مستقبله.
في المقابل لابدّ أن الرئيس بوتين سيطرح حول سورية أمرين أساسيين الأول ؛ حقائق الواقع التي تؤكد أن سورية ساهمت بشكل أساسي في كسر القوة المحورية للإرهاب و أنها الجهة الأكثر قوة و تأهيلاً لمحاربة الإرهاب و القضاء عليه في المنطقة، و هذا مهم للإقليم و العالم كما أن من حقائق الواقع أن “المعارضة” و فصائلها تشرذمت وسقط الكثير منها في خدمة أجندات خارجية و بعضها وقع في صفوف الإرهاب و أُبعِد الصادقون منهم «على قلّتهم» ليعتكفوا في خيبات أورثها لهم شركاء و حلفاء، كما أن من حقائق الواقع أن ترك إدلب لـ «النصرة» الإرهابية المدعومة من تركيا سيجعلها بؤرة توالد للإرهاب المهدد للعالم و يصل إلى أميركا كما حصل أكثر من مرة. كذلك فإن مشروع ميليشيا «قسد» الإنفصالي محكوم بالفشل فهو علاوة على أنه وصفة لاقتتال داخلي مستمر محاصر و مغلق عليه جيوسياسياً و لا أمل له، و لا بدّ من عودة إدلب و الجزيرة السورية للسيادة السورية لأن في ذلك استقراراً للمنطقة و أمناً للعالم، أما الأمر الثاني الذي لا بدّ أن يطرحه بوتين فهو حقيقة أن استقرار سورية مفتاح الحلول في المنطقة و بوابة النظام الإقليمي الجديد و هذا يتطلب التعاطي مع سورية كدولة مستقلة ذات سيادة كاملة على أرضها و شعبها و مؤسساتها و رفع الإجراءات القسرية عنها و فتح الأبواب للمساعدة في إعادة الإعمار بما يتيح للشعب السوري إمكانية تحقيق الارتقاء السياسي الشامل و كل ذلك يحقق استقرار المنطقة وأمن العالم تكون سورية في مركزه قلباً حيوياً متفاعلاً في تحقيق الاستقرار.. هذا هو الطريق الذي لا بدّ أن يطرحه الرئيس بوتين كحل في سورية و المنطقة، وخاصة أن كل محاولات التغيير بالقوة أو بالاضطرابات أو بالحصار باءت بالفشل.
بايدن سيهرب من الاعتراف بالواقع إلى ادعاء الإنسانية, و التمسك بقضية المعابر و المساعدات، و بوتين سيتمسك بحقيقة أن سورية أساس استقرار المنطقة و أن في عودتها لممارسة دورها الطبيعي مصلحة للمنطقة والعالم فهل يقتنع بايدن أن العقوبات تعوق حياة الشعب السوري و تهدف إلى تجويعه و هذا غير إنساني و لا يصدر إلا من عدو للإنسانية و هو جريمة ضد البشرية ؟ و هل ستدفع الواقعية السياسية التي يدّعيها للاقتناع بأن عودة سورية لدورها الطبيعي مفيد لشعبها لارتقائه و يحقق مصلحة للمنطقة و العالم ؟
هناك من يقول : من الصعب على أميركا العملاقة أن تستدير بسرعة لذلك ربما سيستمر بايدن بإعلان المواقف الأميركية المكررة بشكل استعراضي مع موافقته مع بوتين على ترك القضية السورية لشعبها و حلفائها ريثما تأخذ أميركا وقتها للاستدارة الكاملة, وخاصة أن حقائق الواقع أكبر من العداء الأميركي لسورية و دولتها و دورها و ارتقاء شعبها .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.