عندما ضاع الحريري وَضَيَّعَ النّاس … في برنامج كلام النّاس

saad-hariri-interview

موقع حركة التوحيد الإسلامي الإخباري ـ
أحمد سليمان:

سوِّق الإعلام لإطلالة رئيس الحكومة الأسبق الشيخ سعد الحريري عبر برنامج “كلام الناس” على أنها مقابلة مفصلية جامعة مانعة تحمل فصل الخطاب لما يعيشه لبنان من ضياع ، وانتظر الناس بفارغ الصبر موعد اللقاء الميمون، ومع بداية الحلقة ومع زخات الرصاص ودوي القنابل الصوتية التي ألقيت في طرابلس ومع إطلالته البهية أكد دولة الرئيس وصاحب الدولة أنه سيتكلم بصراحة غير معهودة عن كل شيء بحيث يزيح لثام الغموض عن كل شيء، مما أثار فضول القريب والبعيد وشدهم وجذبهم لحضور تلك المقابلة .

لكن نفس الذهول أصاب الجميع مع نهاياتها فصاحبنا لم يقدم أي جديد خلال مقابلته بل جاءت تكرارا وحديثا معادا في مختلف فقراته بحيث تساءل البعض هل هناك تتمة ما … أم أن هناك ضغطا من مملكة الخير وهو المواطن الصالح فيها حتى ” لا يبقّ البحصة” – كما يقول المثل اللبناني – فأمسك صاحبنا عن الكلام المباح …

مذهلة تلك الإطلالة التلفزيونية والتي تميزت باللاموقف من كل شيء ,كما تميزت برؤيته المستقبلية الثاقبة :

– فهو ليس مع إسقاط حكومة الميقاتي … ومع إسقاطها في آن …

– هو مع الزواج المدني نظريا … وضده عمليا …

– هو مع الحوار مع حزب الله …ولكن لن يحضر طاولة الحوار…

– حزب الله يمكن أن يلقي سلاحه في النهاية !!!… ويمكن ألا يلقي سلاحه!!!

– هو مع الوسطية وسطية اللاموقف ولا أدري لماذا لا يتوافق ويتقاسم الوسطية مع الرئيس ميقاتي على قاعدة fifty/ fifty

– هو مع وحدة طائفته ووحدة اللبنانيين “نظريا” … لكنه عمليا يهشم رئيس الوزراء الخائن ، ويكيل التهشيم  لمفتي الجمهورية وكل من يخالفه الرأي في داخل بيته الروحي … ومن لا يحترم كبيره كيف يحترم!!.

لقد ضاع الشيخ سعد وضيع معه الناس

في اليوم الثاني أصيب الناس بالدهشة والذهول لقيام بعض نواب الغفلة بشرح المبادرة والخطة الانقاذية التي أطلقها دولته خلال برنامج كلام الناس

يسأل الجميع عن أي مبادرة وأي خطة إنقاذية تتحدثون !!؟؟ الكل حضر المقابلة وأحد لم يسمع بمبادرة وشيء من ذلك القبيل فكل ما ورد قال وقيل ، اللهم إلا إن وردت كتلميحات الأذكياء … يغرسها الفصحاء بين طيات الكلمات … ولا يفهمها إلا البلغاء …ونحن كمواطنين بسطاء لسنا من هؤلاء… ولكن أحد الفصحاء حسم الجدل فقال “إطلالته بعد طول غياب هي المبادرة ”

يعتقد الكثيرون أن الأمير الشيخ سعد الحريري استهلك وبسرعة فائقة وغير متوقعة رصيد والده المالي والسياسي المحلي منه والإقليمي فضلا عن الدولي وينطبق عليه قول الأميرة الأندلسية “عائشة الحرة” التي قالت لابنها “ عبد الله الصغير” :”إبك مثل النساء ملكا لم تحافظ عليه مثل الرجال“.

فقد جمع الرئيس الشهيد رفيق الحريري عبر سنوات طويلة كتلة سياسية ونيابية وشعبية إضافة إلى احترام مخالفيه له جمع كل ذلك رحمه الله في حياته بسياساته وحنكته … وأشياء أخرى وزادها رصيدا بدمه بعد استشهاده والتفاف لبنان كل لبنان من حوله، وضيَّع الشيخ سعد تلك الأكثرية النيابية والشعبية الأغلى ثمنا في العالم خلال سنوات قليلة فانقلب العدو حليفا والصديق عدوا وأخرج من الحكومة وانقسم الناس على بعضهم البعض ولا نملك إلا أن نقول الله يرحمك يا شيخ رفيق.

– أما في الموضوع المالي فيكفي أن مختلف مؤسسات المستقبل الصحية وخاصة في شمال لبنان أقفلت ولا ندري هل ستفتح قبيل الانتخابات القادمة، ولكن ينتظر الرئيس الشاب في حال عودته فاتورة ديون مالية مترتبة على مؤسساته السياسية والخاصة .

– على الصعيد الدولي فبعد أن تضامن الغرب مع حكومة الحريري المقالة تحت وطأة القمصان السود ، ورفض الاعتراف بحكومة “حزب الله” شرِّعت أبواب أوروبا والغرب لرئيسها نجيب ميقاتي – وإن كان ذلك ليس من دواعي سرورنا – .

– على صعيد العرب حوصرت حكومة الميقاتي عربيا، لكن ما لبث هذا الحصار أن انهار واستقبل رئيسها في مختلف عواصم الاعتدال العربي وخاصة السعودية محضن الشيخ سعد وداعمه وذلك إيذانا بثنائية وتعددية تبحث عنها المملكة حتى لا تخرج خالية الوفاض من الساحة اللبنانية بسبب سوء أداء ممثلها الشرعي والوحيد على الساحة.

– يا شيخ سعد مع كل إطلالة إعلامية نتوجس ويتوجس اللبنانيون وخاصة أهل طرابلس من التوترات والانفلات الأمني فالأجهزة الأمنية = القريبة من النظام السوري ربما – توزع ذخائر ليطلق محبوك الرصاص ابتهاجا بطلعتك البهية مما يزيد من شعبيتك ويعزز أبجديات دولة القانون والمؤسسات!!؟؟ .

الحل في لبنان يكون بالبعد عن الضغينة والبغضاء مع الأقربين والأبعدين والحل يكون بالتواصل بعيدا عن ثقافة إلغاء الآخر فالمرء ضعيف بنفسه قوي بأخيه والحل باعتماد مبدأ الشراكة في الطائفة والوطن والانسانية وليس بثقافة الإلغاء والاستتباع والاستلحاق العابر للطوائف والتي يتّبعها تياركم العظيم فكلنا أبناء آدم وآدم من تراب .

وأخيرا يا شيخ سعد نحن نعرف مدى حبكم لطرابلس لكن … إرحموا طرابلس … إرحموا اقتصادها… إرحموا أسواقها… إرحموا أهلها… إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

وما يصح على طرابلس وحبكم لها يصح على كل لبنان ، وليحفظ الله لبنان من عاشقيه ومحبيه قبل أن يحفظه من أعدائه وكارهيه “فمن الحب ما قتل“  هكذا قال المثل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.