قرار مجلس الأمن 2728 … واقع مجلس الأمن ومعاني هذا القرار وتطبيقه
موقع إنباء الإخباري –
رواد منذر*:
للمرة الأولى منذ السابع من تشرين الأول/أوكتوبر، وبعد العديد من المحاولات الفاشلة، نجح مجلس الأمن في اتخاذ القرار 2728 في جلسته المنعقدة في 25 آذار/مارس 2024 بشأن وقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان والافراج الفوري عن جميع الرهائن وكفالة وصول المساعدات الإنسانية و الطبية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الضرورية.
ولكن هذا القرار عكس واقع فشل مجلس الأمن في القيام بأبسط أعماله لحماية السلم والأمن الدوليين، بالرغم من كون هذا القرار هو متأخر بلا شك نظراً لحجم الجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين والصحافيين والأطقم الطبية الأمر الذي شكل مخالفة فاضحة للقوانين الدولية خاصة القانون الدولي الإنساني .
فلقد تطلب الأمر جهداً كبيراً من الدول الغير دائمة العضوية(E10) برئاسة دولة الموزمبيق حالياً لصياغة قرار حصد أخيراً قبول الدول الخمس دائمة العضوية و خاصة الولايات المتحدة الأميركية التي اكتفت بالامتناع عن التصويت الأمر الذي كان كافيا باعتماد هذا القرار، في حين أن هذه الأخيرة كانت قد أفشلت 3 قرارات سابقة من أصل 4 كانت قد قدمت لمجلس الأمن حول نفس الموضوع مستعملة حق النقض الفيتو .
بعد صدور القرار، توترت العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية و الكيان الصهيوني الأمر الذي بان عند الغاء وفد رفيع المستوى تابع للكيان زيارته لواشنطن.
بعدها حاولت الولايات المتحدة الأميركية لجم أثر الخلاف السياسي الواقع بين الحليفين عبر وصف قرار مجلس الأمن بغير الملزم، بحيث صرحت وزارة الخارجية الأميركية أن قرار مجلس الأمن بشأن وقف اطلاق النار في غزة بأنه “ليس ملزماً ولكن يجب تنفيذه”.
بررت الخارجية الأميركية عبر المتحدث باسمها ماثيو ميلر، بأن عدم استعمل الفيتو ضد هذا القرار كون الإدارة الأميركية تؤيد فكرة وقف اطلاق النار ضمن شروط أهمها اطلاق سراح الرهائن و ادخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وكما أضاف بأن “هذه الوثيقة ليست ملزمة ولا تفرض أي التزامات جديدة على الأطراف، لكننا نعتقد أنه يجب احترامها، لما لها من وزن، ويجب تنفيذها.”
سارع المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إلى طمئنت حلفائه والتأكيد على أن بلاده تقف مع ذلك الكيان في حربه ضد حماس مؤكداً بأن عدم استعمال الفيتو لا يعني تغيراً في السياسة الأميركية.
هل قرار مجلس الأمن إلزامي؟
الفصل الخامس من ميثاق الأمم المتحدة يتحدث عن مجلس الأمن بالتفصيل أي تأليفه و وظائفه …
جاء في المادة 25 من هذا الفصل “يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن و تنفيذها وفق هذا الميثاق”.
من هنا تأتي القوة الملزمة لقرارات مجلس الأمن بحيث نصت هذه المادة بشكل صريح على ضرورة تطبيق الأعضاء لقرارات مجلس الأمن وليس ترك حرية التنفيذ للأطراف المتعلقين بهذا القرار.
ولكن إلى الآن رفض الكيان الصهيوني تنفيذ قرار مجلس الأمن و أعلن عن متابعته لحملته العسكرية لحين استعادة الرهائن، في مقابل ترحيب حماس بهذا القرار .
أبدى بعض خبراء القانون قلقهم حول عدم تمتع هذا القرار بأي صيغة تنفيذية، فلقد صرح أستاذ القانون العام في الجامعة العربية الأميركية أحمد الأشقر هذا الأمر و برره بكون القرار صدر بناء على الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على دور المجلس في حل النزاعات السلمية والتي لا تجيز لهذا الأخير استعمال القوة لحفظ السلم و الأمن الدوليين باعتبار بأن القرار 2728 لم يشير إلى أن هذه القضية تؤدي إلى تهديدهما.
استعملت الخارجية الأميركية صيغة هذا القرار لتبرير موقفها بأن هذا الأخير غير ملزم، فلقد تم استخدام صيغة “يطالب بوقف اطلاق النار” و لم تستعمل صيغة أمر في حين عارض بعض الأطراف هذا التبرير كون قرار مجلس الأمن هو بمثابة قانون دولي واجب التنفيذ.
على الرغم من كون هذا القرار غير مقرون بالقوة التنفيذية التي يتمتع بها مجلس الأمن و التي أعطيت له بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أي حق مجلس الأمن باستعمال القوة لحفظ الأمن و السلام الدوليين، و لكنه يبقى ذي أهمية كبيرة بحيث أن الرأي العام العالمي بدأ يميل نحو محاسبة من يخل بالأمن الدولي وخاصة الكيان الصهيون الذي بات في هذه الآونة ضائعاً بين محكمة العدل الدولية و الإدانات . وجاء هذا القرار كصفعة لغروره كونه قد سبق له التفلت من العقاب بغطاء أميركي .
* باحث قانوني حائز على شهادة ماجستير في القانون الدولي العام