قهوجي مخاطباً عون: مشكلتك الرئاسية ليست معي

aoun-kahwaji

صحيفة السفير اللبنانية:

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الحادي والسبعين بعد المئتين على التوالي.
وحده الحوار المستمر بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» من جهة، وبين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون من جهة ثانية، يعوّض جزئياً وحتى إشعار آخر، عن النقص الحاد في المناعة المؤسساتية، والناتج من الشغور الرئاسي المتمادي.
من عين التينة التي استضافت الجلسة السادسة لحوار «الحزب» ـ «المستقبل»، الى «بيت الوسط» الذي احتضن عشاء الميلاد الثمانين لـ «الجنرال»، امتد حبل أمل رفيع، يُمسك به الجميع لتفادي الغرق، في انتظار وصول النجدة الاقليمية والدولية.
أما الجلسة الانتخابية التاسعة عشرة، فقد مرت، أمس، مرورا عابرا، كأنها لم تكن، لكن ذلك لا ينفي ان الاستحقاق الرئاسي هو الأكثر حضورا وتأثيرا في الحسابات المضمرة للمعنيين به داخليا.
وليس خافيا، ان اسم قائد الجيش العماد جان قهوجي يُطرح تلقائيا في التداول الرئاسي، وبقوة دفع ذاتية، بحكم الموقع الذي يشغله على رأس المؤسسة العسكرية في لحظة لبنانية وإقليمية مفصلية، عنوانها مكافحة الإرهاب.
وإذا كان العماد عون قد غمز من قناة قهوجي في معرض انتقاده التمديد لبعض كبار الضباط، فإن قائد الجيش يشدد على ان التمديد الاضطراري السابق لخدمته «شرعي وقانوني استنادا الى المادة 55 من قانون الدفاع».
وينقل زوار قهوجي عنه قوله ان «البعض مشكلته ليست معي، واختار العنوان الخطأ لمعركته. وبصراحة أكبر، أقول للعماد عون، لست أنا من يعرقل أو يمنع وصوله الى الرئاسة، بل سأكون في طليعة مهنئيه إذا انتُخب، وربما سأصل قبله الى قصر بعبدا لتقديم التهنئة له». ويتابع: «ما يحول حتى الآن دون ذلك، ان هناك مكونات لبنانية تمتنع عن تأييد عون وهذه ليست مسؤوليتي».
ويضيف: «نعم.. قائد الجيش، بحكم المركز الذي يشغله، يصبح تلقائيا مرشحا رئاسيا بديهيا بمعزل عن رأيه، لكنني شخصيا لا أخوض بأي شكل من الأشكال معركة الرئاسة ولا أحاول توظيف مركزي لرفع أسهمي، وعندما ألتقي شخصيات سياسية أو ديبلوماسية أتجنب الدخول في الملف الرئاسي، وإذا فُتح الموضوع معي، أقاربه كاستحقاق وطني عام، بلا اعتبارات شخصية، وأتحدى أيا كان القول إنني فاتحته بشيء يخصني في هذا الشأن، أما إن حصل تفاهم على اسمي، فلن أتهرب من تحمل مسؤوليتي الوطنية، كما انني لن أكون معترضا على اختيار أي اسم آخر قد يتم التوافق عليه».
ويؤكد قهوجي، وفق زواره، ان الوضع الأمني ممسوك الى حد كبير، بفعل التدابير والعمليات الاستباقية التي ينفذها الجيش، في إطار مواجهة الارهاب، من دون ان يلغي ذلك احتمال حصول اختراقات.
ويضيف: «بعد معركة عرسال، انتقلنا من الدفاع الى الهجوم. قبلها كنا نتمهل قليلا في بعض الاجراءات والملاحقات، المستندة الى الشبهة، أما حاليا فأقول بصراحة ان كل من نشتبه فيه، نعتقله ونحقق معه، لان الوضع الاستثنائي لا يحتمل التردد».
وتبعا للزوار، يشير قهوجي الى ان ما حققه الجيش في معركته ضد الارهاب هو إنجاز ضخم، والذي يلقي نظرة على العمليات المعلنة وغير المعلنة يكتشف ان ما حققناه في مواجهة الخلايا الارهابية يكاد يتجاوز ما أنجزته دول تسبقنا بأشواط على مستوى قدراتها.
ويضيف قهوجي: ما يساعد الجيش في تقليص المخاطر الامنية نسبيا، انه يعرف تركيبة معظم المجموعات الارهابية، ويملك معلومات تفصيلية عنها، الامر الذي ضيّق هامش حركتها، من دون استبعاد احتمال تمكن هذا الارهابي أو ذاك من تجاوز الاجراءات لتنفيذ اعتداء ما.
وينقل زوار قهوجي تأكيده ان الوضع على الحدود مع سوريا تحت السيطرة، لافتا الانتباه الى ان ثمة تدابير اتخذت وأخرى ستتخذ لتحصين خطوط الجيش على هذه الحدود وشبكها بعضها ببعض ميدانيا.
ويوضح ان مواقع الجيش الممتدة من جرود راس بعلبك الى جرود عرسال باتت مترابطة ومتصلة بعضها ببعض الى حد كبير، بحيث ان الموقع العسكري المتقدم لم يعد يكتفي بالدفاع عن نقطته بل بات معنيا بالدفاع عن الموقع المحاذي له.
ويشدد قهوجي، وفق زواره، على أن الممرات بين بلدة عرسال وجرودها قُطعت، ومن يرغب بالتوجه إلى الجرود أو العودة منها، فإنما يفعل ذلك بمعرفة الجيش الذي يمنح الإذن بالمرور أو لا يمنحه.
وحول خطة البقاع الأمنية، ينقل زوار قهوجي تأكيده انه شخصيا كان يفضل تنفيذ الخطة بلا ضجيج، حرصا على مصداقيتها وإنتاجيتها، لان الناس لم تعد تثق بالخطط الامنية بعد التجارب السابقة، «وفي كل الحالات، ركزنا هذه المرة على تفعيل العمل المخابراتي في ملاحقة المرتكبين والمطلوبين».
وفي ما خص دفعة السلاح الفرنسية الاولى المندرجة في إطار هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية، يوضح قهوجي أن ثمة تفاصيل لم تكتمل حتى الآن بين السعوديين والفرنسيين، موضحا انه سيتابع الامر خلال زيارته التي بدأها الى الرياض للمشاركة في اجتماع قادة الجيوش المعنية بالحرب على الارهاب.

الحوار في اتجاهين
من جهة ثانية، انتهت جلسة الحوار السادسة بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» الى بيان مقتضب كالعادة جاء فيه انه «جرى استكمال الحوار بروح جدّية في المواضيع المطروحة، وحصل تقييم إيجابي للخطة الامنية في البقاع، والخطوات التي حصلت على صعيد نزع الأعلام والصور في المناطق المختلفة والالتزام الجدي بها.
ودعا المجتمعون القوى السياسية والمرجعيات للمساعدة على وقف ظاهرة إطلاق النار في المناسبات مهما كان طابعه، وجرت مقاربة للدعوات المتبادلة حول سبل الوصول الى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب، وفتح النقاش حول آلياتها».
وعلمت «السفير» ان أجواء هادئة وإيجابية وجدية وعملية سادت جلسة الساعتين ونصف الساعة تقريبا التي وجدت في تلاقي السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري حول الاستراتيجية الوطنية لمواجهة الإرهاب فرصة للانتقال الى بند حواري جديد موجود على جدول الأعمال (مواجهة الارهاب)، من دون إقفال الباب أمام الاستكمال اللاحق للخطوات التي تندرج تحت عنوان بند تنفيس الاحتقان المذهبي.
وشكلت اشارة السيد نصرالله الى ترقب ما بعد ذوبان الثلج مناسبة للتفكير في ما ينتظر القرى البقاعية الحدودية من سيناريوهات، في ضوء معطيات ووقائع تشير الى نية المجموعات الارهابية مواصلة ضغطها باتجاه الداخل اللبناني، الأمر الذي يستوجب منذ الآن البحث في الخطوات التي يمكن للدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها القيام بها وكذلك مسؤولية القوى السياسية كلها في هذه المواجهة بكل مستوياتها، خصوصا أن موضوع انخراط «حزب الله» في هذه المواجهة من زاوية استباقية (الانخراط في سوريا) هو بند خلافي غير مطروح للنقاش في الحوار.
ومن المقرر عقد الجلسة السابعة للحوار في عين التينة يوم الاثنين في الثاني من آذار المقبل.
وبينما كان لقاء عين التينة منعقدا، تبلّغ المشاركون فيه نبأ وصول العماد ميشال عون يرافقه الوزير جبران باسيل الى «بيت الوسط» للقاء الرئيس الحريري، بحضور النائب السابق غطاس خوري، حيث استكمل الجانبان حوارهما اللبناني والاقليمي إلى مائدة عشاء أقامها الحريري على شرف عون.
وقد وضع كل من الحريري وعون حلفاءهما مسبقا في الاجواء التمهيدية للقاء «الذي كان لا بد من عقده في بيروت، بعدما كان قد حصل قبل سنة في باريس»، فيما قالت مصادر مطلعة لـ «السفير» ان هذا الاجتماع يفتح أبواب الحوار الرئاسي، لكن من الصعب التوصل الى نتائج.. وبالتالي لا بد من جلسات لاحقة، سواء بين عون والحريري أو بين مساعدي الاثنين.
وبالتزامن مع لقاء عون ـــ الحريري، أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق في حوار عبر شاشة «المستقبل» أنه لن تكون هناك تعيينات جديدة قبل انتخاب رئيس للجمهورية وسيتم التمديد للواء ابراهيم بصبوص على رأس المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وللعماد جان قهوجي على رأس قيادة الجيش.
وحول احتمال استقالة النائب وليد جنبلاط لتوريث مقعده النيابي الى نجله تيمور، قال المشنوق ان الظرف السياسي في لبنان يحتاج لوجود النائب جنبلاط «وان كان هناك من انتخابات فرعية نيابية (في الشوف أو جزين) فلن تكون قبل فصل الصيف المقبل».

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.