كينيا تدخل من جديد على خط المواجهة مع الأرهاب

kenya-police-nairobi

 

تقرير : الأبحاث والدراسات

وكالة الأنباء القطرية:

دخلت كينيا من جديد على خط الأحداث في المواجهة مع الإرهاب بعدما يقرب من 15 عاماً على أحدث تفجير السفارة الأمريكية في العاصمة نيروبي عام 1998. وقد ارتفعت حصيلة الهجوم الذي شنته حركة الشباب المجاهدين الصومالية أمس السبت/ على مركز/ ويست جيت / التجاري في وسط العاصمة نيروبي حتى الآن إلى 59 قتيلا بالإضافة إلى عشرات المصابين بينهم رعايا من عدة دول غربية، وذلك رداً على تدخل كينيا في الحرب الدائرة ضد حركة المجاهدين في الصومال منذ عامين. وسارعت كل من واشنطن ولندن وباريس بالتنديد بالحادث، وعرضت المساعدة على الرئيس الكيني اوهورو كينياتا في إلقاء القبض على المجموعة المسلحة التي نفذت التفجير ولازالت تحتجز عدداً كبيراً من الرهائن داخل المركز التجاري المؤلف من أربعة طوابق. ويعيد حادث الـ/ويست جيت/ إلى الأذهان مسلسل الأحداث الإرهابية التي سبق وعاشتها نيروبي، حيث كانت العاصمة الكينية مسرحاً لجانب من تلك الحرب بحكم موقعها في وسط القارة الإفريقية وقربها من المنطقة المتوترة في القرن الإفريقي وجنوب حوض النيل. ففي 7 أغسطس 1998، قام أعضاء في تنظيم القاعدة بتفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي/ كينيا/ وفي دار السلام/ تنزانيا/، ووقع الهجومان خلال دقائق قليلة تفصل بينهما، وكان أولهما في دار السلام، حيث قُتل 11 شخصا وأصيب 85 آخرون بجراح، وأدى انفجار نيروبي إلى مقتل 213 شخصا، من بينهم 12 أمريكياً، وإصابة عدد يقدر بنحو 4000 شخص، من بينهم السفيرة الأمريكية باتريشيا بوشنيل، وتسبب الانفجاران في إلحاق أضرار بالغة بمباني السفارتين، كما دمرت الانفجارات مكاتب ومصالح تجارية قريبة منهما. وفي 18 أكتوبر 2001، تمت إدانة أربعة من عملاء القاعدة لدورهم في تخطيط وتنفيذ تفجير السفارتين وفي نوفمبر عام 2002 وقع في مدينة /مومباسا/ الكينية هجومان متزامنان ضد مصالح إسرائيلية، نفذ أحدهما بسيارة مفخخة وأسفر عن مقتل خمسة عشر شخصاً حيث استخدم ثلاثة انتحاريين سيارة ملغمة ونفذوا بها عملية ضد فندق /بارادايز بيتش/ على بعد 25 كلم من وسط مومباسا ، وفي ذات التوقيت تم إطلاق صاروخين محمولين على الكتف على طائرة ركاب تابعة لشركة طيران إسرائيلية أثناء إقلاعها من مطار مومباسا، لكنهما لم يصيباها. وفي يوم 11 مارس عام 2012 قتل وأصيب نحو 74 شخصاً في هجوم بقنبلة يدوية على محطة للحافلات بوسط نيروبي وذلك بعد فترة قصيرة من إرسال كينيا قوات إلى الصومال لقتال المتمردين الصوماليين. وفي 31 مارس القيت قنبلة على مجموعة من مصلين كانوا يخرجون من كنيسة في /متوابا/ على الساحل الكيني على المحيط الهندي ما أوقع قتيلا و15 جريحا وبعدها بدقائق وقع هجوم استهدف مطعما في مدينة مومباسا أوقع 3 جرحى واتهمت السلطات الكينية حركة /الشياي/ الصومالية بتنفيذه. ثم في إبريل من العام نفسه قتل شخص وأصيب 15 بجروح لدى انفجار قنبلة يدوية خلال قداس في كنيسة بنيروبي، في ثاني هجوم في أقل من شهر يستهدف المسيحيين في كينيا.

وشهدت العلاقة بين كينيا وحركة شباب المجاهدين الصومالية صداماً عنيفا منذ أن أعلنت نيروبي عن القيام بعملية عسكرية داخل الأراضي الصومالية في نهاية عام 2011، لوقف سيطرة حركة الشباب على الشريط الحدودي بين البلدين . وهو الأمر الذي قابلته حركة الشباب بإعلان الحرب على المصالح الكينية في الداخل، وليس أدل على ذلك من المؤتمر الجماهيري الحاشد الذي شهدته مدينة كسمايو معقل حركة الشباب المجاهدين عام 2011، وأعلنت الحركة يومها على لسان المتحدثين من قادتها ضرورة نقل المواجهات المسلحة بمختلف أشكالها إلى عمق الأراضي الكينية، مؤكدين استخدامهم شتى الوسائل العسكرية لتحقيق هذا الغرض، كالعمليات الاستشهادية، والسيارات المفخخة، والاغتيالات، والمعارك المباشرة وغيرها. ويعود تأسيس حركة الشباب الصومالية إلى عام 2004، غير أن كثافة نشاطها وتداولها اسمها في الإعلام يعود إلى عام 2007، وقد ظلت الحركة توصف في البداية بأنها الجناح العسكري للمحاكم الإسلامية خاصة في فترة استيلاء المحاكم على أكثرية أراضي الجنوب الصومالي في النصف الثاني من العام 2006. غير أن هزيمة المحاكم أمام مسلحي الحكومة الصومالية المؤقتة المدعومة من طرف الجيش الإثيوبي وانسحاب قيادتها خارج الصومال، وتحالفها مع المعارضة الصومالية في مؤتمر /أسمرا/ المنعقد في سبتمبر 2007، كانت سببا وراء انشقاق حركة الشباب الصومالية عن المحاكم وبروزها كفصيل مستقل. وقد صنفت وزارة الخارجية الأمريكية في قرار صادر في 29 فبراير 2008 حركة الشباب الصومالية بأنها حركة إرهابية وأنها مجموعة متطرفة عنيفة تنتمي لتنظيم القاعدة، وأعلنت الوزارة تجميد أموال الحركة في الولايات المتحدة. وينظر المجتمع الدولي إلى كينيا على أنها شريك في الحرب على الأرهاب منذ الهجوم الإرهابي على السفارة الأمريكية في نيروبي وبعد هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، وضعت منطقة القرن الإفريقي تحت المجهر كنقطة محورية استراتيجية وزادت كينيا من إيقاعها في التعاون الأمني مع المجتمع الدولي من أجل ردع الشبكات المتطرفة والمسلحة وأيضاً لحرمانهم من الحصول على ملاذ آمن ممكن في كينيا. كما ظلت كينيا مشاركة في حملة مكافحة القرصنة في محاولة من جانبها للقضاء على القرصنة في مياهها الساحلية/ الإقليمية كما تشارك في ضمان إحلال الاستقرار في الصومال ومنطقة القرن الإفريقي بتكليف من الاتحاد الإفريقي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.