ما الأهداف الاستراتيجية التي تتحقق في تصنيع الصواريخ في لبنان؟

 

موقع العهد الإخباري ـ
شارل أبي نادر:

يدور الحديث مؤخرا وبشكل شبه جدي، عن تحضير حزب الله وبرعاية إيرانية، لمنشأة صناعية في لبنان، بهدف تجميع وتصنيع صواريخ وأسلحة كاسرة للتوازن، تشبه تلك التي يحصل عليها من سوريا وإيران وربما من دول أخرى، وربما تتفوق عليها في الدقة والفعالية.
بمعزل عن صحة هذه المعلومات أو عدمها، قد يشكل المشروع فرصة استراتيجية لتثبيت فكرة توازن الرعب، ومفهوم الردع المتبادل بين لبنان وإسرائيل، وبالتالي لإبعاد اية امكانية للحرب في المنطقة بشكل عام، وبين لبنان وإسرائيل بشكل خاص، فما المعطيات التي قد تدفع باتجاه هذه المعادلة؟

 

لناحية لبنان

انطلاقا من المفهوم الثابت الذي تتبناه الدولة وحزب الله في العداء لإسرائيل، لناحية استمرارها باحتلال قسم من الأراضي اللبنانية في مزارع شبعا، أو لناحية مواظبتها على اختراق أجواء لبنان وبالتالي اختراق سيادته، وانطلاقا من موقف المقاومة في البعد الأوسع حول مفهوم الصراع العربي – الإسرائيلي، لناحية احتلال الأراضي والاعتداء على المقدسات المسيحية والإسلامية، سيسعى حزب الله دائما للحصول على أسلحة وقدرات عسكرية وعلمية وتقنية تخدم معركته الثابتة ضد إسرائيل.
من هنا، ستكون فكرة حزب الله في تجميع وتصنيع صواريخ وقدرات عسكرية في لبنان، فكرة منطقية، يمكن و”يجب” العمل والسعي لتحقيقها، خاصة وانها ستؤمن الامكانية اللوجستية والعملية لامتلاك أسلحة وقدرات عسكرية اكثر، تصب في مصلحة حماية لبنان وتحصين حدوده اكثر، وقد تكون أقل إشكالية لناحية النظرة الرسمية اللبنانية، من عملية نقل صواريخ من خارج الحدود، عبر طرق ومعابر مختلفة، سيما وأن شرعنة هذه المصانع المفترضة سيكون ممكنا وواردا، وقد تتبناه الدولة اللبنانية ويدخل في آلية ومنظومة الاستراتيجية الدفاعية المفترضة مستقبلا، حيث اغلب الدول ترخص لشركات خاصة بتصنيع الأسلحة على أراضيها، مع فرض آلية تسيطر عليها تلك الدول في إدارة بيع واستعمال ونقل هذه الأسلحة.

تبدي إسرائيل في الإعلام وفي الديبلوماسية خشيتها من تصنيع حزب الله لصواريخه

لناحية سوريا
لا شك أن الاعتداءات الاسرائيلية الأخيرة المتكررة على الأراضي السورية، بحجة اسلحة حزب الله او بحجج اخرى، وصلت في الفترة الأخيرة الى الخيط الرفيع جدا الفاصل عن اندلاع حرب واسعة، وقد جاءت المعلومات الاخيرة عن تهديد الرئيس السوري بشار الاسد بالرد على اهداف استراتيجية داخل اسرائيل، والذي نقله عبر الرئيس الروسي، لتؤكد حساسية وخطورة الوضع لهذه الناحية.
من هنا ايضا، تأتي فكرة تصنيع أسلحة وصواريخ حزب الله في لبنان، لتكون فكرة واردة وقابلة للبحث والمتابعة، اولا كونها ستؤمن قدرات وأسلحة بكميات أكبر، مع الاستغناء عن صعوبة وخطورة وحساسية نقلها، وثانيا لتنزع من إسرائيل تبريراتها الغامضة للاعتداء المتكرر على سوريا، حيث عندها تظهر الأهداف الحقيقية من تلك الاعتداءات، والتي هي فعليا لم تكن بعيدة عن دعم الارهابيين ضد الجيش العربي السوري، في أكثر من ميدان وفي أكثر من مناسبة.

لناحية اسرائيل

صحيح أن إسرائيل تبدي في الإعلام وفي الديبلوماسية خشيتها من تصنيع حزب الله لصواريخه، مثلما تعارض وتواجه دائما حصوله عليها من خارج لبنان، وزيارات رئيس كيان العدو المتكررة لروسيا، ومنها بالامس، تأتي في اطار رفضها الدائم لذلك، ولكن عمليا، برهنت اسرائيل دائما، وفي أغلب حروبها واعتداءآتها على العرب وعلى لبنان، أنها تعتدي لانها بالاساس دولة مجرمة وغاصبة، وليس لان الطرف الآخر يمتلك قدرات وأسلحة فعالة وكاسرة التوازن، بل بالعكس، لقد أثبت الصراع مع إسرائيل حتى الآن، وخاصة مع حزب الله، أو مع حماس وغيرها من فصائل المقاومة في فلسطين المحتلة، أنها “اسرائيل” لا ترتدع إلا بعد حصول الطرف الآخر على أسلحة كاسرة للتوازن، من تلك القادرة على تهديد عمقها وجبهتها الداخلية، وبانها تخشى مواجهة القوى وتستسهل مواجهة الضعيف.

في النهاية، واستنادا لما ذكر اعلاه، قد يكون مشروع تصنيع وتجميع حزب الله لاسلحة وقدرات عسكرية في لبنان مشروعا عمليا ومفيدا للاسباب التالية:
– تقوية الجبهة الداخلية في لبنان، والتي حتما ستجد الدولة اللبنانية آلية مشتركة مع حزب الله لاستيعاب وشرعنة ذلك.
– تثبيت وتقوية فكرة الردع أكثر بمواجهة إسرائيل، عبر امتلاك اسلحة كاسرة للتوازن، وذلك من خلال خلق توازن رعب، طالما كان الوحيد – اكثر من غيره – الذي كبّلها ومنعها وقيِّدها في اعتداءاتها.
– إبعاد امكانية الحرب الواسعة انطلاقا من سوريا، وهذا قد يكون مناسبا لاستراتيجية روسيا، والتي طالما كانت محرجة في التوفيق بين علاقتها بين كل من اسرائيل وسوريا وايران، والتي يبدو انها لا تسعى لخربطة اي منها، حماية لمصالحها الواسعة كدولة عظمى بمواجهة الولايات المتحدة الاميركية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.