مخاض الشرق الجديد

arab-comunity

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

رغم الأوهام التي ما تزال مهيمنة في الدوائر الأميركية والأوروبية وفي أوساط المعسكر الرجعي العميل للغرب والمتورط في الحرب على سورية ، يولد من رحم الشرق مارد إقليمي جديد يعبر عنه اتجاه دول المنطقة للتكتل ضد الحلف الاستعماري الصهيوني و حيث تمثل النواة العراقية السورية الإيرانية قوة لا يستهان بوزنها.

أولا:  تتقدم المقاومة السورية للمشروع الاستعماري بثبات وخلافا للأجواء التي تسعى منصات العدوان الإعلامي إلى تعميمها ويتضح لكل مراقب موضوعي أن قوة الإسناد المركزية التي يرتكز إليها ثبات الجيش العربي السوري وتقدمه في العمليات الميدانية هي الموقف الشعبي الراسخ الداعم للدولة الوطنية ولمشروع الرئيس بشار الأسد التحرري والمقاوم وبعدما برهن هذا المشروع على أنه الإطار الوحيد الممكن والواقعي لتجاوز الأزمة الداخلية ولتوسيع قاعدة المشاركة الوطنية في الدفاع عن سورية وفي حماية استقلالها.

هذا المناخ الشعبي تعبر عنه المبادرات الجماهيرية المتزايدة الاتساع والتي تغطي مجموعة من محاور الصراع بدءا من التضامن الاجتماعي الحاضن لملايين السوريين الذين هجرتهم العصابات الإرهابية داخل البلاد من أرياف حلب وحمص وإدلب ودمشق و درعا و دير الزور وحيث تشكل المبادرات الشعبية القوة الفاعلة إلى جانب نشاط المؤسسات الحكومية، وصولا إلى انخراط قوى شعبية وازنة في القتال إلى جانب الجيش في العديد من المناطق التي تتعرض لعدوان الإرهاب التكفيري وهذه المشاركة الشعبية في المقاومة تحقق مزيدا من الانصهار والتلاحم الوطني داخل المجتمع السوري.

ثانيا: يتضح من مسار الأحداث الميدانية أن التقدم المتواصل والبطيء نسبيا في مطاردة جحافل الإرهاب العالمي التي حشد منها عشرات آلاف المحاربين المدججين وفي القضاء على بؤر التمرد هو مؤشر إلى أن الانتصار الناجز على المخطط الاستعماري سيكون حصيلة مسار متواصل يقتضي وقتا غير قصير والمفارقة الجدية الملفتة هي أن سورية وقبل أن يتسنى لها إعلان النصر النهائي على العدوان قد مكنت بصمودها حلفاءها وشركاءها الحقيقيين من حصاد نتائج هذا الصمود فروسيا والصين فرضتا على الإدارة الأميركية الرضوخ لنتيجة الصمود السوري المتمثلة في انتهاء عصر الأحادية في العلاقات الدولية ، من بوابة المقاومة السورية  ،أما إيران وبفعل الصمود السوري فهي اليوم القوة الإقليمية العظمى التي يطرق بابها الموفدون والرسل الأتراك والألمان والقطريون وغيرهم لحمل عروض التفاوض الأميركية والغربية من موقع التسليم بالدور الإيراني المقرر في معادلات المنطقة والعالم.

ثالثا: في سياق ملحمة المقاومة السورية والمشرقية للعدوان الاستعماري بدأت بالتشكل كتلة المشرق الحرة التي تضم إيران وسورية والعراق من خلال الشراكات الاقتصادية والمالية العابرة للحدود والتي سيكون نطاقها الاستراتيجي ممتدا من سواحل قزوين إلى حوض المتوسط وهذه القوة المشرقية الجديدة التي تتشكل ملامحها بخطوط أنابيب نفط وغاز وخطوط سكك الحديد وبالشراكات الاقتصادية والمالية إنما هي قوة جديدة سيحضرها الانتصار السوري على خارطة المنطقة والعالم بكل جدارة .

و من الواضح علميا أن الأردن ولبنان بوجوب الاضطرار الجغرافي والاقتصادي وبقوة خيار المقاومة والتحرر داخل البلدين سيكونان جزءا من هذه المنظومة ومن الشراكات التي تنسجها.

تطور العلاقات بين كل من إيران والعراق وسورية في خضم المواجهة الجارية ،يرسم ملامح المستقبل في منطقة المشرق و هو الاستحقاق الكامن خلف مخطط الغرب وعملائه في المنطقة لتمزيق سورية وتدمير دولتها الوطنية ، فالهاجس الأميركي والغربي الكبير المتمثل بحماية إسرائيل بعد الصعود التاريخي لمنظومة المقاومة وانتصاراتها الباهرة ،عززته الخشية من انطلاق القوة العراقية العملاقة بعد هزيمة الاحتلال الأميركي ، و هذان العاملان هما المحركان الحاسمان للحرب العالمية على سورية.

رابعا  يملك الأميركيون وعملاؤهم القدرة على تأخير الاعتراف بالفشل والهزيمة والوقت المضاف الذي يشترونه بالمزيد من إهدار الدم السوري على الأرض ،هو وقت تستثمره المقاومة بصمودها وبنضالها في نسج قوة إقليمية كبرى من خلال قيام هذه الكتلة المشرقية التي ستغير وجه المنطقة والعالم على جميع الصعد الاقتصادية والإستراتيجية والسياسية .

يعلمنا التاريخ القديم و الحديث للشرق ، انه لم تفتح خطوط التواصل بين دمشق و بغداد إلا وقامت قوة عربية هائلة، ولم تقم خطوط الوصل الإقليمية من طهران إلى دمشق مرورا ببغداد إلا و انتصبت قوة مشرقية تضاهي الإمبراطوريات العالمية الكبرى فكيف لو استندت تلك القوة للتحالف و الشراكة مع قوى عملاقة مثل روسيا و الصين و مجموعة البريكس ؟ في هذه الصورة ما يكفي لتفسير الشراسة و البربرية التي تميز الحرب العدوانية على سورية بجميع مستوياتها .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.