مدافن الغرباء: شبان لبنانيون في عهدة التيار التكفيري

syria-gunmen1

موقع العهد الإخباري ـ
حمزة الأمين:

كثيرة هي أخبار الشبان اللبنانيين المختفين من بيوتهم وقراهم في البقاع والشمال وإقليم الخروب، إضافة إلى المخيمات الفلسطينية. الكثير من العائلات أبلغت مخابرات الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى عن فقدان أبنائها، وهذا ما ظهر بعد العمليات الإنتحارية الأخيرة التي نفذها شبان لبنانيون كان ذووهم قد أبلغوا عن فقدانهم منذ أشهر.

المعلومات تتحدث عن آلاف الشباب، وما يجعل هذا الرقم مقبولاَ هو ما صرحت به وكالة “يونايتد برس” نقلاً عن التيار السلفي في الأردن والذي كشف في احصائية عدد القتلى القاعديين العرب في سوريا والتي يمكن اعتبارها موثوقة، فهذا التنظيم هو مصدر رئيسي معتمد دولياً في متابعة النشاط “الجهادي” العالمي في سوريا. وفي الجدول الخاص بتلك الإحصائية يظهر أن عدد القتلى اللبنانيين 828 قتيلا من مجندي “القاعدة”، سقطوا خلال قتالهم مع جبهة النصرة في معارك ضد الجيش العربي السوري أو في عمليات انتحارية، إذاً، أين جثث هؤلاء، هل تَم نعيهم، وهل تبلّغ ذووهم، وأين يتم دفنهم؟

عرفت المدن الإسلامية ما اشتهر على تسميته بمدافن الغرباء، وهي مخصصة لدفن الغرباء من المسلمين الذين يتوفون في طريقهم إلى الحج أو أثناء سفرهم بقصد التجارة، ويصعب نقلهم إلى بلدانهم فيتم دفنهم حيث توافيهم المنية.

إذاً كانت الغاية من تلك المدافن هي رفع أعباء نقل المتوفى إلى بلده عن كاهل ذويه أو المرافقين له في سفره. أما في هذه الأيام، فثمة من استغل هذه السنّة الخيّرة ليدفن ما سلم من جثث المقاتلين وليطمس جرائمه الجماعية بحق الشباب “المسلمين” المغرر بهم  من بعض شيوخ الفتنة، ومن نواب تيار المستقبل أمثال  خالد الظاهر ومعين المرعبي وغيرهما. وقد وظف التيار منسقين سريين هدفهم التنسيق مع المجموعات المسلحة في سوريا لنقل الشبّان والعتاد إلى هناك، كما أن رئيس التيار سعد الحريري أرسل منذ بداية الأزمة “موفدا” خاصاً من قبله إلى تركيا للإشراف على نقل السلاح والمال إلى سوريا، وهذا ما كشفته التسجيلات المسربة للنائب عقاب صقر، وما أكده تصريح رياض الأسعد، القائد السابق لما يسمى الجيش السوري الحر، في تغريدة له على موقع تويتر من أن عقاب صقر كان يشارك فيما أسماه “غرفة عمليات الثورة”.
إضافة إلى كل ما سلف فإن تيار المستقبل يشكل حاضنة سياسية قديمة للتيارات السلفية والمتشددة، وفي أحداث نهار البارد خير دليل، إذ بدأت تلك الأحداث باشتباك بين القوى الأمنية ومجموعة مسلحة نفذت عملية سطو على بنك البحر المتوسط المملوك من آل الحريري، وذلك بعد أن توقف البنك عن صرف رواتب للمسلحين.

إذاَ، لماذا يخفي تيار المستقبل دعمه البشري والعسكري لما يسمى “الثورة السورية” ولماذا يكتفي بإعلان التأييد السياسي؟ من المؤكد أن أسباباً محددة تقف خلف ذلك ومن هذه الاسباب:
– التلطي خلف ساتر الدعم الإنساني واتخاذه كمطية لمهاجمة تدخل حزب الله العسكري في سوريا
– لعدم إثبات التحالف القائم بينه وبين التيارات المتطرفة والإرهابية كونه يقدم نفسه على أنه تيار علماني.
– سعيه الدائم للسلطة ما يجعله مضطراً لإخفاء نشاطاته خارج الحدود ومشاركته في مؤامرة على دولة شقيقة
– عدم قدرته على مواجهة مئات العائلات التي تبحث عن مصير أبنائها الذين ذهبوا للقتال في سوريا بإشراف منسقي تيار المستقبل ونوابه.
واللافت أيضاً أن صفحات المعارضة السورية والمجموعات المسلحة التكفيريية المنتشرة على مواقع التواصل الإجتماعي، والمليئة بصور وأسماء القتلى، تكاد تخلو من صور وأسماء القتلى اللبنانيين.
إذاً، ما هو مؤكد ولا يحتمل الشك أن تيار المستقبل متورط في المؤامرة على سوريا منذ ما قبل الأزمة، وقد تظهر الأيام القادمة حقائق أكثر عن عمر هذا التورط في دماء الشعب السوري وسعيه الحثيث للقضاء على النظام. وأمام هذا المشهد يبدو تيار المستقبل كعصابة تنفذ أوامر مشغليها، وإلا فليعلن عن كل ما قام به، وليأتِ بجثث القتلى الذين أرسلهم إلى سوريا وليشيعهم في قراهم أمام علناً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.