نصر الله: إسرائيل أكبر عدو لنا في الوجود

أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن إسرائيل هي الخطر الأكبر، داعيا إلى ضرورة توسيع مشروع المقاومة ليصبح عالميا.

وقال نصر الله في مؤتمر الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في بيروت بعنوان “متحدون من أجل فلسطين – إسرائيل إلى زوال” الثلاثاء 28 يوليو/تموز “لا توجد قضية أو معركة تتمتع بالصدقية والشرعية مثل قضية القدس ومواجهة العدو الصهيوني”… “إننا نواجه مشروعا صهيونيا يعمل في جميع العالم، وأصبح له في عام 1948  كيان اسمه إسرائيل قائم على أرض فلسطين، والمشروع الصهيوني أوسع من احتلال فلسطين، والواجب الملقى على عاتق الجميع هو مواجهة المشروع الصهيوني بكل امتداداته”.

وأضاف “مشروع المقاومة راكم إنجازات كبيرة على عقود من الزمن منذ الطلقات الأولى عند احتلال فلسطين، والمشروع الصهيوني سقط في لبنان (…) وتم تحرير قطاع غزة بلا قيد أو شرط، ومن الإنجازات المتراكمة صمود المقاومة في لبنان وغزة الأسطوري في وجه أقوى الجيوش.. ومن الإنجازات أيضا أن إسرائيل تتحدث عن مخاوف وجود”… “وأخطر الخسائر هي خروج فلسطين من دائرة الاهتمام الدولي والإسلامي، وهو ما أدى إلى عزلة الشعب الفلسطيني أو شبه عزلة، وأعطى فرصة تاريخية للعدو أن ينفذ مخططاته في غفلة من العالم.. والوصول إلى الشعوب عبر مشاريع التطبيع”.

ودعا نصر الله إلى توسيع مشروع المقاومة قائلا: “نطالب باستعمال مشروع المقاومة ليكون أوسع من محور المقاومة، ويجب أن نبحث عن عناصر قوة جديدة في العالم، في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وحتى في أوروبا على المستوى السياسي والإعلامي، ويجب أن ندرس ونقيم بدقة من يدعم مشروع المقاومة ومن يبيعنا في أسواق النخاسة عند أول الطريق”  “إحياء وتفعيل كل مقاومة لمنع التطبيع مع العدو الاسرائيلي.. ويجب القيام بحملة إعلامية وسياسية واسعة لتذكير شعوب المنطقة بحقيقة العدو الإسرائيلي وهمجيته وما يضرب منطقتنا من إرهاب تكفيري خطير جدا”.

وذكر نصر الله أن “من يحمل الراية ويتقدم الصفوف الأمامية لاستعادة فلسطين والقدس يجب نؤازره (…) وإذا تقدمت إيران أو مصر أو سوريا يجب أن نكون معهم، ونحن مع أي دولة عربية أو إسلامية تتقدم لتحرير القدس حتى لو كانت إندونيسيا”… “إذا كان هناك حركة مقاومة سنية تتلقى دعما من إيران لا تُتهم بموقفها السياسي بل تتهم بالتشيع”… “وإسرائيل هي أكبر عدو لنا في هذا الوجود وهناك جهد غربي وعالمي من الخارج والداخل لإبعاد الطائفة الشيعية عن المعركة ضد إسرائيل”…”و رغم الأحداث والآلام التي تحصل نحن شيعة علي بن أبي طالب لن نتخلى عن فلسطين ولا عن المقدسات”.

وفيما يلي النص الكامل للكلمة:

هذا أخطر شيء يواجهه مشروع المقاومة في المنطقة.
هذا الأمر ينطبق على أتباع الديانات وعلى أتباع المذاهب.
الإسرائيلي الخبيث هو بدأ يقدم نفسه هكذا، أنه هو الذي يشكل الحامي وهو مستعد أن يتدخل ليحمي هذه الطائفة وتلك الطائفة وأتباع هذا المذهب وأتباع ذلك المذهب بل وصل به الأمر إلى أكثر من ذلك. أنا عندما قرأت ما سأذكره لكم تذكرت أن هناك رواية، بمعزل عن سندها، تقول إن رحمة الله سبحانه وتعالى تتسع يوم القيامة إلى حد أن عنق ابليس تمتد إليها. تصوروا أن عنق إبليس الإسرائيلي امتد إلى حد ـ وهذا أنا قرأته عند بعض الخبراء الإسرائيليين ـ يقول نحن نتوقع أو نأمل أن يأتي يوم، حتى أشد أعدائنا في لبنان يمد إلينا يد الصداقة، ويسمي حزب الله بالتحديد.
نحن بالحد الأدنى نتحدث كحزب الله، وإلا فالمقاومة اللبنانية أقدم منا بكثير، من 33 سنة هناك صراع عقائدي وجهادي ودامٍ بيننا وبين الإسرائيلي، ونعتبر الإسرائيلي من أعدى الأعداء في هذا العالم وفي هذا الوجود ومستعدون في ثقافتنا وفي تعبئتنا الداخلية أن نموت بلا طعام وبلا دواء وبلا استشفاء وأن تُسحق عظامنا دون أن نمد يدنا لنطلب عونا من إسرائيل، مع ذلك إسرائيل تتطلع إلى يوم تتوقع فيه أن هؤلاء الأعداء يمدون إليها يد الصداقة. ما الذي دفعها لتمد عنقها؟ هو هذا الذي يجري في المنطقة.
أنا لا أتحدث بهذا للسرد، بل أتحدث بهذا لأحمّل مسؤوليات هنا.
هناك مسؤوليات على علماء ونخب هذه المذاهب وهذه الأديان، رجال الدين المسيحيين، رجال الدين المسلمين، علماء الشيعة، علماء الدروز، علماء العلويين، علماء الإسماعيليين، علماء الزيدية، علماء الإباضية ـ لأنهم فتحوا هذه المشكلة أيضا بالجزائر ـ العلماء والنخب الذين يخاطبون هذه الجماعات معنيون أن يقولوا لهم: لا، عليكم الانتباه، صحيح نحن نواجه تهديدات بهذا المستوى، لكن هذا النوع من المعالجة، هذه الطريقة في التفكير، هذا الصنف من المشاعر، هذا خطأ لا ينسجم لا مع ديننا ولا مع عقيدتنا ولا مع ثقافتنا.
في يوم القدس قبل عامين، أنا عادة لا أخطب شيعي سني، لكن أنا قلت في خطاب يوم القدس عبارة ليس بخلفية طائفية، عندما تحدثت عن شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأنه اصدقكم القول، وقتها لم أشرحها، الآن أذكرها.
هناك جهد غربي وعالمي وإعلامي، من الخارج ومن الداخل، لإبعاد هذه الشريحة من المسلمين، أي الطائفة الشيعية عن المعركة مع إسرائيل. هذا هدف، هذا لا يجري بالصدفة وما يجري على هؤلاء كما يجري على آخرين، لكن عند كل ناس يتم توظيفه بالاتجاه المطلوب.
ما يجري منذ سنوات في أكثر من بلد في أكثر من دولة هو مخطط ومتعمد، والهدف إبعاد الشيعة عن فلسطين وعن الشعب الفلسطيني وعن القدس وعن الصراع مع العدو الإسرائيلي، بل إقناعهم في مرحلة من المراحل أن الذي يشكل تهديداً وجودياً لكم هم أهل السنة، “مش التكفيريين بل أهل السنة”، وأن القواسم المشتركة ـ في معركة الوجود ـ مع إسرائيل أكبر.
هناك مستوى من الخيانة الكفرية الآن يطرح في العالم ولا اختبئ خلف اصبعي، وأقول إنه لن تجد اذانا صاغية في الوضع الشيعي، كما لن تجد أذان صاغية في الوضع المسيحي أو في الوضع الدرزي أو في الوضع السني، أو في أي وضع.
لذلك في يوم القدس أنا قلت، واليوم في مؤتمركم أعود وأقول، ليس فقط عن لبنان، لا، أنا أعرف، أنا على اتصال بكل العلماء، وأعرف مراجعنا كيف يفكرون، سماحة الإمام القائد والمسؤولين بإيران، وفي كل أنحاء العالم، نعم أنا اليوم أيضاً أقول لكم: لو جرى ما جرى، ولم يتوقف ـ والمطلوب أن يتوقف ـ أيّاً تكن الأحداث والمصائب والآلام التي تحصل هنا، كشيعة يجب أن نفكر، وكغير شيعة يجب أن نفكر، أنا قلت عبارة نحن شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) لن نتخلى عن فلسطين ولا عن شعب فلسطين لا عن مقدسات الأمة في فلسطين.
وهذا ليس موقفاً عابراً. هذا موقف عقائدي، هذا موقف فكري، هذا موقف شرعي، هذا موقف فقهي، هذا موقف وجداني.
في يوم القدس، من المشاهد التي أثرت بي كثيراً، وهذه تشكل شاهداً على الموضوع العقائدي الذي ذكرته في البداية. أنا أفهم أنه بكثير من دول العالم تنزل الناس مظاهرات وتقيم احتفالات إحياء يوم القدس، لكن في نبّل والزهراء، في سورية، في منطقة حلب، نبّل والزهراء، البلدتان المحاصرتان منذ سنوات، اللتان تتعرضان للقصف بشكل يومي والهجمات، ويوجد من نسائهم سبايا حتى الآن، هناك بعض نسائهم سبايا، يخرجون بيوم القدس يتظاهرون ويحملون أعلام فلسطين ويحملون شعار القدس ويحتفلون بيوم القدس، وهم المحاصرون بنبل والزهراء، ويتحدثون عن الوصول إلى القدس وإلى المسجد والصلاة في المسجد الأقصى.
هذا مَن يفعله؟ هذا تصنعه العقيدة. أما بكل الحسابات غير العقيدة لا يمكن أن يفعلوا هذا، ولا يتحدثون بهذا، لأنه يجب أن تكون أولويتهم مختلفة وظروفهم مختلفة، نتيجة الوضع الذي يعيشونه.
إذاً نحن أمام مسؤولية كبيرة، أن لا نسمح بهذا التداعي الفكري والنفسي والروحي وحتى الأخلاقي نتيجة الأحداث التي تجري في منطقتنا.
إخواننا علماء السنة الكرام والأعزاء يتحملون أيضاً على عاتقهم مسؤوليات كبيرة. حتى الآن الكثير من المواقف الشجاعة التي اتخذت في هذه السنوات، في هذا المؤتمر، في الأطر العلمائية المختلفة، المواقف الشجاعة التي ميّزت وعزلت وأدانت هؤلاء التكفيريين وجرائمهم، هذا في ميزان الأعمال، هذا ليس عملاً فردياً، ليس خدمة فردية، هذا خدمة على مستوى الأمة ومعركة الأمة ومشروع الأمة، وهذا الأمر يجب أن يتواصل لأن هؤلاء يجب أن يعزلوا.
أهل السنة، لأنهم هم الأغلبية القصوى في هذه الأمة، هم المعنيون أن يتحملوا أكثر، هم المعنيون أن يطمئنوا أتباع الديانات الإلهية السماوية وأن يطمئنوا أتباع المذاهب الإسلامية أكثر من ما يطالب أتباع المذاهب الإسلامية بالطمأنة. حقيقة القوى وتركيبة المنطقة وتركيبة الأمة تعني أن هناك مسؤولية من هذا النوع. هذا الأمر كيف نترجمه؟ طبعاً يحتاج إلى تأكيد.
أنا أعتقد أن الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، هذا الاتحاد المبارك وبرئاسة العالم الجليل والمجاهد والشجاع سماحة الأخ الشيخ ماهر حمود وإخوانه العلماء الأفاضل، وكإطار علمائي واسع وممتد ومتنوع، يستطيع أن يكون مبادراً حقيقياً وشريكاً أساسياً مع جميع أطر وحركات المقاومة لتصويب وتصحيح وترميم وتفعيل كل ما يجب أن يصوّب ويصحّح ويرمّم ويفعّل ليتقدم مشروع المقاومة قدماً نحو الانتصار النهائي الآتي إن شاء الله.
نحن نعتقد بشكل جازم أن إسرائيل الغدة السرطانية إلى زوال، وأن فلسطين والقدس ستعودان إلى أهلهما. المسألة هي مسألة وقت فقط وترتبط بإرادة وفعل وجهاد وتضحيات هذه الأمة على قاعدة “إن تنصروا الله ينصركم”. وأنا أعتقد أيضاً بالرغم من كل المآسي الحاضرة، أن أمتنا ـ لأن الخير فيها إلى يوم القيامة، لأن شعوب منطقتنا بفعل الامان والوعي والاخلاص والصبر والتحمل ـ ستتمكن من تجاوز هذه المحنة وستخرج منها بفعل كل هذه التجارب القاسية أصلب عوداً وأمضى عزماً، وحينها سيكون الحساب مع أم الفساد إسرائيل عسيراً وعسيراً جداً.
إن اليوم الذي نصلي فيه جميعاً في القدس، إن شاء الله، آت لا محالة، وكل هذه المحن والمؤامرات والمصائب إنما هي ابتلاءات تبلور وتجوهر وتصلب كل المؤمنين بهذا المشروع وبهذا الطريق لتمكّنهم وليكونوا جديرين بالنصر الآتي، لأن هناك أناساً يمكن أن ينتصروا ويضيعوا النصر. الله سبحانه وتعالى يريد لأمتنا في انتصارها النهائي في مواجهة المشروع الصهيوني وفي استعادة فلسطين والقدس أن تكون جديرة لائقة بهذا النصر التاريخي الهائل وأن تكون جديرة بحفظ هذا النصر، وعدم تضييعه كما ضاعت الكثير من الانتصارات.
أعتذر على الإطالة، بارك الله فيكم وبارككم جميعاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.