أبخازيا والعرب حلفاء للأبد

 

 

موقع إنباء الإخباري ـ
الأكاديمي مروان سوداح*

مؤخراً، احتفلت جمهورية أبخازيا المستقلة بِ “عيد العَلم الأبخازي” بعد عشر سنوات من تحرّرها وإستقلالها الناجز. وقد شكّل هذا الاحتفال بحد ذاته علامة مُضيئة على الاستقلال الكامل للجمهورية وسيادتها على أراضيها وتمتعها وشعبها بمناخات السلام والأمان، في ظل حراسة القوات المسلحة الروسية وروسيا الفيديرالية.

ويأتي الاحتفال بعيد العَلم الأبخازي، تأكيداً على تفعيل الإرادة المستقلة لشعب أبخازياً القوقازي، وحقه في إطار القانونين الدولي والإنساني في تقريره مصيره بنفسه،  وضمان تميّزه القومي والثقافي واللغوي، وصيانة هذه المِيزات في أجواء السلام والطمأنينة، التي تؤدي الى تطوّر الدولة الأبخازية الى جانب غيرها من دول العالم.

كما أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين السورين مؤخراً، أنه تم الاتفاق بين سورية وأبخازيا على تبادل الاعتراف، وإقامة علاقات دبلوماسية على مستوى سفارة. وأكد مصدر رسمي في الوزارة في تصريح لوكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”: “تجسيدا للإرادة المشتركة في تطوير العلاقات بين الجمهورية العربية السورية وجمهورية أبخازيا، وتقديراً لمواقفها الداعمة إزاء العدوان الإرهابي الذي تتعرض إليه سورية، فقد تم الاتفاق بين الجمهورية العربية السورية وكل من جمهورية أبخازيا على تبادل الاعتراف وإقامة علاقات دبلوماسية على مستوى سفارة”.

وفي علاقاتها العربية، لم تتوقف أبخازيا عن بذل أقصى الجهود في منحى العلاقات مع سورية والبلدان العربية وتطرق أبواب البلدان العربية بمختلف الأشكال والوسائل، وها هي تطوّر من علاقاتها العربية والدولية بوتائر سريعة وملفتة للمتابعين السياسيين والبحّاثة والدارسين الدوليين.

وأبخازيا التي عانت من حرب اقتلاعية استيطانية وإرهابية دولية شُنَّت عليها، ما توقفت عن الإعراب عن جاهزيتها لمدِّ سورية بكل أشكال المساعدات والمساندة، للتصدي للإرهاب الدولي، وفي هذا السياق يقول رئيس الوزراء الأبخازي، غينادي غاغوليا: نحن لدينا خبرة واسعة في الحرب والظروف الناتجة عنها، ونحن على أتم الاستعداد لمساعدة سورية بكافة الطرق والوسائل، فالشعب والجيش الأبخازيين أبديا وسيبديان في حال الحاجة الاستعداد لمساعدة سورية بتقديم المساعدة المطلوبة” .

وفي الاعتراف العربي بالدولة الأبخازية المستقلة، تلعب جهود الدولتين الروسية والسورية دوراً رئيسياً في هذا الاتجاه المَحمُود، ضمن التحالف السوري الروسي، ولتمتع الأبخازيين السوريين بحقوق المواطنة السورية كاملة، ومحبة القيادة والشعب في سورية لهم، بإعتبارهم مواطنين على قدم المساواة مع المواطنين السوريين الآخرين، فقد استقبل الشعب السوري الأبخازيين  خلال  زمن الهجرة القسرية، وقدم المآوى الآمن إليهم، كما وأن العديدين من الأبخاز السوريين، شغلوا مناصب رفيعة وقيادية في الحكومة والدولة السورية، ولعبوا أدواراً هامة فيها ومن أجلها.

وفي لقاء تلفزيوني أجرته قناة “سما” الفضائية السورية، نوّه السيد غينادي غاغوليا، رئيس وزراء جمهورية أبخازيا، إلى أن بلاده بذلت كامل جهدها من أجل توفير ملجأ للأبخاز السوريين خلال سنوات الحرب في سورية، وبيّن أن شعب أبخازيا والشعب السوري هما شعب واحد، و “أننا كشعب واحد نواجه جميعاً مشكلة واحدة، فعندما بدأت الحرب في سورية، كنا أول مَن استجاب لموضوع استقبال مَن رغب من الأبخاز السوريين بمغادرة سورية، وعلى الرغم من أن عدد هؤلاء لم يكن كبيراً، إلا أنه تم استقبال كل مَن طلب منهم التوجّه إلى أبخازيا”.

ومؤخراً، تناقلت وسائل الإعلام العالمية تصريحات السيدة تاميلا فاليريفنا ميرتسخولافا، رئيسة غرفة التجارة والصناعة في جمهورية أبخازيا، والتي تحدثت فيها “عن يوم اعتراف الجمهورية العربية السورية بجمهورية أبخازيا”، في 29 أيار/ مايو العام الجاري، والذي يُقيَّم في أبخازيا على أنه “يَدخل في التاريخ الأبخازي كيوم مهم” .

وفي لقاء وكالة أنباء “أبسني بريس” مع السيدة تاميلا ميرتسخولافا، تحدثت عن “مساهمة غرفة تجارة وصناعة جمهورية أبخازيا في عملية اعتراف الجمهورية العربية السورية بالدولة الأبخازية”، وأشارت الى أن اعتراف الجمهورية العربية السورية باستقلال جمهورية أبخازيا، خطوة هامة أخرى في تعزيز موقف جمهورية أبخازيا على المستوى الدولي، وهو ثمرة العمل المُثمر والوثيق لغرفة تجارة وصناعة جمهورية أبخازيا مع الجمهورية العربية السورية.”
تعود بداية علاقات أبخازيا وسورية الى عام 2008، فقد جرت في عام 2009 عدة محاولات لتوقيع إتفاقيات تعاون ما بين أبخازيا واتحاد غرف التجارة السورية، وتستطرد السيدة ميرتسخولافا “لكن وزارة الخارجية السورية “لم تمنح الموافقة” لهذا الحدث” .
وفي حزيران/ يونيو 2014 وقّعِت أول اتفاقية تعاون أبخازية مع اتحاد المصّدرين السوري، وكذلك مع غرفة صناعة دمشق في لبنان، خلال الزيارة الرسمية لغرفة تجارة وصناعة أبخازيا إلى لبنان، وزيارة وفد الجمهورية العربية السورية الى أبخازيا لتوقيع الإتفاقية .

وفي عام 2016 وجهت غرفة تجارة وصناعة جمهورية أبخازيا دعوة لرجال الأعمال السوريين، للمشاركة في معرض على أراضي الجمهورية الأبخازية، لعرض المنتجات السورية، إلا أن الوضع العسكري الداخلي في سوريا لم يَسمح بتنفيذ هذا المشروع التعاوني .

وبرغم العقبات المستمرة قبل 2017، لم تتوقف جهود إدارة غرفة تجارة وصناعة جمهورية أبخازيا عن توثيق العلاقات مع سورية، وتمخّضت في خواتيمها عن تلقيها دعوة من إتحاد المصدرين السوري والمؤسسة العامة السورية للمعارض، لمشاركة أبخازيا في معرض دمشق الدولي، في دورته 59 في آب/ أغسطس من العام الماضي 2017 .
وفي سياقات توثيق العلاقات السورية الأبخازية، كان لافتاً رفع العَلم الأبخازي في معرض دمشق الدولي إلى جانب أعلام جميع الدول المشاركة فيه، فبرغم “كل” مشاركات غرفة تجارة وصناعة جمهورية أبخازيا في عددٍ من المعارض الدولية، إلا أن العَلم الأبخازي لم يُرفع فيها، ما يَدل على أن العلاقات السورية الأبخازية قد اكتسبت بُعداً عميقاً أفقياً وعمودياً في طبيعتها، وفي التنسيق في إطارها في مجالات أخرى عديدة، وقد أكد رئيس وزراء أبخازيا غينادي غاغوليا أن نجاح مشاركة أبخازيا في معرض دمشق الدولي 2017، والاهتمام الذي شهده الجناح الأبخازي فيه من قِبل زوار المعرض، “سيدفعنا ويُشجعنا أكثر للمشاركة في الدورة الجديدة من المعرض”.

نهنىء قيادة وشعب أبخازيا بعيدِ العَلم الأبخازي، ونتطلع الى غدِ مزدهر في العلاقات العربية الإبخازية، قائمة على قواسم مشتركة وعميقة، ومنها إنسانية وانطلاقاً من حق الشعوب في تقرير مصيرها ومستقبلها، ولتتمتع بقرارها السياسي كما يحلو لها، ومع أبخازيا لنا حليف موثوق، ومُجرَّب في السّلم وفي الحرب، وفي جبهة الحُلفاء والأصدقاء الأكثر موثوقَّية وإخلاصاً.

*#مروان_سوداح، كاتب ومتخصص بالشان #الروسي، ورئيس #رابطة_القلميين العرب الدولية #حُلفاء_روسيه  ولجنة التضامن العربية مع أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.   

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.