إعلام النعامة

SYRIA-CONFLICT-CLASHES

موقع إنباء الإخباري ـ
دمشق ـ المحامية سمر عبود:
وها نحن بعد سنتين ونصف من أزمة هتكت الأعراض ودمرت البنيان وسفكت دماء زكية، لا نزال نتخبط حول البحث عن الخبر الصحيح. ففي ظل زوبعة اقتلعت الكثير، لم نجد من ينقل الخبر بموضوعية وحرفية وشفافية، وبات إعلامنا جيفة، ومن حقنا أن نكتب اسمه في سجل الوفيات.
بات نعامة تغطي رأسها تحت التراب. وهنا يحضرني الحال في بداية الأزمة حين أطلق إعلامنا أخباراً تدعو للسخرية، وأكاد أجزم أن من أعدّ تلك الأخبار كان يبتسم حينها ….
ما هو الإعلام يا سادتي؟
إنه سلطة.  وفي ظل عصرنا اليوم، عصر المعلومة المنقولة بلمح البصر عبر شبكات التواصل، بات الإعلام ذا أهميه قصوى.
سلطة الإعلام هي كسلطه القضاء، التي لا أريد الحديث عنها، سوى أنه غالباً ما يكفي بضع ليرات في جيب الآذن أو جيب فلان حتى تحصل على حكم مخفف أو العكس، وهي ذاتها تلك الليرات كفيلة بأن لا تتم محاكمة المسؤولين، فما زلنا حتى يومنا هذا، يأتي الحل بواسطة هاتف من رقم خاص.
الإعلام سلطه كالقضاء والتشريع، كما اسلفت، فأين هي من واجباتها؟ هل أدت الدور المطلوب، أم أنها ـ دون وعي أو بوعي ـ أصبحت شريكاً لا يستهان به في دمار وسفك دماء، طالنا جميعا …
أين إعلامنا من المتسلطين الذين فشلوا في احتضان الكثيرين من المحايدين فداسهم بجبروته ؟؟
أين إعلامنا من الفاسدين الذين لم يكتفوا بجني الأموال في السلم، بل أرادوها مغمسة بالدم، فهم مجرمو حرب يقتاتون منا، من آلامنا  ومن احتياجاتنا.
مثال على هذا، ذهب بعض هؤلاء منذ بضعة أيام لقياده الجيش باكياً، ليس على المواطنين الأبرياء، بل على أملاكهم في ريف اللاذقيه، التي تدمر في غارات الطيران. وفاتهم أن هذه الأملاك أصبحت معقلاً للإرهاب ويتم تهديد وترويع السكان المساكين منها؟!!
أين الإعلام من قرارات سُنّت لكنها بقيت حبراً على ورق فلا تنفّذ، مثل محاربة الإرهاب والفاسدين؟
أين الإعلام من حقوق الجيش والمطالبة بما يستحق ذلك القابع على خط النار، مضحّياً بكل ما يملك ولا يملك، راهنا حياته فداء للوطن ؟!!
لا إدري إن كان إعلامنا قد فرضت عليه قرارات من أحدهم، تقضي بعدم بث الأخبار، والابتعاد على الشفافية والموضوعية ونقل الاخبار بشكل مغلوط عمداً، أو أنه اختار هذا النمط لتفكير خاطئ، ظناً منه انه بهذا يرفع من معنويات الشعب. وأنا أحب أن أطمئنهم، أن هذا الشعب يعرف ما لا يعرفه أحد.
استيقظوا أيها الموتى أو تنحوا جانباً ودعوا لغيركم أن يقوم بواجبه حيث فشلتم أنتم.
وهنا أمثلة لإبداع إعلامنا، فتاره نستمع في الإعلام أن عدد الإرهابيين الذين دخلوا منطقة معيّنة لا يتعدى المئات، وبعد فترة نرى على الشريط الإخباري أن القتلى من الإرهابيين بالآلاف، فكيف هذا؟
ونرى مجازر ارتكبها المسلحون بحق العسكريين والمدنيين، أمثال خان العسل وريف اللاذقية ووادي النصارى وحمص وغيرها، ويأتي الإعلام مهرولاً لينفي الأخبار، وبعد فترة يعود الإعلام ذاته ليعلّل كيف أن الهزيمة تُعدّ انتصاراً، وكيف أن الخيانة لجنود لم تصلهم مؤازرة يعد انتصاراً، وكيف أن هذا المكان ليس بتلك الأهمية، كما حدث في مطار منغ. فإن كان الأمر بهذا الشكل، فلماذا لم يُعطَ الأمر بالانسحاب؟!!!
بالأمس استنكر إعلامنا مجزرة حصلت في مصر، فهل بعد هذا النفاق نفاق، وهل بعد هذا الإهمال إهمال؟
هناك يتذكر ويسهب بالتفاصيل، وهنا ينسى أو يتناسى ويهمل ملقياً يتضحياتنا وبآلامنا في سلة المهملات.
أين إعلامنا من إلقاء الضوء على الأبطال من الجيش والمصابين، ودور الدولة في توفير دعم لهم، وزيارتهم والتكفل بكل ما يستحقون؟ فهل هم قد اتمّوا مهمتم ولم يعد لهم أي أهمية، فأُلقوا كما غيرهم، وذهب المعنيون يبحثون عن أشياء اخرى لاستثمارها؟ هل يكفي الراتب الذي يتقاضاه ابن الجيش لسد احتياجاته، أم أنه لا يكفي حتى للحد الادنى من الاحتياجات؟
الإعلام اليوم ـ وللأسف ـ لا يرقى لمواجهة الإعلام المعادي المسيّس بحسب خطه استغلت أسباب الداخل ومصالح الخارج. فإن استمر الوضع هكذا فسنواجه في الغد أزمة أخرى، فإلى اين نحن ماضون؟!!! ألم يحن وقت الاستيقاظ؟!!!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.